نستطيع القول بدرجة معقولة من الاطمئنان إن حكومة المهندس شريف إسماعيل لديها مشكلة كبرى تقلل ثقة المصريين فى قدرتها على إنجاز ما يحلمون به من عبور أزماتهم إلى مستقبل نتمنى أن يكون أفضل حالاً، هذه المشكلة الكبرى ليست فقط عدم تقديس الوقت بل عدم الإحساس بالزمن من الأساس، وإليكم الأدلة:
فى 11 نوفمبر 2016 وافق مجلس إدارة صندوق النقد الدولى المجتمِع فى العاصمة الأمريكية واشنطن على طلب مصر بإقراضها 12 مليار دولار، وفى اليوم التالى مباشرة أعلن طارق عامر، محافظ البنك المركزى، أن البنك تسلم 2.75 مليار دولار من صندوق النقد الدولى، تمثل الشريحة الأولى من قرض الصندوق، حسبما صرح لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، وقال إن هذه الدفعة ستسهم فى رفع احتياطى البنك من العملة الأجنبية إلى 23.5 مليار دولار، ويوم الأربعاء الماضى 11 يناير 2017، أى بعد مضى شهرين بالتمام والكمال من إبرام القرض وتسلم شريحته الأولى أعلن مجلس الوزراء على لسان عمرو الجارحى، وزير المالية، عن أن المجلس وافق على اتفاقية قرض صندوق النقد الدولى وسيرفعها للرئيس عبدالفتاح السيسى تمهيداً لإرسالها إلى البرلمان لمناقشتها وإقرارها.. هل رأيت عبثاً أكثر من ذلك؟
نعم، هناك عبث أكثر من ذلك وهو تصريح وزير المالية بأن الحكومة لم تتأخر فى عرض اتفاقية القرض على مجلس النواب طوال هذه المدة، وأن هذه الفترة كانت موسم إجازات بالإضافة إلى العرض على رئيس الوزراء.
أيضاً تأخرت الحكومة كثيراً فى حسم ملفات شديدة الخطورة لا تحتمل التأخير منها ملف توفير نواقص الدواء التى أدت بالضرورة إلى توقف عمليات جراحية عاجلة وتعريض أرواح مئات وربما آلاف المواطنين لخطر الموت، بسبب النقص الحاد فى مستلزمات التخدير وعقاقير الجراحة والإفاقة وأدوية القلب والجلطات والأورام ولوازم الغسيل الكلوى وغيرها.
وفى رأيى أن هذه المشكلة للأمانة ليست خاصة بالحكومة الحالية وحدها، فعدم احترام الوقت وعدم الإحساس بالزمن آفة تعاقبت على كل الحكومات المعاصرة، ولم ينجُ منها سوى عدد محدود من الوزراء تحصنوا بثقافة مختلفة ربما اكتسبوها من فترة دراساتهم بالخارج حيث يطبق المجتمع كبيره وصغيره المقولة العربية الخالدة «الوقت كالسيف.. إن لم تقطعه قطعك»، فيما تكتفى مجتمعاتنا بترديدها باعتبارها من نافلة القول دون عمل، وبالتالى تكون النتيجة ما نراه من تأخير فى إنجاز الأعمال بدءاً من العمل المكتبى وانتهاء بمشروعات التنمية.
نحن فى انتظار حكومة «شابة» لديها رؤية واضحة للمستقبل تحس بالمواطنين وتحس أيضاً بالزمن ولا تكتفى باللعب فى الوقت الضائع، فالبلد لا يحتمل كل هذه الرفاهية.