«حرب»: «قائمة المحبوسين الثانية» انتهت وتضم أكثر من 500 شاب بينهم صحفيون
الدكتور أسامة الغزالي حرب، رئيس لجنة العفو الرئاسى للإفراج عن الشباب المحبوسين
أعلن الدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس لجنة العفو الرئاسى للإفراج عن الشباب المحبوسين، أن اللجنة انتهت من القائمة الثانية، وأنها تضم أكثر من 500 شاب جميعهم حصلوا على «أحكام نهائية»، وسيتم عرضها على الرئاسة خلال أسبوع. وأكد الغزالى حرب، فى حواره مع «الوطن»، أنه لا توجد خطوط حمراء، وأى شخص محبوس يمكن الإفراج عنه ما لم يكن متورطاً فى قضايا إرهاب أو عنف، وأن اللجنة تسعى للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الشباب المحبوسين، ومن الصعب الوصول لرقم دقيق لهذه الأعداد، وقطعاً هناك مئات من الحالات. وأوضح رئيس لجنة العفو الرئاسى أنه لا يسير فى ركاب الدولة ولا يؤيد تأييداً أعمى ولا يعارض معارضة حمقاء، لافتاً فى الوقت نفسه إلى أن كثيرين من الذين أثاروا مشكلة «تيران وصنافير» لم يثيروها لذاتها وإنما نكاية فى الدولة أو فى «السيسى». وأشار إلى أن عصام خليل، رئيس حزب «المصريين الأحرار»، حريص على أن يكون موضع رضا من جهات الأمن بشكل عام، وأن قيادات «المصريين الأحرار» لم تتصرف على أساس بناء حزب حقيقى مستقل، وإنما تصرفت وكأنها تُنشئ شركة مستكينة للدولة وتابعة لها، وسوف تنعكس الأزمة الحالية فى الحزب على أدائه، وفرصه فى أن يكون حزباً قوياً أصبحت محدودة جداً. واعتبر «حرب» أن قرار تعويم الجنيه تأخر كثيراً، وأن السيسى غامر باتخاذ القرار، لافتاً إلى أن تغيير الحكومة من وقت إلى آخر مسألة معتادة فى أى مجتمع ديمقراطى، لكن المهم أن يتم ذلك على أسس موضوعية تُفرز الأفضل.. وإلى نص الحوار:
■ ما سر تأخر «القائمة الثانية» للإفراج عن الشباب المحبوسين؟
- فى الحقيقة لا يوجد تأخر، وهناك عمل مستمر داخل لجنة العفو الرئاسى لإنجاز مهمتنا، والقائمة الثانية أصبحت بالفعل جاهزة، وخلال هذا الأسبوع أتوقع أن نقدمها إلى رئاسة الجمهورية، ونحن على تواصل مع مؤسسة الرئاسة.
رئيس لجنة العفو الرئاسى لـ«الوطن»: كثيرون ممن أثاروا مشكلة «تيران وصنافير» لم يثيروها لذاتها وإنما نكاية فى «السيسى»
■ كم عدد الأسماء فى «القائمة الثانية»، ومن أبرز الأسماء؟
- القائمة الثانية تضم ما لا يقل عن 500 اسم، وبها شباب محبوس فى قضايا تظاهر وقضايا نشر وحرية رأى، ومنهم صحفيون، وهناك أسماء مهمة، وأنا كنت مهتماً بألا أستثنى أحداً، ولا توجد خطوط حمراء، وأى شخص محبوس يمكن الإفراج عنه وبحث حالته، وأنا شخصياً ليس لدى أى محظورات، والمسألة مرتبطة بالمعيار فى هذه الحالات، فكل الشباب الذين اشتركوا فى جرائم إرهاب أو قتل، وكل من تورط فى أعمال عنف، قطعاً هؤلاء مستبعدون من إمكانية العفو الرئاسى، وما عدا ذلك؛ خاصة الذين قُبض عليهم فى مظاهرات واحتجاجات سلمية إلى آخره، قطعاً هؤلاء لهم الأولوية، وهناك اعتبارات معينة خاصة بالمقبوض عليهم دون سن 18 عاماً، ومن قبض عليهم وهم مرضى، والمقبوض عليهم ممن ينتمون للصحافة أو قضايا النشر والفكر وازدراء الأديان، وفى هذه القائمة اقتصرنا على من حصلوا على «أحكام نهائية».
