أكدت التقارير التجارية أن حجم صادرات مصر فى قطاع الغزل والنسيج بلغ 6 مليارات و868 مليون جنيه عام 2014، وبالطبع تعمل الدولة جاهدة فى تطوير صادراتها سواء فى قطاع الغزل والنسيج أو غيرها من القطاعات وتنفق الملايين لتطوير الصناعات ودعم الصادرات لكى تصل بها إلى المعايير الدولية للجودة والتصدير ولتوفير مزيد من الدخل القومى للبلاد.
وفى الوقت الذى نسعى جاهدين لزيادة الدخل أوضحت دراسة التكلفة الاقتصادية للعنف ضد المرأة، أنها بالإضافة لكونها قضية ضمير لا يمكن التسامح معها، لكنها قضية اقتصاد وهدر للدخل القومى أيضاً فقد أكد تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عام 2015 أن قيمة التكلفة الإجمالية لما تنفقه الضحية وأسرتها (سواء تكلفة مباشرة أو تكلفة غير مباشرة) فى أشد الحوادث عنفاً فقط تبلغ ٢٫١٧ مليار جنيه فى العام الواحد كحد أدنى، وقد تصل التكلفة الاقتصادية إلى ٦٫١٥ مليار جنيه، باحتساب معدلات الإصابة بين جميع حوادث العنف التى تحدث للمرأة فى العام الواحد على يد الزوج أو الخطيب.
هنا يتحدث التقرير عن التكلفة التى تتكبدها الأسر على المستوى الفردى فى علاج الإصابات الناتجة عن العنف، لم يتم احتساب تكلفة مؤسسات الدولة سواء على مستوى منظومة العلاج والدعم، من مستشفيات سواء أبنية أو أسرة أو أجر الأطباء والممرضين والجهات المعاونة وتكلفة علاج، أيضاً ما قد تتكبده جهات دعم الضحايا مثل خدمات وزارة التضامن.
أيضاً تكلفة منظومة العدالة من شرطة ونيابة وطب شرعى ومحاكم وتنفيذ أحكام، كل هذه التكلفة المؤسسية لم تدخل ضمن حساب التكلفة الكلية للعنف، وإن دخلت ربما تزيد عشرة أضعاف عن تكلفة الأفراد من ضحايا العنف.
لذا لم تعد قضية أخلاقية أو عدل أو أمان فقط، وإنما قضية اقتصادية واجتماعية، فالعنف لا يؤثر على المرأة المعتدى عليها بشكل حصرى، لكن يمتد أثره ليشمل أطفالها، أسرتها، مجتمعها، وشعور النساء الأخريات بالتهديد والخوف من تعرضهم أيضاً للعنف، وحتى على المعتدى نفسه. هذا التأثير يتعدى حدود الأذى الجسدى والنفسى، ولكنه يضع بصمة واضحة كتكلفة مادية، وقد أظهرت نتائج المسح أن نسبة العنف الزوجى لا يستهان بها، حيث تعرضت نحو ٤٦% من النساء اللاتى سبق لهن الزواج وفى الفئة العمرية ١٨-٦٤ سنة فى مصر لأحد أشكال العنف من قبل الزوج سواء كان عنفاً نفسياً أو بدنياً أو جنسياً، وأظهرت نتائج المسح أن العنف النفسى هو أكثر أنواع العنف الزوجى شيوعاً، فقد تعرضت نحو ٤٢٫٥% من السيدات لبعض أشكال من العنف النفسى من الزوج خلال حياتهن، وأن نسبة السيدات اللاتى عانين من إصابات نتيجة للعنف الزوجى بلغت ٤٣% فى العام الواحد. مشكلة العنف المنزلى من قبل الزوج لا تقتصر عواقبه على الزوجة بل تمتد آثاره إلى الأطفال حيث يعانى أطفال ٣٠٠ ألف أسرة من الخوف والكوابيس ويتغيب أطفال نحو ١١٣ ألف أسرة عن الدراسة سنوياً نتيجة العنف الزوجى.
والسؤال الذى يطرح نفسه فى بداية عام المرأة: هل تعمل الدولة وتبذل نفس القدر من المجهودات التى تقوم بها لدعم صادرات المنسوجات، للحد من قضية العنف ضد المرأة؟
إذا كان الأمر كذلك كما صرح الرئيس أكثر من مرة، فلابد أن ينسحب على كافة مؤسسات الدولة بدءاً من البرلمان ليسن قانوناً شاملاً لمواجهة العنف ضد المرأة، إلى منظومة العدالة التى تعمل جاهدة على تأكيد العدالة الناجزة وتحقيق الردع وعدم التسامح فى الأحكام مع قضية العنف لاسيما الزوجى
والمؤسسات التنفيذية لتعمل على محاور عدة بدءاً من الوقاية والحماية والدعم والملاحقة القانونية، وهى المحاور التى يعمل عليها المجلس القومى للمرأة الآن، ويفتح قنوات التعاون مع الجميع لعل عام المرأة يكون بداية النهاية لظاهرة العنف ضد المرأة.