«الوطن» تكشف زيف أخطر تقرير بحثى فى أمريكا حول ليبيا
سامح شكرى فى لقاء سابق مع وزيرى خارجية ليبيا والجزائر
الاجتماع حضره أيضاً كل من أحمد أبوالغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، ومارتن كوبلر، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، والرئيس التنزانى السابق جاكايا كيكويتى ممثل الاتحاد الأفريقى إلى ليبيا.
الوزراء استعرضوا آخر تطورات الوضع فى ليبيا، وشدّدوا على أنه لا بديل عن التمسّك بالاتفاق السياسى الليبى الموقع فى 17 ديسمبر 2015 فى مدينة الصخيرات كإطار وحيد للخروج من الأزمة الراهنة التى تعانى منها ليبيا، وذلك وفقاً للمبادئ الرئيسية التى تم التوافق عليها فى الاجتماعات الوزارية التى انعقدت فى كل من القاهرة، وإنجامينا، والخرطوم، والجزائر، وتونس، ونيامى. وأكد الوزراء المبادئ التالية:
١ - الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة ليبيا وسيادتها على أراضيها ولحمة شعبها.
٢ - رفض أى تدخل أجنبى فى الشئون الداخلية الليبية.
٣ - الحفاظ على مؤسسات الدولة الليبية الشرعية ووحدتها واحترام سيادة القانون، وضمان الفصل بين السلطات وضمان تحقيق العدالة الاجتماعية.
٤ - الحفاظ على وحدة الجيش الليبى، إلى جانب وجود شرطة وطنية لحماية البلاد، وفقاً لبنود الاتفاق السياسى الليبى، لأداء مهامها فى الحفاظ على أمن واستقرار الدولة الليبية ومؤسساتها الشرعية.
٥ - ترسيخ مبدأ التوافق دون تهميش أو إقصاء، والالتزام بالحوار الشامل بين جميع الأطراف الليبية ونبذ العنف وإعلاء المصالحة الوطنية الشاملة.
٦ - المحافظة على مدنية الدولة والمسار الديمقراطى والتداول السلمى للسلطة فى ليبيا.
وأكد الوزراء مجدداً دعمهم للمجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى، المنبثق عن الاتفاق السياسى الليبى، الذى يؤسس لحل سياسى نهائى للأزمة، ودعا الوزراء المجلس الرئاسى إلى تكوين حكومة وفاق وطنى تمثل كل القوى السياسية الليبية، وحثّوا مجلس النواب الليبى على الاجتماع لمناقشتها ومنحها الثقة، وفقاً لبنود الاتفاق السياسى الليبى، لمباشرة مهامها.
مصر تقود عملاً إقليمياً ودولياً للحفاظ على وحدة ليبيا ورفض التدخل الأجنبى
كما جدّد الوزراء عزمهم على مواصلة الجهود للإسهام فى تشجيع العملية السياسية فى ليبيا وإنجاحها، وإيجاد الظروف الملائمة لإرساء الاستقرار واستعادة الأمن فى جميع أنحاء البلاد، وذلك بالتعاون مع الجهود المقدّرة التى يبذلها مارتن كوبلر، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، وكذلك كل من الرئيس التنزانى السابق جاكايا كيكويتى ممثل الاتحاد الأفريقى إلى ليبيا، والسفير صلاح الدين الجمالى، مبعوث الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى ليبيا.
وجدّد الوزراء رفضهم القاطع الحل العسكرى للأزمة الليبية، لما له من تداعيات سلبية على أمن واستقرار ليبيا بشكل خاص، ودول الجوار الليبى بشكل عام، وأكدوا أن الحوار السياسى الشامل بين الأطراف الليبية هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة.