■ هناك نوعان من الشباب المحبوسين، الأول أصحاب الأحكام النهائية، والثانى المحبوسون احتياطياً.. فهل تم إيجاد مخرج قانونى للفئة الثانية؟
- نحن أمام نوعين من الشباب المحبوس؛ أولهما الحاصلون على أحكام نهائية، وهذه الحالات التعامل معها سهل على أساس أننا نرفع تقريراً عنها إلى مؤسسة الرئاسة، وتقوم الرئاسة بدورها بالإفراج عنهم، أما النوع الثانى فهو حالات المحبوسين احتياطياً، وهؤلاء الإفراج عنهم من سلطة النائب العام، ونحن سنرفع قائمة بالأسماء إلى مؤسسة الرئاسة وهى من ستتواصل مع النائب العام، وهناك حرج لدىّ فى إعلان تفاصيل القائمة، خاصة أن هناك حظراً على أعضاء اللجنة فى الحديث عن تفاصيل عملها، لأن المسألة شديدة الحساسية وترتبط بالإفراج عن مواطنين محبوسين، وبالتالى فإن عمل اللجنة مصحوب بترقب من عائلات الشباب المحبوسين، فإذا «عشّمنا» الناس بشىء ولم يحدث فذلك سيكون محبطاً جداً، ولكننا نسعى من حيث المبدأ إلى الإفراج عن أكبر عدد ممكن من الشباب المحبوسين.
«المصريين الأحرار» جزء من أزمة الأحزاب السياسية فى مصر ولا يمكن أن يحدث أى تطور دون وجود حياة حزبية قوية.. وتغيير الحكومة من وقت إلى آخر مسألة معتادة فى أى مجتمع ديمقراطى.. والمهم أن يتم على أسس موضوعية تفرز الأفضل
■ كم عدد القوائم التى ستصدرها اللجنة، ومتى تنتهى من عملها؟
- لا يوجد أى سقف زمنى، ونحن نعمل إلى أن ننتهى من أسماء الشباب المحبوس، ودائماً ما أتجنب ذكر أعداد، وهناك أعداد كثيرة، وأنا لا أحب أن أذكر أعداداً ولا أحب أن أغامر فى ذلك، لأننا لا نتعامل مع الجهات الرسمية التى لديها أسماء هؤلاء الشباب، مثل مصلحة السجون ووزارة الداخلية، وإنما نحصل على الحالات التى نبحثها من المنظمات التى تحصل على معلوماتها من الأهالى، مثل المجلس القومى لحقوق الإنسان، ولجنة حقوق الإنسان فى مجلس النواب، أو المنظمات المدنية الحقوقية المهتمة بالجوانب الحقوقية، وهناك تكرار للأسماء وبالتالى من الصعب الوصول لرقم دقيق، وقطعاً هناك مئات من الحالات.
■ وهل تواصلتم مع وزارة الداخلية لطلب أسماء المحبوسين؟
- لا، لم يحدث ولم نطلب، ولا يوجد أى اتصال مباشر مع وزارة الداخلية نهائياً، وأنا فى مرحلة معينة كنت أعتقد أنه من المفيد أن نجلس مع ممثلين لوزارة الداخلية؛ مثلاً أحد كبار الضباط المطلع على حالات المعتقلين أو المسجونين بحيث نتفاوض معهم حول أولويات خروجهم، لكن هذا لم يحدث.
■ لماذا لا نعرف مقر للجنة؟
- فضلنا عدم الإفصاح عن المقر، ونحن نجتمع فى مصر الجديدة وهناك مقر لنا هناك، ونحن لم نعلن عن مكان الاجتماعات حتى نكون بعيدين عن ملاحقة الإعلام أو أهالى الشباب المحبوسين.
