حين يصبح الهروب حلاً
حين يصبح الهروب حلاً
لم تعد ندى عمر قادرة على مواجهة المشكلات المحيطة بها، التى تستنفد طاقتها الداخلية منذ أكثر من عام، حتى صار الهروب من حياتها والركض للعيش فى مكان آخر، أفضل حل بالنسبة لها، رغم إيمانها الدفين بأنها ليست على صواب. تعانى «ندى» من زيادة الضغوط فى العمل منذ ما يزيد على عام، حيث تعمل كسكرتيرة بأحد المكاتب العقارية، خاصة مع وجود خلافات مع رئيسها فى العمل، خاصة مع ارتفاع الأسعار بشكل ضخم، ما جعلها غير قادرة على تحصيل النسبة المطلوبة منها، بالإضافة إلى ضعف راتبها فى الوقت ذاته، فضلاً عن زيادة حدة مشكلاتها مع أصدقائها بالعمل، فلم تعد تشعر بالارتياح فيه مطلقاً، وتفكر جدياً فى تركه. وفى المنزل، تواجه الفتاة، التى أشرفت على الثلاثين عاماً، مشاكل خفية تجعلها تشعر بما وصفته بـ«استهلاك الروح»، لشعورها بوجود نظرات بين الشفقة والحزن والضيق من والديها وأشقائها لعدم زواجها حتى الآن، ما تسبب فى ارتفاع حدة الخلاف، وهو ما ولَّد داخلها رغبة شديدة فى قضاء فترات طويلة خارج المنزل سواء بمفردها أو مع أصدقاء الطفولة.
لم تسلم الحالة النفسية للفتاة العشرينية من السوء بسبب ارتباطها العاطفى غير المستقر، حيث تتأرجح علاقتها مع حبيبها بين الخلافات والاستقرار بشكل متكرر يغلب عليه الانفصال لفترات طويلة، ما يجعلها غير قادرة على التقدم فى حياتها العاطفية والارتباط بآخر أو الزواج منه. مع تراكم المشاكل، أصبحت ترغب فى حياة جديدة مستقلة عن ذويها رغم معرفتها بعدم صحة ذلك التفكير.
ليست «ندى» الوحيدة التى تمر بتلك الحالة الشديدة من الإحباط، فى رأى شيرين عبدالعزيز، خبيرة التنمية البشرية، قائلة إن الكثيرين يمرون بتلك الحالة مؤخراً نتيجة انتشار الاكتئاب الذى يولّد رؤية سوداوية تجاه الأمور المحيطة بهم، ونصحت الشابة العشرينية أن تواجه نفسها بقوة بشأن ما تمر به من مشكلات بذهن صافٍ، وضرورة الاقتناع بأنه يمكن حل كل المشاكل المحيطة بها، وأن تكون على دراية أن الشخص دائماً جزء من المشكلة التى تواجهه.
وتابعت خبيرة التنمية البشرية أنه على الفتاة أن تبحث فى جوانب المشاكل المحيطة بها إلى أن تتمكن من تحديد المشكلة الرئيسية فيها، ومن ثم التفكير فى سبل حلها بطرق تتناسب مع الواقع، وتدوين ذلك كله فى ورقة تحتفظ بها، تضع فيها خطة لمواجهة كل تلك الضغوط واحداً تلو الآخر، مؤكدة أن الهروب ليس حلاً لأى مشكلة.