وشدّد الوزراء على رفضهم أى تدخل عسكرى أجنبى، وأكدوا أن مكافحة الجماعات الإرهابية فى ليبيا يجب أن تكون فى إطار الشرعية الدولية، وأن العمليات بهذا الخصوص يجب أن تكون بناءً على طلب من المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى وفقاً للشرعية الدولية وأحكام القرار رقم 2259 المعتمد من مجلس الأمن بتاريخ 23 ديسمبر 2015 وميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف البيان أن الوزراء بحثوا الوضع بالغ الخطورة الذى يعيشه الشعب الليبى جراء الأزمات السياسية والأمنية وتداعياتها المتعدّدة، وفى هذا الصدد أعربوا عن القلق من استمرار وجود التنظيمات الإرهابية فى بعض المناطق الليبية، لما يمثله ذلك من خطر حقيقى على الشعب الليبى ومستقبل عمليته السياسية.
وشدّد الوزراء على أهمية تعزيز التعاون والتشاور فى ما بين دول الجوار على صعيد أمن الحدود ومكافحة الإرهاب بمختلف صوره والجريمة المنظمة وكل أشكال التهريب العابر للحدود، وعلى مواصلة الجهود لعقد اجتماع للخبراء ليعرض اقتراحات فى هذا الصدد على الاجتماع المقبل لوزراء خارجية دول جوار ليبيا.
وأشاد الوزراء بالنجاحات التى تحقّقت فى مواجهة الإرهاب فى مختلف المناطق الليبية، خصوصاً فى مدينتى بنغازى وسرت. وأشاروا إلى أهمية ملاحقة العناصر الإرهابية التى تخرج من المدينتين، حتى لا تعيد تمركزها فى مناطق أخرى فى ليبيا، وفى دول الجوار.
المهدى البرغثى اسم يتم إعداده لمواجهة «حفتر».. والجيش الوطنى الليبى مصمم على تطهير بلاده من الإرهاب
وأكد الوزراء الدور المحورى والأساسى لآلية دول جوار ليبيا باعتبارها المعنية بالدرجة الأولى بحالة عدم الاستقرار فى ليبيا، والأكثر تضرّراً من جراء الأزمة. وعلى ضوء ذلك، دعوا الدول والمنظمات الإقليمية والدولية التى ترغب فى المساهمة بالخروج من الأزمة لأن تأخذ فى الاعتبار مقاربة آلية دول الجوار وموقف المجموعة ورؤيتها للوضع الراهن فى ليبيا عند التطرّق لأى جهد يهدف للمساهمة فى حل الأزمة، وأن يكون ذلك فى إطار المسار السياسى الأممى.
وثمّن الوزراء المجهودات المبذولة من قِبَل دول جوار ليبيا والاجتماعات والمشاورات التى تمت مؤخراً فى القاهرة والجزائر وتونس ومساعيهم الرامية إلى معالجة الأزمة التى تعانى منها ليبيا وتطويق تداعياتها، فضلاً عن التباحث وتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية من أجل الوصول إلى التسوية السياسية، فى إطار المسار السياسى الأممى، وإشراك جميع الأطراف الليبية الرئيسية فى إطار حوار ليبى - ليبى شامل، وشجّعوا دول الجوار على مزيد من التنسيق حول هذه المساعى.
وأعرب الوزراء عن انشغالهم بالوضع الإنسانى المتردى الذى تعانى منه ليبيا، والظروف المعيشية الصعبة للمواطنين الليبيين. وفى هذا الصدد، أشادوا بدور المؤسسات الشرعية المركزية والمحلية فى مختلف مناطق ليبيا لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
وأكد الوزراء أهمية قيام المجتمع الدولى بالتنسيق مع السلطات الشرعية الليبية لتنفيذ خطة للاستجابة للاحتياجات الإنسانية فى ليبيا خلال عام 2017، حيث يعانى الشعب الليبى من نقص حاد فى الأدوية والمستلزمات الطبية فى المستشفيات والمنشآت الصحية فى مختلف أنحاء ليبيا.
