«المجتمع المدنى».. «الأجندات» تهزم «التنمية والتطوير»
أبوسعدة
أكد عدد من الحقوقيين أن المجتمع المدنى بعد 25 يناير يشهد انقسامات عديدة ما بين منظمات ليبرالية ودينية ويسارية، يرى بعضها الدولة وكأنها شيطان، فيما تنحاز الأخرى إلى الدولة، وترى أنه لا بد من مساندتها لتجاوز الأزمات الراهنة، والظروف الصعبة، إلا أن تلك الانقسامات كانت سبباً فى تخلى المجتمع المدنى عن دوره الرئيسى فى التوعية والتنمية وتطوير المجتمع.
وقال حافظ أبوسعدة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، لـ«الوطن»، إن الانقسام القديم الذى كان يواجه المجتمع المدنى منذ زمن طويل هو الانخراط فى العمل السياسى باسم العمل الحقوقى، ما يتنافى مع مبادئ المجتمع المدنى، وهناك الكثير من المنظمات استغلت كياناتها فى تبنى وجهة نظر سياسية معينة، والمشكلة الآن فى أن جميع المنظمات أصبحت تحت طائلة الاستهداف، ولم يعد هناك مجتمع مدنى قوى أو فعال.
«أبوسعدة»: الانخراط فى السياسة باسم «العمل الحقوقى» يتنافى مع المبادئ.. و«زيادة»: يجب ضخ دماء جديدة
وقال علاء شلبى، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، المجتمع المدنى يتسم بقدر من السيولة ويستوعب آراء متنوعة قد تصل إلى التناقض الصارخ، لكن المشكلة الحقيقية التى تسببت فى انقسامه هى الانحياز السياسى تجاه قضية بعينها، والفاصل بين السياسى والحقوقى شعرة، مضيفاً: «الحقوقى لا يسعى للسلطة، ومنظمات المجتمع المدنى حالياً بين متأثرة بانحياز سياسى وتدعو لدعم الدولة فى هذه المرحلة الخطرة، وأخرى ترى الدولة وكأنها شيطان، وهناك مجموعة ثالثة هى المنظمات الدينية، ورابعة ليس له علاقة بتوقيت أو حكم، وهدفها الرئيسى الإصلاح».
وأشار «شلبى» إلى أن نتائج الصراعات والانقسامات أبعدت المجتمع المدنى عن دوره ما يضعف حقوق الإنسان بشكل عام، وهذا الظاهرة ليست فى مصر وحدها وإنما فى كل الدول العربية بعد الثورات.
وقالت داليا زيادة، مدير المركز المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة، إن هناك عدداً من الصراعات المتوارثة فى المجتمع المدنى، جعلته يتخلى عن دوره الرئيسى، ويتحول نحو السياسة، مضيفة: «هذه الصراعات سببها التحيزات السياسية للمجتمع المدنى بمعنى أنه أصبحت لدينا منظمات يسارية وأخرى ليبرالية وثالثة إخوانية ودينية، وبات هناك تحزب سياسى للمجتمع المدنى، ما أخذ من دوره الأساسى فى خدمة وتنمية المجتمع»
وأضافت «زيادة»: «لتجاوز هذه الأزمة لا بد من دخول جيل جديد للمجتمع المدنى، وهو ما كان يصعب تحقيقه فى السنوات الثلاث الماضية لعدم وجود تمويل أو قانون للجمعيات الأهلية، أما الآن فيمكن أن نملأ الفجوة السابقة بالدم الجديد بشباب أكثر وعياً بدور المجتمع المدنى دون انتماء إلى تيارات سياسية بعينها».
وتابعت «زيادة»: «خروج قانون الجمعيات الأهلية للنور فى حد ذاته نقلة مهمة لمستقبل العمل الأهلى، الذى عانى طويلاً من القيود المجحفة التى كان يفرضها القانون القديم رقم 48 لسنة 2002، وحملات إعلامية شرسة استهدفت قيادات العمل المدنى، خصوصاً العاملين فى مجال الحقوق المدنية والسياسية، الذين كانوا فريسة سهلة لها بسبب أن أغلبهم يعمل خارج إطار القانون القديم للهروب من قيوده».
وأشارت إلى أن وجود قانون ينظم عمل الجمعيات بشكل واضح يعد أول خطوة حقيقية لبناء علاقة جديدة بين المجتمع المدنى والدولى، تهدف لتحقيق مصالح الطرفين، وتنمية الدولة، وتحقيق التطور الديمقراطى المنشود.
وقال نجيب جبرائيل، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن الصورة الذهنية السيئة التى ترسخت عن المجتمع المدنى يمكن إرجاعها إلى وضع المجتمع المدنى كله فى سلة واحدة دون التفريق بين المنظمات التى تتلقى تمويلات من الخارج أو المنظمات العميلة، وهو ما شوه باقى المنظمات وأعطى فرصة للقيادة السياسية أن تتعامل بحذر أو فى حدود ضيقة مع باقى المنظمات، مضيفاً: «بعض المنظمات وضعت نفسها موضع الشك والريبة والاشتباه، وكذلك بعض أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان والجمعيات التابعة للإخوان، والدولة معها بعض الحق فى الحذر من التعامل معها».
وشدد «جبرائيل» على رفضه لما يتداول فى وسائل الإعلام عن منظمات المجتمع المدنى ووصفها بـ«دكاكين حقوق الإنسان» موضحاً أن موقف الدولة يبرر للعامة نظرة الريبة والشك تجاه هذه المنظمات ويعطى الفرصة للإعلام، مؤكداً وطنية العديد من منظمات المجتمع المدنى.
وتابع: «كنا وراء الرئيس فى كل زياراته للخارج إلى ألمانيا والولايات المتحدة مرتين وفى لندن، وينبغى التفريق بين المنظمات الوطنية المحترمة وبين المنظمات المعتمدة على التمويلات القطرية ودولارات أمريكا، وهناك مجموعة منعت من السفر وتم التحفظ على أموالهم، وصعب علينا أن الرئيس يجتمع مع منظمات خيرية ولا يوجد بينهم منظمات حقوقية».
وأكد أن منظمات المجتمع المدنى لا تستطيع أن تعمل بمفردها ولكن لا بد من أن يكون لها ظهير يدعمها وهو الدولة؛ ليس عن طريق التمويل ولكن من خلال خلق مناخ جيد تعمل فيه منظمات المجتمع المدنى، لأن المتداول الآن أن كل المنظمات عميلة.