قبل أن يصل إلى موقع الرئاسة، شغل الدكتور محمد مرسى منصب رئيس حزب الحرية والعدالة ولم يتغير انتماء الرئيس المنتخب إلى الجماعة وحزبها خلال الفترة المنقضية من ولايته الرئاسية، لجماعة الإخوان المسلمين ولحزبها دور مؤثر فى الحكومة التى عينها رئيس الجمهورية، وبها مجموعة من الوزراء الأعضاء بالجماعة أو بالحرية والعدالة، وهناك مجموعة أخرى من الوزراء التكنوقراط غير الحزبيين الذين أحيطوا بمستشارين من الجماعة أو الحرية والعدالة. والجماعة وحزبها، وهما يقومان بمراقبة الحكومة ويخرج عنهما تقارير لتقييم الأداء، ولهما أيضاً حضور فى مستويات السلطة التنفيذية المختلفة من المحافظين إلى نوابهم ومستشاريهم، بل إن إجراءات «الأخونة» تسير على قدم وساق بتعيين أعضاء الجماعة والحزب فى المواقع التنفيذية والإدارية دون التزام بقاعدة حيادية مؤسسات وأجهزة الدولة وبمبدأ تكافؤ الفرص.
لجماعة الإخوان وحزبها سيطرة على المجلس التشريعى الحالى، مجلس الشورى، وتتحكم من ثم فى مخرجاته التشريعية والرقابية. يمرر الإخوان ما يريدون من قوانين ويمارسون من العمل الرقابى على السلطة التنفيذية ما يرونه ملائماً ويهمشون ما لا يريدون رقابة بشأنه (كدفعة المليار الأول من القرض التركى الذى تبلغ قيمته 2 مليار دولار والتى دخلت حيز النفاذ دون رقابة من المجلس التشريعى).
لجماعة الإخوان وحزبها وسائل إعلام يسيطران عليها وتدار من قبل قيادات وكوادر إخوانية للترويج لإنجازات الرئيس وسياسات الحكومة، وللدعاية لوطنية الجماعة وحزبها وتخوين المعارضين، وللتأثير على الرأى العام.
وجهة نظر الإخوان فى قضايا السياسة والمجتمع حاضرة معنا ومعبر عنها بقوة، فى الوقت الذى تفرض به قيود على الحريات الإعلامية وحرية التعبير عن الرأى للمعارضين.
جماعة الإخوان وحزبها يحكمان عبر الرئيس وعبر الحكومة وعبر مستويات السلطة التنفيذية الأخرى وعبر المجلس التشريعى وعبر وسائل التأثير فى الرأى العام. هما جماعة حاكمة وحزب حاكم وأدوات الدولة التنفيذية والتشريعية تحت سيطرتهما.
يصبح السؤال المشروع، إذن، هو لماذا يتظاهر الإخوان وهم يحكمون؟ يقولون «لتطهير السلطة القضائية»، والقضاء هو السلطة العامة الوحيدة الخارجة على سيطرتهم والتى ترفض العصف باستقلاليتها بتعيين رئيس الجمهورية للنائب العام والتى لن يأتى إصلاحها الضرورى إلا من داخلها، يقولون: «لإيقاف مهرجان البراءة لجميع رموز النظام السابق»، والمسئولية هنا لا يتحملها القضاء ولا القضاة، بل يتحملها الإخوان الحاكمون الذين لم يتبنوا برنامجاً متكاملاً للعدالة الانتقالية، ولم يفعّلوه بالأدوات التنفيذية والتشريعية للدولة لتجاوز طمس الأدلة والتحقيقات الواهية وقضايا انتهاكات حقوق الإنسان والفساد غير المعدة بدقة، يقولون «ضد الثورة المضادة»، والإخوان يعيدون إنتاج ذات التحالفات السياسية والاقتصادية لنظام مبارك ويتصالحون مع رموز النظام السابق.
الإخوان يتظاهرون لإيهام الرأى العام بالتزامهم بأهداف العدالة والحرية والديمقراطية، وهم ينقلبون عليها يومياً، يتظاهرون لكى يضغطوا على السلطة القضائية بهدف إخضاعها، ولكى يوظفوا المخزون الشعبوى فى المساحة العامة المصرية لتمرير قرارات كارثية يأخذونها، وهم يقترضون من الخارج ويزيدون من معاناة القطاعات محدودة الدخل ويرفضون فرض الضرائب على الأرباح الرأسمالية التى لا تريدها قطر، يتظاهرون للسيطرة على الشارع وقمع معارضيهم عبر استراتيجيات الإسكات والإخافة والتهديد والعنف اللفظى والجسدى.