ودعا الوزراء إلى إلغاء التجميد على الأموال الليبية المجمّدة فى البنوك الأجنبية، لتخصّص هذه الموارد التى هى ملك للشعب الليبى لمواجهة احتياجاته الوطنية، فى الوقت الذى يراه المجلس الرئاسى مناسباً.
وطلب الوزراء من الرئاسة المصرية للاجتماع نقل هذا البيان إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وإلى رئيس مجلس الأمن بالأمم المتحدة، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ورئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقى.
وطلب الوزراء من رئاسة الاجتماع رفع أسمى عبارات التقدير والامتنان إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، والحكومة المصرية على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال والتدابير والترتيبات التى تم اتخاذها من أجل إنجاح أعمال هذا الاجتماع، وعلى المجهودات المبذولة لتسوية الأزمة فى ليبيا.
واتفق الوزراء على عقد الاجتماع الوزارى الحادى عشر لوزراء خارجية دول جوار ليبيا فى الجزائر، على أن يتم تحديد الموعد لاحقاً عبر التشاور المسبق، كما اتفق الوزراء على إبقاء آلية دول الجوار فى حالة انعقاد مستمر لمتابعة التطورات فى ليبيا.
إلى هنا وانتهى البيان.. بنقاطه الواضحة التى تُحدّد منهج عمل دول الجوار الليبى فى ما يخص الوضع المتأزم الراهن.. وهنا يفرض الربط البحثى نفسه لوضع هذا السياق بجوار الجهد المصرى الذى تباشره القوات المسلحة المصرية لتحقيق وإنجاح الوفاق الليبى، وهو جهد منطقى ومطلوب لأن المسألة الليبية تُشكل قضية أمن قومى لمصر بشكل مباشر.. هذا الجهد عكسته مجموعة من الأخبار الصحفية فى الفترة الماضية، كان من بينها ما يخص اللقاء الذى جرى بين الفريق محمود حجازى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وأعضاء اللجنة المعنية بليبيا مع المبعوث الدولى لدى ليبيا «مارتن كوبلر» فى الرابع عشر من يناير الحالى.
ووفق ما تناقلته التقارير الصحفية المنشورة حول هذا اللقاء جرى إطلاع المبعوث الدولى على نتائج اللقاءات التى تمت بالقاهرة مع الأطراف الليبية الفاعلة حتى الآن، مع بحث المستجدات على الساحة الليبية وآليات العمل، لتحقيق الوفاق الليبى حول الشواغل الليبية للتطبيق العملى للاتفاق السياسى الموقّع فى الصخيرات، ووفقاً لمخرجات اللقاءات الليبية التى تمت بالقاهرة، خصوصاً الصادرة فى بيان القاهرة الصادر فى 13 ديسمبر الماضى.
وفى السياق نفسه، أعرب مارتن كوبلر عن التقدير الخاص للجهود المصرية المبذولة فى الفترة الأخيرة، لتحقيق التقارب فى وجهات النظر بين الأطراف الليبية، التى تشكل خطوة مهمة للتوصل إلى توافق يضمن سرعة استعادة الأمن والاستقرار، وبناء هياكل مؤسسات الدولة الليبية.
وإلى هنا انتهى الخبر، لنجد أن مصر تتعامل مع المسألة الليبية برؤية واضحة، لأنها تدرك جميع أبعاد المشهد الليبى وأدق تفاصيله وتسعى لإنجاح استراتيجية تعتمد على البناء المؤسسى لليبيا والحيلولة دون اشتعال الحرب الشاملة بها، وانتقالها إلى دولة فاشلة، وهو المصير المرعب الذى تعمل القاهرة بإخلاص لإنقاذ ليبيا منه.