■ ما رأيك فيما قاله شادى الغزالى حرب عن أن «لجنة العفو الرئاسى أداة فى يد الرئيس»؟
- لا أوافق على هذا الرأى، وهو غير صحيح، فكيف نكون أداة فى يد الرئيس، فهى كلمة ليس لها معنى، و«شادى» حر فى آرائه، وإن كان لا يعجبنى الكثير من آرائه وأفكاره، لكنه فى النهاية له رأى مستقل فى تقييم الوضع الحالى والنظام، ويرى أن هناك جوانب سلبية كثيرة، أما أنا فأكثر تفاؤلاً منه.
■ كيف ترى الأزمة الأخيرة فى «المصريين الأحرار» وقد كنت رئيس مجلس أمناء الحزب؟
- أرى أن أزمة حزب المصريين الأحرار جزء من أزمة الأحزاب السياسية بشكل عام، وهى مسألة تثير الحزن والقلق، لأنه لا يمكن أن نتصور أن يكون هناك أى نوع من التطوير الحقيقى للنظام المصرى فى طريقه للديمقراطية دون أن تكون هناك أحزاب سياسية قوية ومتنافسة، وللأسف الصورة لا توحى بذلك، وحزب المصريين الأحرار يُفترض أنه كان من أفضل الأحزاب المرشحة لأن تلعب دوراً فى الحياة السياسية المصرية نتيجة نشأته القوية وإمكانياته المادية، إنما للأسف الأمور تسير فى طريق لا يؤدى إلى بناء حزب سياسى قوى، وإنما إلى حزب محدود القوة والكفاءة، والمشكلة الأكبر أن هذا التوصيف ينطبق إلى حد كبير على كثير من الأحزاب الأخرى، وهى ظاهرة معقدة يمكن أن تخضع لدراسات.
مؤتمر شرم الشيخ قرب بين «السيسى» والشباب.. وينبغى أن يتبعه خطوات كثيرة
■ هل أزمة الأحزاب فى الصراع على الزعامة أو الكراسى؟
- أوقات كثيرة يصل الأمر إلى هذا، وفى جميع الحالات النتيجة سلبية جداً بالطبع على الأحزاب، وجوهر الصراع فى حزب «المصريين الأحرار»، هو إما أن يتم بناء حزب سياسى قوى كبير وجماهيرى ومعارض بشكل إيجابى، أو يتم بناء حزب سياسى محدود يتحكم فيه عدد محدود من الأشخاص، ويكون حزباً مدجناً ومعارضاً معارضة شكلية، ولا يلعب دوراً سياسياً حقيقياً، وأرى أن الحزب يسير فى الاتجاه الأخير، فالإطاحة بمجلس الأمناء تحت دعوى أنه «يفرض وصاية» هذا كلام غير علمى وغير منطقى، وأى حزب من حقه أن يضع البناء التنظيمى الذى يريده وبالشكل الملائم له.
■ ما الفائدة التى تعود على عصام خليل باتباع المنهج الثانى، وأن يكون حزبه مدجناً؟
- بالطبع عصام خليل بهذه الطريقة ضمن أن يكون هو رئيس الحزب مرة أخرى، وهو لديه رغبة فى الظهور السياسى، ومن خلال تحكمه فى العضوية وبالتالى تحكمه فى الجمعية العمومية، ضَمِن نجاحه، ولكن «هل هذا يؤدى إلى بناء حزب سياسى قوى؟»، والسير فى ركاب الدولة هو أمر يتوقف على رؤية كل شخص لمصالحه والأفضل له، وهو سؤال يمكن أن يوجه للعديد من الشخصيات العامة؛ وهو «هل تحب أن تسير فى ركاب الدولة أم تعارض وتعبر عن رأى سياسى مستقل؟»، فهى مسألة تختلف من شخص إلى آخر، فمن يريد السير فى ركاب الدولة لا يريد معارضة حقيقية وإنما يريد الاستفادة من فكرة وجود حزب، لا أن يقدم خدمة حقيقية للوطن، ولا أن يبنى بالفعل رأياً سياسياً معارضاً بشكل ديمقراطى ووطنى يفيد النظام السياسى.
