بغض النظر عن الجدل القانونى بشأن التشكيل الثانى للجمعية التأسيسية للدستور، بعد أن قضت المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، سقطت الجمعية سياسياً ولم يعد ممكناً الإبقاء عليها، المطلوب الآن تشكيل جديد وفقاً لمعايير وضوابط واضحة تخرج الجمعية من المحاصصة الحزبية، ومن تهميش قطاعات المجتمع بتنوعاتها الفكرية ومن غياب التمثيل المتوازن للمرأة والمسيحيين والشباب، ومن محدودية الكفاءة القانونية والسياسية، وجميع هذه الخطايا ارتكبت فى التشكيلين السابقين.
وظنى أن الحل يكمن فى قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبعد أن عادت إليه سلطة التشريع، بتشكيل الجمعية خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك فى ضوء الخطوط العريضة التالية:
١. الابتعاد عن تمثيل الأحزاب السياسية كحل وحيد لقطع الطريق على المحاصصة الحزبية وتجدد الخلافات بين معسكرى الإسلام السياسى والدولة المدنية.
٢. تمثيل المدارس الفكرية والقانونية والسياسية الحاضرة بالمجتمع المصرى، من خلال تعيين شخصيات عامة مدافعة عنها بالجمعية التأسيسية ومبدعين يتبنونها. هنا سنكون مع ممثلين للإسلام السياسى والليبرالية واليسار من خارج السياق الحزبى، ومع فقهاء دستوريين وخبراء قانونيين ينتمون لمدارس متنوعة، ومع مفكرين ومثقفين ومبدعين ذوى قناعات متعددة.
٣. تمثيل قطاعات المجتمع المهنية من خلال النقابات والاتحادات النوعية وكذلك تمثيل منظمات المجتمع المدنى، خاصة المدافعين عن حقوق الإنسان. والهدف من هذا تجاوز احتكار التشكيلين السابقين للجمعية من قبل الأحزاب، وإدخال قوى مجتمعية تستطيع أن تبنى توافقاً حقيقياً وهى تناقش الدستور.
٤. تمثيل المرأة والمصريين المسيحيين والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة على نحو يقرب المصريات من الشخصيات الفكرية والقانونية والسياسية من نصف مقاعد الجمعية الجديدة، والمسيحيين من ١٥ بالمائة، والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة من ١٠ بالمائة.
٥. تمثيل مؤسسات الدولة، هنا الأزهر والكنائس والهيئات القضائية والسلطة التنفيذية (ممثل لرئيس الجمهورية المنتخب) والقوات المسلحة والشرطة، فى حدود ٥ بالمائة من المقاعد.
٦. أن يتراوح عدد أعضاء الجمعية الجديدة بين ٥٠ و٧٠ عضواً، وبهذا ننحو بها باتجاه اللجنة العظيمة التى أعدت مشروع دستور ١٩٥٤ ونتخلص من أزمات العدد الكبير نسبياً من الأعضاء وصراعات القوى والمنظمات المرتبطة به (كما شاهدنا فى التشكيلين الأول والثانى).
٦. أن تعمل الجمعية بشفافية كاملة وتتواصل مع المجتمع بأحزابه وقطاعاته وفئاته وجامعاته وإعلامه بصورة منظمة، وأن تعقد جلسات استماع فى جميع أرجاء الجمهورية لبناء توافق حول الدستور الجديد، ولتلقى مقترحات المواطنات والمواطنين.
٧. أن تكون الأغلبية المرجحة لتمرير نصوص الدستور الجديد وفى كل إجراءات الجمعية هى أغلبية الثلثين أو أغلبية ٧٥ بالمائة، كما فعلت دول أخرى كثيرة.
٨. أن يعرض مشروع الدستور الجديد على المحكمة الدستورية العليا قبل التصويت النهائى عليه، وأن تؤخذ تحفظات المحكمة الدستورية فى الاعتبار وتعدل المواد التى تعترض عليها.
٩. أن يتم الانتهاء من الدستور ويعرض على المواطنات والمواطنين فى استفتاء عام، قبل إجراء الانتخابات البرلمانية مجدداً.