ومن القاهرة إلى واشنطن.. ومن العمل المؤسسى السياسى والدبلوماسى الرسمى إلى القراءة البحثية التى تتناول ليبيا داخل بيوت التفكير الأمريكية.. مؤخراً قدّم الباحث أندرو أنجيل، المتخصص فى ملف «الدول الفاشلة»، قراءة نشرها قسم شمال أفريقيا بمعهد واشنطن، تضمنت هذه الرؤية.
يقول أندرو أنجيل فى ورقته البحثية: إنه فى الشهر الماضى، حقّقت القوات الثورية المتشدّدة التى مقرها فى مصراتة نصراً بارزاً ضد الفرع الليبى لتنظيم الدولة الإسلامية فى سرت. لكن، عوضاً عن تهدئة الوضع الأمنى المتردى فى البلاد، تسبّبت النتيجة مرة أخرى فى جعل ميليشيتين متناحرتين تتقاسمان الخطوط الأمامية. وفى أعقاب النجاحات العسكرية التى أحرزها الجنرال خليفة حفتر ضد متطرفين فى بنغازى، أصبح «حفتر» و«الجيش الوطنى الليبى» فى الشرق، على استعداد لاستئناف القتال ضد معسكر مصراتة والقوات الإسلامية التى تتّخذ من طرابلس مقراً لها، مما دفع بممثل الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، إلى إصدار بيان فى 4 يناير حثّ فيه «جميع الأطراف على ضبط النفس». وقد باءت جميع الآليات السياسية الرامية إلى رأب الانقسامات فى البلاد بالفشل، من بينها «الاتفاق السياسى الليبى»، الذى توسطت فيه الأمم المتحدة فى ديسمبر 2015 و«المجلس الرئاسى» اللاحق الذى حاول أن يجعل «حكومة الوفاق الوطنى» تنهض وتباشر أعمالها. وتندلع المناوشات، ويوشك كل من الاتفاق السياسى و«حكومة الوفاق الوطنى» على فقدان أهميتهما على نحو ما ذهب الباحث أندرو أنجيل إليه.
الاتجاه نحو نشوب الصراعات
فى 3 يناير الحالى، رفض «حفتر» اجتماعاً مقترحاً مع رئيس «المجلس الرئاسى» ورئيس «حكومة الوفاق الوطنى» فائز السراج، معتبراً أنه يجب دحر التطرف قبل أن تدرس ليبيا احتمال إرساء عمليات ديمقراطية. وبعد ذلك هدّد بالتقدّم نحو «طرابلس» و«تحرير» حقول النفط الجنوبية الغربية.
ورداً على ذلك، كتب القائد السابق لـ«الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» سامى الساعدى، فى 8 يناير: «لا تلوموا الثوار [فى طرابلس ومصراتة] على الحرب المقبلة».
ويحثّ إسلاميو طرابلس الآخرين، على شن حرب ضد «حفتر»، كما تعهد قادة مصراتة بالمقاومة. وقد وفّرت فصائل من المدينتين الدعم المادى للجماعات الإسلامية والجهادية البغيضة التى قاتلت «الجيش الوطنى الليبى» فى بنغازى، على غرار «لواء الدفاع عن بنغازى» و«مجلس شورى ثوار بنغازى» الذى يشمل «أنصار الشريعة»، الجماعة المصنّفة كمنظمة إرهابية. كما حظى «لواء الدفاع عن بنغازى» بدعم من جهاديى درنة، وتتعاون الجماعتان على الأرجح مع تنظيمى «القاعدة» و«الدولة الإسلامية» فى مواجهة «الجيش الوطنى الليبى».
ولم يخلُ هذا الدعم للمتطرفين من العواقب، فرضاً على تعاون «المجلس العسكرى فى مصراتة» مع «لواء الدفاع عن بنغازى» فى قاعدة «الجفرة» الجوية فى وسط ليبيا، الذى شمل اجتماعاً عُقد هناك فى 25 ديسمبر، وفقاً لبعض التقارير، شنّ «الجيش الوطنى الليبى» غارة جوية على إحدى طائرات المجلس من طراز «سى - 130» فى 3 يناير، وفرض منطقة حظر جوى فوق المنطقة. وفى غضون ذلك، اندلعت اشتباكات بالقرب من قاعدة «تمنهنت» الجوية الجنوبية الغربية بين مقاتلين موالين لـ«الجيش الوطنى الليبى» و«القوة الثالثة» فى مصراتة.