«المصريين الأحرار» جزء من أزمة الأحزاب السياسية فى مصر ولا يمكن أن يحدث أى تطور دون وجود حياة حزبية قوية.. وتغيير الحكومة من وقت إلى آخر مسألة معتادة فى أى مجتمع ديمقراطى.. والمهم أن يتم على أسس موضوعية تفرز الأفضل
■ وهل تسير أنت فى ركاب الدولة؟
- لا أعتقد ذلك، وقطعاً يمكن أن أصف نفسى بأننى لست من القوى التى تسير فى ركاب الدولة، وفى إطار الدولة المصرية بالتأكيد يمكن أن تكون مواقفى معارضة أو مؤيدة حسب الأحوال، وليس هناك شىء اسمه الموقف السياسى، وأن أكون معارضاً على طول الخط، أو مؤيداً على طول الخط، فأنا لا أؤيد تأييداً أعمى ولا أعارض معارضة حمقاء، وهناك قضايا كثيرة يمكن أن يكون رأيى فيها مخالفاً للناس أو الدولة أو العكس.
■ مثل ماذا؟
- مثل الموقف من «تيران وصنافير»، فأنا لم أكن متحمساً للآراء المتشددة جداً والمتشنجة وأن تيران وصنافير مصريتان، وأنا رأيى أن هذا نزاع إقليمى يحل بالتوافق بين الدولتين، وهذه المسألة موجودة دائماً بين الدول المجاورة لبعضها، فهناك عشرات من المنازعات الحدودية بين الدول، وتحسم ليس بالحماس وإنما من خلال أساتذة ومفكرين وخبراء قانون دولى فى البلدين، وأنا متأكد أن هناك نزاعاً على هذه الجزر، وهذه نقطة انطلاقى التى اختلفت بها عن الآخرين، فالغالبية العظمى من المصريين سمعوا بتيران وصنافير لأول مرة مع الاتفاق المصرى السعودى، وأى مصرى ليس لديه خلفية بالموضوع يميل إلى مصرية الجزيرتين، أما أنا شخصياً وقت أن كنت طالباً فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى سنة أولى عام 1965 كنت أعمل على بحث عن وجود قوات الطوارئ الدولية فى سيناء فتصادف أننى فهمت أثناء البحث أن هناك مشكلة أو تنازع على السيادة بين مصر والسعودية على الجزر، وعندما أثيرت الآن لم أتعجب، وأعتقد أن كثيراً من الذين أثاروا المشكلة لم يثيروها لذاتها وإنما نكاية فى الدولة أو فى عبدالفتاح السيسى، فكل من يعارض السيسى تبنى قضية تيران وصنافير، وهذا أراه تفكيراً غير موضوعى، فإذا كنت تريد أن تفكر فى موضوع أو تحله بشكل عادل وسليم، عليك أن تفكر فيه بعيداً عن رفضك أو تأييدك لهذا النظام أو ذاك، وأنا من أنصار فحص هذا الموضوع ودراسته بشكل جيد، ولا مانع من عرضه على التحكيم الدولى، أو يعاد بحثه من جميع الجوانب دون تشنج أو استخدام ألفاظ كبيرة مثل أنها خيانة أو بيع لأرض الوطن.
■ وما رأيك فى موقف السعودية وعدم إمدادها لنا بالمواد البترولية وغير ذلك؟
- بالطبع هى تطورات سلبية فى العلاقات بين البلدين، وكنت أتمنى ألا تصل إلى هذا، والسعوديون أحرار وهم مدعوون أن يقدموا أسانيدهم القانونية والتاريخية لملكية الجزر. والمشكلة جاءت من اعتقاد الكثيرين من أن الموقف المصرى إزاء الجزر وتسليمها للسعودية مرتبط بكمية من المال أو نوع من بيع الجزر للسعودية، وإذا نظرنا له بهذا الشكل سيكون أمراً محبطاً وغير سليم وخطأ كبيراً، والمسألة أننا لا نقايض ولا نبيع أرضنا بأى شكل، إنما المسألة تبحث من الناحية القانونية والتاريخية بحياد وموضوعية، دون أفكار مسبقة، لكن هناك كثيراً من القوى استغلت القضية للصراع السياسى.
