■ مخطئ من يظن أن أزمة الدواء فى بلادى أزمة عابرة يُصلح من شأنها قرارات حكومية مبتورة لرفع ثمن الدواء المباع بنسب تتراوح بين 30-50% حسب المقترحات المنشورة مؤخراً، فتلك ليست المرة الأولى التى تتصدى فيها الحكومة ووزارة صحتها لرفع ثمن الدواء، حيث كان لها قرار مشابه فى شهر مايو 2016 بزيادة ثمن الدواء الذى يقل سعره عن 30 جنيهاً بنسبة 20%، تاركة للصيدليات طرق التسعير العشوائى ليطبق بعضها -فى غياب ضمير مهنى ومجتمعى- الزيادة على الشريط لا على العلبة ككل، لتعاود وزارة الصحة وقف الفكرة وتعلن زيادة محددة بعد أن فعلت الصيدليات ما تريد فى غياب رقابة صارخة لسلعة ليس لها بديل ولا يمكن الاستغناء عنها بمنطق أن الدواء ليس رفاهية، ولذا أتوقف أمام أزمة الدواء، لأرى أن الصورة المتكاملة لها تقول بوجود ارتفاع فى سعر الدولار يؤثر على استيراد المادة الفعالة، وشركات لا تقبل بالاقتراب من نسب أرباحها، وصيدليات ترفض الاقتراب من هامش ربحها، وحكومة لا تعرف أسس اتخاذ القرار طبياً واقتصادياً، ومريض يدفع الثمن، فهل من منقذ بعيداً عن فكرة سلوك المواطن فى تخزين الدواء؟
■ مخطئ من يظن أن الإعلام رفاهية، وأن تركه فى يد «عكاشة» -أياً كان عكاشة- والتعامل معه بمنطق شركات الإعلان وثروات رجال الأعمال الذين يظهرون كواجهة لبعض القنوات، كافياً لحماية عقل المواطن ووعيه فى زمن أعلناه منذ سنوات بزمن حروب الجيل الرابع، التى تتعامل فى تسييح الوعى لا تسييح الدم، فالإعلام يا سادة سلاح الدولة لحماية وعى مواطنيها لا بالسيطرة عليه، كما قد يظن البعض أو بتوجيههم فى اتجاه ما، ولكنها الحماية التى تسير برؤية وضع تصور لما نسعى له من منتج بشرى خلقاً ووعياً وفكراً وأسلوب نقد يسعى للإصلاح لا للهدم. وعليه يكون الإعلام رؤية متكاملة لبرامج السياسة والدين والترفيه والأطفال والدراما والتعليم والتثقيف، لتكون الدولة مدركة لما عليها القيام به وما تسعى لحمايته بدلاً من تركه فى يد الهواة أو الحواة، وكلاهما مميت للوعى البشرى طالما تحركهم المصالح الذاتية أياً كان اتجاهها، فهل من منقذ للوعى والخلق والفكر؟
■ مخطئ من يظن أن إصلاح التعليم فى بلادى يبدأ وينتهى بمنهج فما فائدة أعظم مناهج العالم وأكثرها تقدماً أمام معلم فاقد لآليات التدريس والتربية والتواصل مع طلابه فى مختلف المراحل؟ قامت نهضة اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية على يد المعلمين بعد أن انهارت كل مقومات بناء الدولة فى كلا البلدين. أدركت اليابان أن الإنسان هو رأسمالها الحقيقى، ولذا أدركت أن تطويره وتنميته فى يد المدرس الذى سيمنحها عاملاً وقاضياً ومهندساً وطبيباً ومحامياً ماهراً، فكان قرارها منح المدرس مكانة الإمبراطور وراتب رئيس الوزراء. قلتها منذ سنوات وسأظل أكررها المعلم هو أساس التعليم ونهضته فى بلادى وعلينا الالتفات لذلك والتركيز عليه. لا لمنح أبنائنا تعليماً باتوا يستحقونه فى زمن لا يعترف إلا بالكفاءات وحسب، ولكن لحماية عقولهم من غسيل باتوا يتعرضون له ليل نهار فى الإعلام والشارع والإنترنت دون أن تكون لديهم القدرة على مواجهته بفكر ناقد أو عقل محلل للمعلومات المفروضة عليهم، فهل من منقذ لعقول ستدير المستقبل بعيداً عن تعدد الاختصاصات التعليمية التى لا يمكن الاعتماد عليها فى اتخاذ قرار موحد يعبر عن رؤية جادة لتطوير التعليم؟ وهل من الممكن اعتماد 2017 عاماً للمعلم ننهض به تدريباً فى التعليم والخلق والراتب؟
■ مخطئ من يظن أن مصر رفاهية فى التاريخ والحاضر والمستقبل يمكن اعتماد وجودها أو تجاهله حسب المصالح أو التوافقات. ستظل بلادى عمود الخيمة العربية، ووتدها ومحرك الأمل والانتصار والأمن بها.. لا بحجم ما تمتلكه من موارد، ولكن بما لديها من رؤية لا تبحث فيها عن مصلحتها بمفردها.