نقاط ضعف «حكومة الوفاق الوطنى»
يقول الباحث أندرو أنجل إنه تمّ تأسيس «حكومة الوفاق الوطنى» لتكون حكومة انتقالية ثالثة يتمّ فرضها على حكومتين متنافستين: «مجلس النواب» فى طبرق (تحت قيادة «حفتر» ويشمل «الحكومة المؤقتة» فى البيضاء)، وبقايا «المؤتمر الوطنى العام» ومعظمهم من الإسلاميين فى طرابلس. وقد لعب كلا الجانبين دوراً هدّاماً.
وبموجب «الاتفاق السياسى الليبى»، يتعيّن على «مجلس النواب» الموافقة على «حكومة الوفاق الوطنى» والدستور، لكنه صوّت مرتين ضد لائحة «المجلس الرئاسى» لوزراء «حكومة الوفاق الوطنى»، علماً بأنه لطالما افتقر إلى النصاب. ورغم أنه قد تردّد أن الكثير من أعضاء «مجلس النواب» أرادوا المصادقة على «حكومة الوفاق الوطنى» (مع تحفّظات حول الأحكام العسكرية والأمنية الخاصة بها)، عطّل رئيس «مجلس النواب» عقيلة صالح، هذا التصويت. ونظراً إلى أن ولاية «حكومة الوفاق الوطنى» محدّدة بعام واحد، رهناً بموافقة «مجلس النواب» أو عامين، إذا لم تكن قد وُضعت الصيغة النهائية للدستور الجديد، فبإمكان المفسدين انتظار انتهاء ولايتها.
وفى الوقت نفسه، أعاد معظم أعضاء «المؤتمر الوطنى العام» بناء قوتهم لتأسيس «المجلس الأعلى للدولة»، برئاسة المتشدّد من مدينة مصراتة عبدالرحمن السويحلى. وفى حين تمّ وضع تصوّر لهذه الهيئة الاستشارية، بموجب «الاتفاق السياسى الليبى»، إلا أن «المؤتمر الوطنى العام» سيطر عليها عبر صلاحية قانونية مشكوك بها، ومن دون مصادقة «مجلس النواب». وفى وقت لاحق حاول «المجلس الأعلى للدولة» الاستحواذ على الصلاحيات التشريعية لـ«مجلس النواب»، حيث وصف أحد المتحدثين باسم الطرف الآخر على الأقل الحادث بأنه «انقلاب». وفى منتصف أكتوبر، حاول حتى بعض العناصر الباقية من «المؤتمر الوطنى العام» إحياء «حكومة الإنقاذ الوطنى» القديمة فى طرابلس، التى نافست «الحكومة المؤقتة» فى البيضاء قبل اتفاق ديسمبر 2015.
ويواجه «المجلس الرئاسى» أيضاً انقسامات داخلية. فقد قاطع اثنان من أعضائه التسعة، هما على القطرانى وعمر الأسود، اجتماعات المجلس. وفى تعليق على القطرانى، قال عضو «المجلس الرئاسى» فى «حكومة الوفاق الوطنى» محمد عمارى: إن «الأمر الغريب حول أولئك الذين يقولون إن الاتفاق السياسى قد انهار هو عدم التزامهم بتطبيقه». وبالفعل، دعا «القطرانى» علناً إلى قيام حكم عسكرى تحت قيادة «حفتر». وفى 2 يناير، قدّم عضو «المجلس الرئاسى» موسى الكونى استقالته، لأن المجلس «عجز عن توحيد مؤسسات الدولة». وفى وقت سابق، كان عضو المجلس فتحى المجبرى قد حاول زيادة عدد أعضاء «حكومة الوفاق الوطنى» عبر القيام بتعيينات جديدة، مستغلاً وجود رئيس الوزراء خارج البلاد؛ وفى وقت لاحق ألغى «السراج» هذه التعيينات.