■ إذا عدنا لـ«المصريين الأحرار».. هل ترى أن الدولة لها دور فيما يحدث داخل الحزب؟
- للأسف فى الظروف العامة فى بلدنا كل الاحتمالات تكون واردة، وأتمنى ألا يكون هذا هو الحال، وأنا متأكد بالطبع أن شخصاً مثل عصام خليل يهمه أن يكون على صلة طيبة جداً بأجهزة الأمن، بل إذا عبرت عن ذلك بدقة أكثر يمكن أن أقول إنه حريص على أن يكون موضع رضا من جهات الأمن بشكل عام، وفى تقديرى أن تدخل جهات الأمن للتأثير فى الحياة السياسية المصرية قطعاً عنصر سلبى فى الحياة السياسية المصرية، ولا يمكن أن نتصور بناء نظام ديمقراطى حقيقى مع وجود هذه التدخلات من الأمن فى الأحزاب السياسية.
■ ولماذا تركت الحزب؟
- تركت الحزب بسبب شعورى بالملل، وشعورى أننى أديت دورى، ورغبة فى ترك المجال لجيل جديد يقود الحزب. وأنا لم أندم على الاندماج بين حزبى الأول «الجبهة الديمقراطية» و«المصريين الأحرار» لأننى لم يكن أمامى وقتها أى حل آخر، حيث كان الدافع الأساسى لاندماج حزب الجبهة مع المصريين الأحرار دافعاً مادياً، لأننا لدينا مشكلة فى مصر وهى مشكلة تمويل الأحزاب السياسية، لأن الأحزاب السياسية فى مصر مشكلتها أنها تعتمد فى تمويلها على مصدر معين من المصادر وفى الغالب يكون رجال الأعمال أو المتبرعين، وهذه مشكلة كبيرة.
■ ما توقعاتك للشكل الذى ستنتهى عليه أزمة «المصريين الأحرار»؟
- أعتقد أنه سيظل حزباً صغيراً، ومن الممكن أن تحدث به مشاكل أكبر مما هى عليه الآن، وهذه الأزمة بالتأكيد ستنعكس على أداء الحزب، وسيكون له وجود شكلى، وفرصه كحزب قوى أصبحت محدودة جداً.
■ كيف ترى الوضع السياسى فى مصر حالياً؟
- الوضع السياسى الحالى فى مصر يتسم بالاستقرار بشكل عام، فإذا قارنا ما بين مصر والدول الأخرى فى المنطقة قطعاً سنجد أن مصر ما زالت تستند إلى تاريخها ومؤسساتها وخصوصيتها الجغرافية والسكانية، وأعتقد أن هناك إمكانية أفضل بكثير أن تكون الأوضاع فى مصر أكثر حيوية وفاعلية، إذا تم توسيع النخبة السياسية المصرية، خاصة أن أحد عيوب النظام الحالى هو أنه يعتمد بدرجة أساسية على مجموعة محدودة من القيادات من القوات المسلحة، وقطعاً مصر كلما وسعت اعتمادها على أبنائها الموجودين فى كل المجالات، فإن الأداء سيكون أفضل. وأنصح الرئيس بأن يستفيد من القدرات السياسية الموجودة فى البلد، فمصر مليئة بالخبراء فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحفية، وأن يكون أكثر تقبلاً لفكرة المعارضة، فهذه مسائل أساسية وألا تسير البلد فى اتجاه ثانٍ، فاتجاه الدولة الآن إلى مزيد من السطوة لأجهزة الأمن والأجهزة السيادية وهذا ما أخشى منه جداً.
