دورنا أن نرشد وليس أن نقرر.. ندعم صاحب القرار وليس أن نضغط عليه.. ودعمه يكون عند الضرورة بتوسيع دائرة الاختيار ووضع الرؤى إلى جانب الرؤى دون تحرج طالما الهدف العام هو القصد والمقصد.. وربما تحتاج مصر اليوم أو غداً إلى رئيس حكومة جديد سيضطر الرئيس السيسى إلى طرح اسمه على البرلمان للموافقة عليه، كما يقول الدستور، وفى السطور التالية نحاول أن نمارس دورنا فى توسيع الدائرة المشار إليها واختيار عدة أسماء، ليست بالطبع على سبيل الحصر، فربما بقيت الحكومة الحالية وبما يسمح لنا لاحقاً أن نقدم مجموعة أخرى من الشخصيات القادرة تماماً على العطاء، ولكن وفق أسس موضوعية وعلمية بل وعملية تشهد بها «سابقة أعمال» كما يقولون!
هذه الأسس العلمية والموضوعية هى قدرة الأسماء التالية على الخيال والإبداع فى مناصبهم التى يتولونها حالياً وقدرتهم الفذة على القفز بمستوى الأداء فيها بشكل غير مسبوق ووفق الإمكانيات المتاحة التى تيسرت لغيرهم ممن سبقوهم أو لغيرهم فى مؤسسات ومواقع موازية، وكانت المقارنة لمصلحتهم بشكل لافت.. الأسماء التالية نقلت مؤسساتها إلى منطقة أداء مختلفة وبالتالى سيكون لهم القدرة إن تولوا مواقع أخرى أن ينقلوها أيضاً إلى مناطق أداء مختلفة وجيدة بطبيعة الحال، الأسماء التالية اختصرت فى مواقعها وقتاً طويلاً وفرته فى أداء نموذجى لبلدها ولشعبها، ولأننا نتحدث وفق معايير موضوعية، فينبغى أن يكون أولهم هو أسبقهم لتولى المسئولية، وبهذا المعيار يكون اللواء أبوبكر الجندى رئيس جهاز التعبئة العامة والإحصاء أول من نتناول أداءه فى مهمته الوطنية، وإدارة واحد من أهم الأجهزة شديدة الحساسية فى مصر، تعامل مباشرة مع أحشاء مصر بكل تفاصيلها، من مواليدها ووفياتها إلى كل تجارتها وصناعتها ووحداتها التجارية والصناعية وأنواعها وعمالها وموظفيها وأفرعها وصادراتها ووارداتها وتعاملاتها والخارجين إلى المعاش والمعتمدين الجدد فى الوظائف العامة بل والخاصة وحجم إنتاج أرضها من الفواكه والخضراوات وأسعارها الدورية وحجم زياداتها وحجم الانخفاض والتراجع فيها ومن منطقة لأخرى ومستوى الاحتياطى النقدى ودلالاته ومقارناته مع العملات الأخرى، وحصر شرائح وفئات المجتمع ونقاباته وهيئاته من وزاراته ومحافظاته وهيئاته العامة ومؤسساته الوسطى والدنيا وكذلك القطاع الخاص وعلاقاته البينية وتداخلاته، ثم يتحول كل ذلك إلى أرقام تكون كاشفة ومرشدة لصاحب القرار، وصاحب القرار هنا يبدأ من القيادة السياسية وما يليها من مسئولين حكوميين إلى أصحاب الأعمال الخاصة ممن يستفيدون من بيانات الاقتصاد والتجارة، وفى كل ذلك لم يقدم اللواء الجندى أداء فريداً فحسب، وإنما ارتقى بالأداء إلى مستوى الأجهزة العالمية الموازية، التى توفرت لها إمكانيات كبيرة وسبقتنا إلى تكنولوجيا الحاسبات الحديثة، وتفوق أيضاً على الكثير منها وسبقها فى التصنيف الدولى وأى معلومات وظيفية عن الجهاز سنكتشف أن التفوق التعليمى شرط التعيين فى الجهاز، حتى إن نسبة كبيرة من المتعينين فى السنوات الأخيرة من أوائل الجامعات وعدد كبير من الموظفين يدرسون للحصول على شهادات الماجستير والدكتوراه، كما أنه لا يمر يوم على الجهاز إلا ومبتعثون للخارج ذاهبون أو دورات محلية للارتقاء بمستوى الموظفين ممن ساقتهم القوى العاملة إلى الجهاز فى سنوات سابقة، كما أن مستوى التعامل مع علوم الحاسبات والإحصاء مبهرة، وعدد كبير من الأرقام اليومية التى نراها صادرة من هيئات ومؤسسات مهمة كالبنك المركزى هى فى الأصل من «إنتاج» الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء!
