يحتاج الأمر فى كثير من الأحيان أن تمتلك نظرة أكثر حيادية.. أن تبتعد عن المشهد قليلاً كى ترى كل شىء أكثر وضوحاً.. فالاقتراب قد يفقدك العديد من التفاصيل التى لا تراها عيناك من منظورها الضيق!
الأمر ينطبق هذه المرة على حوار الدكتور محمد البرادعى مع إحدى القنوات التليفزيونية.. ذلك الحوار الذى سبقه العديد من التنويهات والإعلانات التى جعلت منه نجماً إعلامياً.. والتى جعلت الجميع فى انتظاره بشغف شديد!
فى البداية ينبغى أن أؤكد أن أى محاولة لتهميش أو الاستهتار بما ينطق به الدكتور محمد البرادعى نائب رئيس الجمهورية الأسبق لهو عبث وعدم تقدير للمواقف بصورة جيدة.. لقد خرج «البوب» كما يلقبه أتباعه عن صمته.. وهو حدث ينبغى أن يأخذ قدره من الاهتمام حتى وإن كنت ضده على طول الخط!
ولكن البداية لا ينبغى أن تكون فى الحوار نفسه.. وإنما ينبغى أن تسبقه ببعض الأسئلة التى يجب أن تجد لها إجابة مقنعة فى وجدانك.. قبل أن تستمر فى مشاهدة الحوار الذى سيتم بثه على حلقات أسبوعية!
السؤال الأول والأهم فى هذا الحوار حول توقيته.. لماذا يتحدث «البرادعى» الآن تحديداً؟!.. لماذا انتظر ثلاث سنوات كاملة قبل أن يقرر الخروج عن صمته ويجرى حواراً شاملاً؟
الحقيقة أن الإجابة التى منحها لنا هو نفسه فى مستهل الحوار رداً على ذلك التساؤل من المذيع الذى يحاوره لم تقنعنى.. بل وربما لم تقنع أحداً..
لقد صرح «البرادعى» بأن توقيت الحوار لم يكن مقصوداً هذه المرة.. وأنه تحدث عندما أتيحت له الفرصة!! منذ أكثر من شهرين خرج «البرادعى» عن صمته أيضاً.. وكتب بياناً مطولاً على شبكة التواصل الاجتماعى أقل ما يقال عنه وقتها أنه عجيب.. بيان يحاول فيه أن ينفض يده من فض رابعة تحديداً.. لقد كان هذا قبل الحادى عشر من نوفمبر بأيام قليلة..! فهل كان التوقيت السابق صدفة أيضاً؟!
ثم يأتى السؤال الثانى الذى لا يقل أهمية فى نظرى.. وهو سبب اختياره لتلك القناة تحديداً للظهور؟! سيدعى البعض من مريديه أن تقييد الإعلام المصرى هو السبب.. وأنه لن يتمكن من الظهور فى قناة مصرية أبداً.. فإذا سلمت معه بتلك الفرضية -على الرغم من تحفظى عليها- فهل رفضت قنوات أخرى تحمل جنسيات متعددة ظهوره فيها ليختار قناة يعرف الجميع تمويلها الإخوانى؟!
لقد كان بمقدوره أن يظهر مع قنوات متعددة تتبع شبكات إعلامية دولية.. وتبث برامجها باللغة العربية.. بل وتملك جمهوراً داخل مصر لا بأس به اكتسبته من بعض الإعلاميين من ذوى الشعبية الذين يعملون بها ويقدمون برامجهم من خلالها.. ولكن الحقيقة أن ظهوره على تلك القناة تحديداً لا أملك له إجابة تحمل أى نوع من حسن النية!!
المشكلة أن هناك من يتعامل مع ذلك الظهور بسذاجة بالغة.. فيرد عليه بإذاعة تسجيل لمكالمات شخصية بينه وبين شخصيات عامة إبان الثورة وما بعدها.. والحقيقة أنه بصرف النظر عن فحوى المكالمات.. فلا أملك تعبيراً يمكننى أن أصف به هذا الفعل الذى يعاقب عليه القانون إلا أنه تصرف صبيانى لا يليق! لقد قرر الدكتور محمد البرادعى أن يعيد تقديم نفسه للشارع المصرى من نافذة إخوانية.. وقرر أيضاً أن يظهر كثيراً.. حتى إن حواره سيبث على حلقات أسبوعية.. بدأت هذا الأسبوع وستستمر لشهر أو يزيد.. لقد قرر الراهب أن يخرج من خلف الشاشة الإلكترونية ليظهر أمام شاشة التليفزيون متحدثاً عن نفسه أكثر مما يتحدث عن السياسة!!
فهل يحمل أطماعاً فى وجود سياسى جديد؟..
هل يتم تحضيره ليكون مرشح الجماعة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة؟!