الصديق والسند
داليا يوسف
لا يوجد فى الدنيا أفضل من أن يرزقك الله بزوج خلوق.. يمنحك من الحب ما تريد.. ولا يبخل عليك بالعطاء يوماً.. وكنت من المحظوظات بأن وهبنى الله زوجاً به هذه الصفات.. رجل بمعنى الكلمة، يقف بجوارك وقتما تريده، يقدم لك النصيحة التى أنت بحاجة إليها، ويعينك على تخطى الصعاب، كان ارتباطنا عصياً.. فرغم أنه ابن عمى، فإن أبى كان له رأى آخر، متعلقاً بمهنة «إيهاب» كضابط فى الشرطة، وطبيعة المهنة التى تفرضها على العاملين فيها، من وجهة نظر أبى الذى كان يعمل فى سفيراً بالخارجية المصرية، فأبى رجل دبلوماسى من الطراز الأول، وابن عمى شرطى، وتخوف أبى من أن يتطبع زوجى بطباع المهنة وأن يتسم بالعنف والحسم لكننى تمسكت به، وكان لتمسكى عين الصواب، إذ إنه صار السند والداعم لى، فى ظل غياب أسرتى، التى فرضت عليها طبيعة عمل أبى السفر خارج البلاد والإقامة بعيداً عنى، ليصبح «إيهاب» هو العائلة والزوج والصديق. لم يكن «إيهاب» رجلاً شرقياً معقداً، يعيق تقدم المرأة وعملها، بل كان منفتحاً يدفعنى للأمام ويقوينى على التحدى، أتذكر حين عملت فى السفارة الأمريكية مساعداً لسفير أمريكا للبروتوكول، كانت طبيعة مهنتى تفرض علىّ التأخر ليلاً فى بعض الأوقات، فكان هو السند والظهر لى ولأسرتنا الصغيرة، إذ كان يحرص على متابعة البنتين، وتقديم الرعاية لهما فى غيابى، وفى بعض الأحيان كان يحصل على إجازة من العمل من أجل البقاء مع صغيرتينا والعمل على راحتهما، كان يضعنى فى مرتبة الصديقة قبل الزوجة، فلا يمكنه أن يتخذ قراراً بمفرده بل كان يسعى لمشاركتى كافة القرارات كبيرة كانت أم صغيرة. حين فكر فى الاستقالة من عمله الشرطى بوزارة الداخلية لم يأخذ رأياً غير رأيى، ودعمته فى قراره ليترك الوزارة ويبدأ العمل فى القطاع الخاص، بعدها صار يملك عمله الخاص وهى الشركة التى أسسناها معاً والخاصة بالحراسة والأمن، والتى كانت باباً للرزق علينا جميعاً، لم يبخل زوجى يوماً علينا بوقته ولا بماله، وحتى بالفرص التى كان يراها جيدة لى كان يدفعنى إليها بكل حب ويدعمنى بكل ثقة وكان آخرها حين طلب منى الترشح على قائمة فى حب مصر فى محافظة المنوفية، وقتها كنت فى غاية التردد لكنه دعمنى وشجعنى على اتخاذ الخطوة، ولا أنكر فضله الذى يزداد يوماً بعد يوم، فمنذ التحقت بالعمل العام وصارت حياتى مملوءة بالتفاصيل الكثيرة، التى تحتاج منى تركيزاً مضاعفاً، فأجده سنداً لى، يدعمنى فى الصغيرة قبل الكبيرة.
أرى أن دوره الذى لعبه معى يكرره مرة أخرى مع ابنتينا ميادة وميار، فيساعدهما فى اتخاذ القرارات المصيرية ويحاول أن يدعمهما لمواجهة الصعاب التى تمران بها.