«خالد».. عامل بدرجة «ليسانس آداب»: «مين فى البلد اشتغل بشهادته»
خالد إبراهيم
يقف فوق فرن الطوب، ممسكاً فى يده شعلة لحرق الطوب المتراص فى انتظام عجيب. يحرك قدميه بحرص شديد خشية السقوط فى النيران المشتعلة، فى إتقان شديد لمهنة حرق الطوب التى احترفها خالد إبراهيم الشاب الثلاثينى، خريج كلية الآداب، قبل 20 عاماً، حتى أطلق عليه «أبناء الكار» لقب «حرّيق».
يعمل «خالد» من الساعة 7 صباحاً حتى 6 مساءً، ويحصل على أجرته يومياً، وهو لا يملك مرتباً ثابتاً، وإذا غاب يوماً أو حدثت له ظروف اجتماعية تمنعه من العمل فإنه لا يجد ما يسد به متطلبات أسرته المكونة من طفلين وزوجة وأم عجوز تعيش معه فى غرفة استأجرها فى إحدى قرى مركز كفر الزيات بالغربية.
«رمضان»: صناعة الطوب بها عمال كتير.. وارتفاع الأسعار فى كل شىء يهدد حياتنا
«خالد» لا يجيد أى عمل آخر سوى عمله «كحرّيق» رغم أنه حاصل على ليسانس آداب من جامعة طنطا عام 2004، ويقول: «معرفش أشتغل حاجة تانية غير الشغلانة دى، كنت بطلع الشغل وأنا صغير فى إجازة الصيف، واتعلمتها، وبعد ما تخرجت من الجامعة ملقتش شغل فكملت فيها لأن اليومية فيها كويسة جداً، وبتكفينى أنا وأولادى».
لم يبحث «خالد» عن عمل يناسب مؤهله الدراسى، ويقول إنه لا يملك الوقت الكافى للبحث عن وظيفة، إضافة إلى أنه لا يملك المال للإنفاق على البحث عن وظيفة، ما دعاه للاستمرار فى حرق الطوب، ويضيف: «معنديش وقت، ولا فلوس علشان أدور على شغل يناسب مؤهلى الدراسى، وبعدين لو اشتغلت فى وظيفة هاخد كام مرتب فى الشهر 1000 جنيه! مش هيعملوا لى حاجة، أنا يوميتى بتعدى 100 جنيه، علشان كدا كملت فى الطوب».
ويتابع «خالد»: «مين فى البلد دى اشتغل بالمؤهل بتاعه؟!، أنا مكنتش بواجه أى مشاكل وأنا بشتغل فى مصنع الطوب، لكن مؤخراً الدنيا بقت صعبة جداً ومفيش شغل وكل حاجة غليت، والمصنع خلاص قرّب يقفل، بسبب ارتفاع الأسعار الجنونى اللى خلى الناس مش عارفة تبيع ولا تشترى». ويكمل حديثه قائلاً: «فعلاً الدنيا بقت صعبة قوى، كنت بشترى لبن لابنى الصغير كل أسبوع بحوالى 27 جنيه بس، النهارده بقيت بشترى اللبن بـ270 جنيه، دى كارثة ولو الحكومة مشافتش حل فى ارتفاع الأسعار الناس هتاكل بعضها، المصنع ده بيشتغل فيه أكتر من 120 بنى آدم كلهم فاتحين بيوت، الناس دى هتعيش ازاى وهتاكل منين؟».
رمضان السيد رجب، زميل «خالد» فى مصنع الطوب، أفضل حالاً منه، لكن صعوبة الحياة وقسوتها وارتفاع الأسعار فى كل شىء جعل «رمضان» يشعر بالضيق واليأس، خصوصاً أنه أب لطفلين ولا يملك من حطام الدنيا سوى يوميته التى أصبحت أيضاً خارج سيطرته بعدما أصبح العمل مهدداً بالتوقف فى مصنع الطوب.
ويقول «رمضان» إن صناعة الطوب تعتبر من أكثر الصناعات كثيفة العمالة، حيث يعمل بها عدد كبير من السائقين، وأصحاب الجرارات، وأصحاب العربيات الكارو، وغيرهم من العمال.