وعلى الجبهة الأمنية، أشار «مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة» إلى أن مئات الآلاف من الليبيين لا يزالون يعيشون فى ظروف غير آمنة، وهو وضع فاقمه عدم إحراز «المجلس الرئاسى» تقدّماً على صعيد نزع سلاح عناصر الميليشيات وتسريحهم وإعادة دمجهم فى جيش جديد. كما أن «حكومة الوفاق الوطنى» منقسمة حول من سيتولى قيادة الجيش. وبموجب «الاتفاق السياسى الليبى»، من المفترض أن يقوم «المجلس الرئاسى» بدور القائد الأعلى للجيش، لكن هناك القليل من القيادة والسيطرة على الجماعات المسلحة الموالية ظاهرياً لـ«حكومة الوفاق الوطنى». وكانت الحكومة المؤقتة فى البيضاء قد دعت المواطنين إلى دعم «الجيش الوطنى الليبى» فى «تطهير ليبيا من الإرهاب»، فى حين أصرّ وزير الخارجية المقترح من قبل «حكومة الوفاق الوطنى» طه سيالة، على أن يشكّل «الجيش الوطنى الليبى» بقيادة «حفتر» نواة الجيش الجديد. غير أن «المجلس الأعلى للدولة» رفض فكرة «سيالة». كما أن وزير الدفاع المقترح من قِبَل «حكومة الوفاق الوطنى» المهدى البرغثى، وهو ضابط سابق فى «الجيش الوطنى الليبى» من الشرق، يعارض الجنرال حفتر، فى وقت يدعو فيه المفتى العام الصادق الغريانى وغيره من الإسلاميين من طرابلس إلى إنشاء جيش وطنى لمحاربة الجنرال حفتر. وفى طبرق، ذكرت بعض التقارير أن رئيس «مجلس النواب» عقيلة صالح، رفض التنازل عن دوره المبدئى كالقائد الأعلى لـ«الجيش الوطنى الليبى»، تماماً كما يعارض «حفتر» التخلى عن سيطرته العملية على الجيش.
وقد فشل «المجلس الرئاسى» أيضاً فى توحيد ودمج الجماعات المسلحة المتنافسة فى طرابلس. وفى منتصف أكتوبر، انشقت بعض عناصر «الحرس الرئاسى» الخاص بالمجلس وانضمّت إلى ما تبقى من «المؤتمر الوطنى العام» و«حكومة الإنقاذ الوطنى»، مستولية على مقرّ «المجلس الأعلى للدولة». وقد شهد ديسمبر أعنف الاشتباكات فى المدينة منذ عام 2014، الأمر الذى يمكن أن يعود بالفائدة على «حفتر» من خلال إضعاف منافسيه وإقناع المزيد من الأشخاص بتشجيع معارضته لكل من «المجلس الرئاسى» و«حكومة الوفاق الوطنى».
ووسط هذه المشكلات الأمنية المستفحلة، وصف «البنك الدولى» فى أكتوبر الاقتصاد الليبى بأنه «على وشك الانهيار». فالبلاد تواجه عجزاً فى الميزانية بنسبة 70 فى المائة، وعانت من تضخّم جامح، وأزمة سيولة، وانقطاع فى المياه والكهرباء خلال العام الماضى. ووفقاً للأمم المتحدة، هناك 1.3 مليون ليبى بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
وقد عجزت «حكومة الوفاق الوطنى» أيضاً عن استئناف تصدير النفط، مما زاد من تقويض شرعيتها. وخلال الصيف الماضى، دفعت الحكومة عشرات الملايين من الدولارات إلى «حرس مرافق البترول» لإعادة فتح الموانئ النفطية، غير أن الحرس عجز عن الوفاء بوعوده. فلم تُستأنف الصادرات من «الهلال النفطى» سوى بعد عامين على التعطيل، لأن «الجيش الوطنى الليبى» أنهى بالقوة أسلوب الابتزاز الذى كان يمارسه «حرس مرافق البترول».