■ هل ترى أن الرئاسة تتواصل بشكل جيد مع الشعب وخاصة مع الشباب؟
- قطعاً، أرى أن الرئيس السيسى قطع شوطاً معقولاً فى حل مشكلة العلاقة بالشباب فى الفترة الأخيرة عندما قام بعمل مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ، وهى خطوة واحدة ينبغى أن يتبعها خطوات كثيرة، لأن الشباب يمثلون نصف مصر، ونحن نحتاج إلى التنمية والتطوير بلا شك، ولا أستطيع أن أقول إن التواصل بين الرئاسة والشعب ليس فى أفضل حالاته، وأنا هنا أريد أن أشير إلى ما حدث عقب تعويم الجنيه المصرى لأننى أعتقد أن تعويم الجنيه المصرى كان مسألة حتمية ولا بد منها، بل إنه قرار تأخر كثيراً وكان يمكن أن يتخذ فى عهد الرئيس السادات أو مبارك، والرئيس السيسى غامر مغامرة كبيرة جداً باتخاذ القرار، حتى يمكن أن تكون الأسعار أو الأوضاع المعيشية فى مصر فى حالة نوع من الاستقرار والتكيف مع العالم الخارجى، وأعتقد أن الأمور إذا أديرت بشكل جيد سيكون لها آثار إيجابية فى المستقبل، والمشكلة أن هذا القرار لم يقدم بشكل مقنع للشعب، وإنما الشعب فوجئ بالتعويم، وفوجئ بالارتفاع المذهل فى الأسعار بشكل غير منضبط، ومن حسن حظ السيسى حتى الآن أن الشعب متحمل هذا كله، وبالتأكيد أن آثاره السلبية تخصم من رصيد السيسى، وأنا أسأل نفسى لماذا لا يتم التواصل مع الشعب، فلماذا لا يقوم السيسى بهذا التواصل، وأعتقد أن هذا أمر مطلوب بلا شك، سواء بشكل مباشر أو من خلال لقاءات مع الصحفيين.
■ هل تؤيد تغيير الحكومة؟
- تغيير الحكومة من وقت إلى آخر مسألة معتادة فى أى مجتمع ديمقراطى، المهم أن يتم التغيير للأفضل، وتغيير العناصر التى تثبت التجربة ضعفها وعدم نجاحها، وكل ما أتمناه أن يتم التغيير على أسس موضوعية بالفعل، تستطيع أن تفرز الأفضل.
■ وما الذى يزعجك حالياً؟
- أكثر شىء يزعجنى، حالياً، التسريبات التى تخرج من وقت إلى آخر، فهى تعتبر كارثة، وهذا مبدأ لا يليق، وهو مبدأ كارثى ينتهك الحريات الخاصة والدستور والقانون، وللأسف تتم هذه التسريبات عن طريق مؤسسات فى الدولة، وهذا الأمر يخيم على الأوضاع السياسية فى مصر، وللأسف يصبغها بصبغة سيئة للغاية، لأن فكرة أن تستباح المحادثات الخاصة والمكالمات التليفونية، وكأن ذلك أمر عادى وليس خطأ، يعد كارثة فى أى بلد محترم، فمثلاً ريتشارد نيكسون رئيس أمريكا فى السبعينات عندما ظهر أنه يتجسس على الحزب الديمقراطى، أُجبر على الاستقالة، أما فى مصر ونحن نقول إننا دولة محترمة، فى حين يتم الإذاعة على الهواء لهذه التسجيلات، فهذه فضيحة بمعنى الكلمة، والمشكلة لها شقان، الأول الأجهزة التى تسجل وهذه يجب أن يكون لديها إحساس بالمصلحة الوطنية أكثر مما هى عليه، فالمسألة ليست نكاية فى شخص أو غيره من الناس، والشق الثانى المحطات التى تذيع هذه التسجيلات، فالطرفان مسئولان، مَن أخرجها ومن أذاعها، وأعتقد أننا لو كنا أمام سيادة قانون فى البلد فلا بد من محاكمة هؤلاء.
■ وهل ترى أن هناك غياباً لسيادة القانون؟
- طبعاً هناك مشكلة تتعلق ببعض الممارسات شديدة السلبية فى الحياة العامة فى مصر، وبالمناسبة سرطان التسجيلات بدأ ينعكس فى الحياة الخاصة للمواطنين، والآن معظم المصريين يُسجلون لبعضهم البعض، وهناك تسجيلات إباحية وغير شرعية ولا قانونية.
■ ألم تشعر بالقلق أن يكون لك مكالمة مسجلة؟
- أنا لا أخشى شيئاً، ومن يريد أن يسجل فليسجل، وأنا مستعد لسماع أى مكالمة مسجلة لى، وقطعاً ما يحدث به إساءة للبلد وللقيم والدستور وتخويف للشعب.