«الأحزاب».. لا تعرف الشارع إلا فى «الانتخابات»
السيد البدوى
تبدو فى حالة قوية عندما تطل على المشهد السياسى، لكن بالتدقيق داخلها تجدها تعيش حالة مزيفة من الانسجام والود بين أعضائها، وتكتفى بالرفض والإدانة والموافقة على ما يفرضه الواقع السياسى من قرارات وقوانين وتشريعات، فيما تظل عاجزة عن الوصول إلى نبض الشارع، والوجود بين المواطنين، إلا فى الانتخابات النيابية، وفاشلة باقتدار فى الوصول إلى السلطة التنفيذية، هكذا الحال داخل منظومة الأحزاب التى تمر بأسوأ حالاتها، فى ظل موجات الانشقاقات والانقسامات التى تضربها من الداخل، رغم تاريخ بعضها الطويل كما فى حزبى «الوفد والتجمع»، فضلاً عن تلك الأحدث نسبياً التى تأسست بعد ثورة 25 يناير.
«الوفد» منقسم بين قياداته وتيار «إصلاحه».. وأمناء «المصريين الأحرار» يطرقون أبواب «شئون الأحزاب»
ففى حزب الوفد، تصاعدت حدة الخلافات والصراعات، واشتدت سخونة المعركة بين السيد البدوى رئيس الحزب، وتيار إصلاح الوفد، بقيادة فؤاد بدراوى، ورغم جهود الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومحاولاته تقريب الطرفين لإنقاذ الحزب من الانهيار، إلا أن الصراع أخذ مساراً جديداً بعد إعلان تيار الإصلاح المنافسة فى انتخابات مجلس النواب الأخيرة، بقائمة موازية لـ«الوفد»، ما فجّر الصراع وأدخل الحزب دوامة الانقسامات.
وباتت الأزمة واضحة عندما وجَّه المهندس صلاح دياب، القيادى بالوفد، دعوات لسحب الثقة من رئيسه السيد البدوى، بعد أن أدخل بعض التعديلات على الجمعية العمومية، ثم عقد أنصار «بدراوى» ومحمود أباظة، رئيس الحزب السابق، اجتماعاً لبحث التعديلات واتخاذ إجراءات ضد رئيس الحزب، الأمر الذى أثار ردود فعل داخل الحزب واستياء من جانب بقية أعضاء الهيئة العليا والمكتب التنفيذى، واتفقت الجبهة المضادة لـ«البدوى»، على سحب الثقة منه وانتهى هذا الصراع بقرار إيقاف عضوية كل من فؤاد بدراوى، وياسين تاج الدين، ومحمد المسيرى، وعصام شيحة، وعبدالعزيز النحاس، فى الهيئة العليا، وتشكيل لجنة من الدكتور عبدالسند يمامة، والمستشار بهجت الحسامى واللواء أحمد الفولى، وأحمد عودة، للتحقيق معهم، وهو ما قابله تيار إصلاح الوفد بمظاهرات واعتصامات داخل الحزب وتبادل الاتهامات بين الطرفين.
لم يسلم حزب «المصريين الأحرار» هو الآخر من الصراع، بين مؤسسه المهندس نجيب ساويرس، والدكتور عصام خليل رئيس الحزب الحالى الذى حسم الصراع لصالحه مؤخراً، باستصدار قرار من المؤتمر العام للحزب بإلغاء مجلس أمناء الحزب، وكان «ساويرس» أحد أعضائه، ووصل هذا النزاع إلى محطة اللجوء إلى القضاء وللجنة شئون الأحزاب.
«المصرى الديمقراطى» يعانى صراع «اليمين واليسار».. و«الحركة الوطنية» فى نفق مظلم.. و«التجمع» حزب مُسن
تأسس حزب «مستقبل وطن» فى ظروف انتقالية، عقب ثورة 30 يونيو، ولقب بـ«الحصان الأسود» فى سباق الانتخابات البرلمانية، بعد فوزه بـ53 مقعداً، إلا أنه لم يسلم هو الآخر من الأزمات الداخلية، وشهد استقالات من أمانات المحافظات، فضلاً عن استقالة رئيس الحزب محمد بدران، ليصبح بعدها الحزب جسداً هامداً بلا روح.
يحاول حزب «المصرى الديمقراطى» تجاوز أزماته المتلاحقة، التى شهدها على مدار العام الماضى، أدت إلى انقسامات عدة، أعقبتها موجات استقالات جماعية على خلفيات انقسام ضرب الحزب مع فوز جناح اليمين بأغلبية أعضاء هيئات الحزب، واستمرت حتى فاز اليسار بمنصب رئيس الحزب والنائب الأول لرئيسه، الأمر الذى زاد من حدة الخلاف، ودفع بعض قيادات الحزب إلى التدخل لمحاولة لم الشمل، إلا أن كل هذه المحاولات لم تنته بنتائج تُسهم فى احتواء الأزمة. تعرض «المصرى الديمقراطى» فى أعقاب تلك الأزمة لهزة عنيفة ضربت صفوف قواعده وقياداته، بعد فشل محاولات لم الشمل، بعد أن قرر الجناح المعارض للرئيس الجديد للحزب، فريد زهران المنتمى لتيار الدكتور نور فرحات، الانسحاب من الحزب عبر موجات متتالية من الاستقالات الجماعية، التى كانت أكثرها مفاجئة، ما أدخل الحزب فصلاً جديداً من التفكك، باستقالة أمينه العام المنتخب، خالد راشد، واستقالة هنا أبوالغار، ابنة الدكتور محمد أبوالغار، الأب الروحى للحزب، وأعضاء الهيئة العليا للحزب بالكامل، وأمانة شمال القليوبية، و91 عضواً من أمانة الإسماعيلية.