ماذا يريد أندرو أنجل من ورقته البحثية حول ليبيا؟
يلخص أندرو أنجل رؤيته فى هذه السطور ويقول: كان الكثير من المراقبين يأملون فى البداية بأن يتمكن «المجلس الرئاسى» من جمع الفصائل السياسية والمسلحة معاً من خلال سيطرته على عائدات النفط الليبية وقدرته على تلقى مساعدات أمنية عبر إعفاءات من حظر توريد الأسلحة الذى تفرضه الأمم المتحدة. غير أن هذا الوعد قد انهار. واختار «حرس مرافق البترول» الابتزاز على تصدير النفط، ولم تسهم محاولات «حكومة الوفاق الوطنى» لتبسيط الأمن سوى بإحداث المزيد من الفوضى.
وإذا استمرت الظروف الحالية على ما هى عليه، سيتمتع فصيل الجنرال حفتر بنفوذ يفوق منافسيه، مما لا يوفر له الكثير من المحفزات لتطبيق «الاتفاق السياسى الليبى».
يُذكر أنه عبر السيطرة على حقول النفط، سيحظى «الجيش الوطنى الليبى» بفرصة استئناف صادرات النفط وتوفير منافع اقتصادية ملموسة للشعب الليبى، الأمر الذى سيُعزّز سمعته على الأرجح ويزيد من تماسكه المتفوق، مقارنة بغيره من الجماعات المسلحة. ومن جهتها، لا تزال الفصائل المتحالفة مع الجنرال حفتر تتلقى قدراً أكبر من الدعم على المستوى السياسى والأمنى والاستخباراتى الداعمين، الأمر الذى يُسهّل عليها الامتناع عن التوصّل إلى أى تسوية أو مصالحة.
ومع ذلك، لا يمكن تكرار النجاحات التى حققها «حفتر» فى الشرق فى كل من مصراتة وطرابلس، حيث لن يجلب التقدّم نحو الغرب سوى المزيد من الدمار والخراب إلى ليبيا. إن إعادة التفاوض بشأن الاتفاق السياسى من أجل التركيز على الشروط العسكرية والأمنية كنقطة انطلاق وليس نهاية، قد تساعد على منع تجدّد الحرب الأهلية.
وفى تقديرنا نرى الآتى:
1 - الباحث أندرو أنجل قدّم سرداً معلوماتياً لتوظيفه فى اتجاه رؤية تحاول تصوير المخرج للأزمة الليبية فى تقويض الجيش الوطنى الليبى وتحديداً الجنرال حفتر.
2 - قام الباحث بالمساواة فى المراكز بين الجيش الوطنى الليبى والقوى والفرق الإرهابية الأخرى، وهى مساواة تحمل خللاً عنيفاً فى التوصيف الأدبى والقانونى والأخلاقى للصراع الدائر على الأرض الليبية.
3 - تجاهل الباحث دور بعض الدول الإقليمية فى دعم الإرهاب والفصائل الإسلامية المتشدّدة داخل ليبيا، وتجاهل التقارير الدولية التى تشير إلى قطر تحديداً فى هذا الخصوص.
4 - تجاهل الباحث لُبّ الأزمة، وهو السيطرة على النفط وتعمد تفجير الوضع للحيلولة دون نجاح استراتيجية الجيش الوطنى الليبى، بالسيطرة على ثروات ليبيا وتطهيرها من الإرهاب وبنائها مؤسسياً.