هناك خطوط حمراء يتعين على من يمارس العمل العام أو يتورط فى الحياة السياسية الابتعاد التام عنها، إن كان يستهدف تحقيق الصالح العام وبناء الديمقراطية.
الخط الأحمر الأول هو الخروج على القانون أو الانزلاق إلى ممارسات غير شرعية، إن فى الحياة العامة أو الخاصة. يخسر السياسى مصداقيته وثقة الناس به إن خرج على القانون باستغلال المنصب العام أو النفوذ للتربح الشخصى أو الأسرى أو للموالين والمحاسيب. يخسر السياسى مصداقيته وثقة الناس به إن تهرب من الضرائب، والتهرب هذا يعد جريمة الجرائم لممارسى العمل العام والسياسيين فى الكثير من المجتمعات الغربية، أو تورط مثلا فى العنف المنزلى، ضد الزوجة أو الأطفال أو العمالة المنزلية.
الخط الأحمر الثانى هو ابتعاد السياسى عن الشفافية والوقوع فى جرم الاستعلاء على الرأى العام، بإهمال تقديم كشف حساب دورى عن تفاصيل العمل والمبادرات ونتائجها. فمن حق المواطنات والمواطنين الحصول على معلومات كافية من السياسيين، حكما ومعارضة. ومن حق الناخبات والناخبين أن يؤخذ برأيهم على نحو دورى من قبل نوابهم البرلمانيين ومن قبل أعضاء السلطة التنفيذية المنتخبين، أى رئيس الجمهورية فى النظم الرئاسية ورئيس الوزراء والوزراء فى النظم البرلمانية.
الخط الأحمر الثالث هو التورط فى أفعال أو ممارسات تتناقض مع الدفاع عن الحقوق والحريات وتبتعد جذريا عن القيم والإجراءات الديمقراطية. يفقد السياسى المتبنى للحرية مصداقيته وثقة الناس به حين يتخلى عن مبادئه ويتعقب، على سبيل المثال، صحفيين أو إعلاميين أو مشاركين على مواقع التواصل الاجتماعى حين يتجاوزون بحقه، عمله العام أو حياته الشخصية. يفقد السياسى الداعى إلى الديمقراطية مصداقيته حين يشترك فى تمرير قوانين تقمع حرية التعبير عن الرأى أو حين، ولأسباب ترتبط بحسابات حزبية أو شخصية ضيقة، يساوم على الطبيعة المدنية للدولة ويرفض الخلط بين الشأن الدينى والشأن السياسى. فكم كان صادما أن يطالب نواب الأحزاب والقوى المدنية بمجلس الشورى بعرض قانون الصكوك الإسلامية على هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بهدف تعطيل القانون، عوضا عن التمسك برفض الخلط بين الدين والسياسة ورفض ولاية المؤسسة الدينية على المشرع.