بينما يمكن القول إن الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن، لم تقبل على نفسها أن تؤدى فى وزارتها أداء وظيفياً تقليدياً كمن سبقوها، لم تعد وزارة التضامن «صراف» معاشات مصر، ولم تعد وزارة لمعونة الشتاء أو لطوابير اليتامى والمطلقات، بل استعرضت واستطالت فى أداء الوزارة لتكون مسئولة عن مشروع شامل للتنمية البشرية يمتد من مكافحة المخدرات إلى توفير السلع والخدمات لعشرات الآلاف من المحتاجين فى رمضان من كل عام، وما بينهما من خدمات اجتماعية هائلة، لعل أشهرها برنامج تكافل وكرامة، الذى لا يعرف الكثيرون أنه لا يقدم أموالاً للأسر الفقيرة فحسب، وإنما يقدم لها خدمات صحية وتوعوية شاملة، من خلال الكارت الصحى للعلاج ومن خلال دورات لربات البيوت كل ثلاثة أشهر، وفى مضمون البرنامج الحرص على تعليم الأبناء وعدم تسربهم منه، أما عملها مع الجمعيات الخيرية ورعاية القرى الأكثر فقراً وتقديم رعاية فائقة للأطفال فى دور الأيتام والمسنين فى دورهم، وتوسع الأمر إلى مئات الحالات ممن ضاقت بهم بيوتهم وبيوت أهلهم فسكنوا الشوارع!
الدكتورة غادة والى التى تعاملت مع كل هذه الملفات وغيرها بما لا يمر معه يوم إلا وهناك فعالية أو أكثر فى ديوان الوزارة أو خارجه تسبب فى مهاجمتها ممن يتربصون بأصحاب الأداء الجيد فى الحكومة المصرية، ضمن استهداف متعمد لإفشال كل ناجح إلا أنها ترد بمزيد من العمل وبغير دعم رغم أنها تستحقه من وسائل الإعلام!
بينما استطاع الدكتور جابر نصار أن يحطم كل أسوار البيروقراطية التى أحاطت وحاصرت الأداء السابق لكل المسئولين السابقين عن الجامعة حتى نراه يقدم مثالاً للمجتمع كله وبدرجة ليس ملزماً بها، مثل خانة الديانة فى أوراق المتعاملين مع الجامعة والاتصال الدائم مع الطلبة من خلال أدوات حوار فعالة، جعلت من التظاهر وسيلة قديمة ومتخلفة للتفاهم، كما أن أركان الجامعة تضىء يومياً بندوات ولقاءات وفعاليات فى كل اتجاه وعلى كل المستويات والأنشطة، ولم يكن البعد الاجتماعى غائباً بل ربما يكون قد بدأ به، فلا يعانى الطلبة بجامعة القاهرة من مشاكل الكتاب الجامعى أو مصاريف الدراسة، وصار فضلاً عن ذلك رموز التنوير فى مصر رموز الجامعة، ولم تعد أسماء قادة التطرف فى صدارة المشهد، ولذلك لم يهتم بالجانب الترفيهى فقط كما فعل غيره، والنتيجة قفزة هائلة فى ترتيب جامعة القاهرة عالمياً تقدم بها بما يقرب من ثمانمائة ترتيب حتة واحدة وفى الوقت نفسة يوفر من ميزانية الجامعة وليس العكس!
جامعة القاهرة بإدارة الدكتور نصار تحولت إلى مجتمع متميز له خصائصه وباتت الجامعة مكاناً للعلم والوعى بعد أن كانت فى بعض أوقاتها مكاناً للشغب والتوتر وتصدير المشاكل، وهو فى كل ذلك يقدم نموذجاً بديعاً فى الإدارة!
النماذج السابقة كلها أبدعت فى الإدارة ولم ترتكن للروتين ولم تحتج بالإمكانيات الضعيفة والبسيطة، ولم تتحجج بها وأداؤها يتجاوز المطلوب والمتوقع، وليس فقط يؤدون واجبهم المطلوب وإلا لكان ما يقدمونه طبيعياً ومنطقياً، وهم والقائمة التى ستليهم يستحق أداؤهم مقالات طويلة لرصد تفاصيل إنجازاتهم جميعاً فى انتصار على الواقع يؤكد قدرتهم على تكرار الانتصار فى أماكن ومسئوليات أخرى!