ودخل حزب الحركة الوطنية، الذى أسسه الفريق أحمد شفيق، رئيس الوزراء الأسبق، نفقاً مظلماً رغم التوقعات التى أعقبت تأسيسه بأن يصبح واحداً من أكبر الأحزاب فى الشارع السياسى، إلا أن هذا لم يحدث، حيث دبت المشاكل والانقسامات داخله وبدأت قياداته بالانسحاب، فاستقالت الدكتورة لميس جابر، والمهندس ياسر قورة عضو الهيئة العليا، وأسس حزب المستقبل، إضافة لعدد من القيادات أبرزهم كريم سالم المتحدث باسم الحزب، وماجد دياب أمين الحزب بالشرقية، ومجدى النقيب أمين الحزب ببورسعيد.
وتصاعدت وتيرة الانشقاقات داخل الحزب بتقديم 400 عضو مؤسس فى محافظة الغربية استقالات جماعية مسببة احتجاجاً على توجهات الحزب بعد تداعيات ثورة 30 يونيو، وفتح أبوابه لأعضاء الحزب الوطنى المنحل، وامتدت الاستقالات لتشمل عدداً من المحافظات ومنهم أمناء الحزب فى أسيوط.
وشهد الحزب أكبر هزة داخلية بعد استقالة الفريق أحمد شفيق المفاجئة التى أعقبتها استقالات داخلية أخرى إلى أن تراجع عنها، واستمر فى إدارة الحزب من الخارج، ثم انسحاب يحيى قدرى النائب الأول لرئيس الحزب، واستقالة الدكتور صفوت النحاس، وحتى الآن ما زال الحزب الذى يبحث عن دور له فى الشارع السياسى يعتمد على شعبية مؤسسه الفريق أحمد شفيق.
وفى 2016 شهد حزب «المؤتمر» أزمات وانشقاقات وموجة استقالات جماعية، كشفت عن وجود أزمات داخلية، ما دفع الأمين العام للحزب اللواء أمين راضى إلى تقديم استقالته، لتلحق به بعدها بساعات موجات استقالات جماعية من أمانات كفر الشيخ وشرق الإسكندرية. ولم تتوقف الانشقاقات عند هذا الحد، فقدم الحسينى تاج الدين، أمين عام المتابعة بالحزب، استقالته من منصبه اعتراضاً منه على طريقة إدارة الأمور، دون أن يعلن أسباباً واضحة للاستقالة.
ولم تكن هذه الانشقاقات داخل الحزب الأولى من نوعها، فمنذ أن أسس الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الحزب عقب ثورة 25 يناير، وانضمت إليه وجوه كثيرة، للثقل الكبير والشعبية الطاغية التى كان يتمتع بها «موسى»، فقد سبق الموجة الأخيرة انسحاب عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا للحزب، منهم صلاح حسب الله ومعتز محمود ومحمد عبداللطيف، نواب رئيس الحزب، وتامر الزيادى، مساعد رئيس الحزب آنذاك، وقام حسب الله ومحمود بتأسيس حزب الحرية مع محمد الفيومى، البرلمانى السابق، فيما انضم «عبداللطيف» إلى حزب الوفد.
يواجه حزب التجمع، العديد من المشاكل الداخلية، أبرزها ما حدث أواخر العام الماضى، من خلافات بين ممثلى الحزب الوحيدين فى مجلس النواب، سيد عبدالعال، رئيس الحزب، والنائب عبدالحميد كمال، بعد أن أعلن الأخير استقالته من منصبه بالحزب مع الاحتفاظ بعضويته احتجاجاً على تصرفات رئيس الحزب الذى يضرب بالديمقراطية والتقاليد الراسخة للتجمع منذ تأسيسه عرض الحائط، ويمارس الديكتاتورية، حسب «كمال»، وينفرد بالقرارات دون الاستماع لمن حوله.
ووصلت الصراعات إلى ذروتها بعد قرار الأمانة العامة للتجمع، بتجميد عضوية كمال، وإحالته للجنة الانضباط المركزية للتحقيق معه بعد وصفه لقيادات فى الحزب بـ«الفاسدة»، وتعد الأزمة الأكثر خطورة داخل أروقة حزب التجمع هى غياب الشباب عن المناصب القيادية، حيث يسيطر عليها كبار السن، ورجال الماضى، ما أدى إلى غياب الرؤى الشبابية وعجز الحزب عن مواكبة الأحداث سواء فى العمل السياسى، والاجتماعى، وفشله فى انتخابات البرلمان السابقة.
ودخل حزب الغد نفق الصراعات والانشقاقات، التى بدأت مع إجراء أول انتخابات داخلية على موقع الرئيس والنواب وأعضاء الهيئة العليا والسكرتير والأمين، وأراد أيمن نور مؤسس الحزب أن يفوز برئاسته دون منازع، فنشب صراع لم يدم طويلاً، تورط بعده «نور» فى قضية التوكيلات المزورة التى دخل على أثرها السجن وخرج بكفالة ورشح نفسه لرئاسة الجمهورية، ثم خاض انتخابات مجلس الشعب وفشل، وحكم عليه بالحبس 5 سنوات، بتهمة تزوير توكيلات حزبه، وانشق عليه عدد من المؤسسين منهم المستشار مرسى الشيخ، والمهندس موسى مصطفى موسى، رئيس الحزب الحالى بقرار لجنة شئون الأحزاب ورجب حميدة، وبات الحزب كياناً فاقداً التضامن الداخلى ومنقسماً على نفسه.