خبراء: التقارب التركى الروسى وانتصار حلب يهمشان الدور «السعودى القطرى»
الملك سلمان خلال زيارته قطر
تسود توقعات بتغير مواقف السعودية وقطر من الأزمة السورية بعد تراجع نفوذ الجماعات المعارضة المسلحة التى كانت تعول عليها الدولتان لإسقاط نظام «الأسد» فى سوريا، بعد خسارتهم معركة «حلب» التى سيطر عليها الجيش السورى وحلفاؤه مؤخراً، حيث يتساءل المتابعون عن مستقبل الموقفين السعودى والقطرى، بعد أن تراجعت تركيا عن مواقفها السابقة من الرئيس السورى ودخولها فى تفاهمات مع روسيا وإيران لحلحلة الأزمة سياسياً من خلال لقاء «أستانة» المرتقب برعاية الدول الثلاث.
هانى الأعصر، الباحث فى الشئون الأمنية، قال لـ«الوطن»: «إن دور السعودية سيتعرض للتهميش فى العديد من الملفات الإقليمية، خاصة بعد التفاهم الروسى التركى»، موضحاً أن «المملكة تعاملت فى العديد من الملفات الإقليمية من منطلق الصراع مع إيران، فيما استطاعت روسيا أن تفتت التحالف الذى يقف ضد النظام السورى».
«الأعصر»: تراجع الموقف السعودى يخفف الخلاف مع مصر.. ومصدر سعودى: تغير أولويات تركيا همّش الدور العربى
وتابع «الأعصر»: «التحركات الروسية والتفاهمات مع إيران وتركيا تفسر الموقف الروسى وعدم التصعيد بعد مقتل السفير الروسى وإسقاط الطائرة من قبلها، حيث يبدو أن بوتين كان يراهن على التفاهمات من أجل تفتيت التحالف الذى يعمل ضده فى سوريا، كما أن المعطيات الراهنة أثبتت أن التحالف السعودى التركى كان مرحلياً ومؤقتاً وفى ملف معين وهو الشأن السورى، وهو ما لا يمكن التعويل عليه ليكون تحالفاً شاملاً، حيث أدرك أردوغان أن تحوله ناحية روسيا سيكون فى صالح العديد من الملفات الإقليمية والدولية، فضلاً عن تعزيز مصالح بلاده الاقتصادية، ولن تقتصر على الملف السورى حال استمراره فى تحالفه وتبنيه للمواقف السعودية، وذلك يأتى أيضاً مع قراءة أردوغانية دقيقة لتوجهات الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، ورؤيته التعاونية إزاء الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ويصب هذا بشكل مباشر فى المحصلة الأخيرة فى الإضرار بالمصالح السعودية فضلاً عن التحرك ضدها على الأرض فى سوريا حتى لو دون قصد من جانب تركيا».
واعتبر «الأعصر» أن هناك تحولاً فى المواقف السعودية من سوريا بدأ يطرأ ويظهر للعلن، من خلال تصريحات كبار المسئولين والدبلوماسيين السعوديين عن «الحل السياسى» وهو ما يتناقض مع الموقف السعودى السابق الذى كان يصر على ضرورة «رحيل الأسد»، وهو ما يؤشر على التسليم بالأمر الواقع، ويفضى بطبيعة الحال إلى تقليص الدور السعودى على الأرض، وتقليص أطراف الأزمة السورية. وقال «الأعصر» إن تراجع حدة الموقفين السعودى والقطرى يمكن أن يخلق فرصة لتقليل حدة الخلاف المصرى السعودى حول الأزمة السورية، فضلاً عن تقليص أطراف الصراع، ولكن مدى إسهام ذلك فى مزيد من التحسن فى العلاقات بين القاهرة والرياض سيعتمد على مدى الاستجابة المصرية للتقارب السعودى مع الموقف المصرى.
وتوقع الباحث أن تحاول السعودية وقطر الاستفادة من السياق الجديد للأزمة السورية من إعادة تعريف المصالح مع تركيا، والتعامل مع الموقف الجديد بما يسهم فى استمرار نفوذهم فى القضية السورية ولكن «الظروف الدولية والسياق الإقليمى تقول إن موقفهم سيكون ضعيفاً، وسيكون هناك تسويات جزئية وخاصة لتقليص أطراف الصراع، ولكن القوى الغربية لن تسمح بتسويات شاملة فى سوريا والعراق حيث يعتبر كلا الملفين موطئ قدم لهم ولن يضحوا بهذا النفوذ والمصالح وتجارة السلاح».
من جانبه، اعتبر مصدر سعودى مسئول أن التفاهمات الروسية التركية، وليس معركة «حلب»، هى التى همشت الدور العربى فى سوريا، بما فيها دور المملكة العربية السعودية ومن ورائها دولة قطر. وأضاف المصدر، الذى فضل عدم نشر اسمه: «التفاهمات التركية والروسية والإيرانية الأخيرة فيما يخص الملف السورى همشت الدور العربى والغربى والأمريكى أيضاً، حيث أكدت هذه التفاهمات وجود تغيير فى الموقف التركى وتحول فى الأولويات التركية، نظراً للبراجماتية التى تتعامل بها أنقرة، حيث صارت الأولوية هى محاربة داعش والوجود الكردى وليس تغيير النظام السورى أو إسقاط الرئيس بشار الأسد».
وتابع: «والمعروف أن بقية الموقف العربى كان غائباً، وتهميشه تحصيل حاصل وأمر كان متوقعاً، خاصة أن دور الجامعة العربية كان معطلاً بعد أن توجهت الدول العربية منذ بداية الأزمة للمنظمات الدولية مثل مجلس الأمن والأمم المتحدة، وأيضاً التغيير الحاصل فى الموقف التركى يؤكد أن ميزان القوى على الأرض يميل لصالح المعسكر الإيرانى والروسى وليس لصالح المعسكر العربى والغربى».
وقال المعارض السورى عادل الحلوانى، ممثل «الائتلاف السورى» فى القاهرة، لـ«الوطن»: «إن تهميش دور السعودية والعرب عامة فى الأزمة السورية جاء نتيجة غيابهم عن الأزمة فى بدايتها، وترك الساحة للأدوار الإقليمية متمثلة فى دور تركيا وإيران وروسيا وغيرها»، مضيفاً: «لا أعتقد أن عدم حضور السعودية لقاءات موسكو بين روسيا وإيران وتركيا يعنى تهميش دورها، ولكن يبدو أنه كان هناك مسائل متفق عليها بخصوص اجتماع «أستانة»، وهو تحضيرى ولكن اجتماع المعارضة الحقيقى سيكون فى جنيف»، معتبراً أن إيران ودمشق ضد هذا الاجتماع لأنهم يريدون الحسم العسكرى، ووقف إطلاق النار يعرقلهم، ويريدون الحسم العسكرى والانتقام.
واعتبر «الحلوانى» أن «هناك خلافات بين الجانبين الروسى والتركى وليس هناك تطابق فى المواقف، خاصة إزاء مشاركة الاتحاد الديمقراطى الكردى الذى تعتبره تركيا طرفاً معارضاً، بينما تدعم روسيا استقلاله»، مضيفاً: «يبدو أن الموقف السعودى تراجع، لكننا نريد أن يكون العرب حاضرين، خاصة مصر والسعودية، وخاصة أن الأزمة السورية أزمة عربية ويجب أن يكون حلها عربياً، وليس روسياً أو تركياً».