«محمد.. مشتهى الأمم» واحد من أهم الكتب التى تصدّرت معرض القاهرة الدولى للكتاب، ويجدر لأى إنسان عاشق للجمال والحقيقة أن يقرأه، سواءً كان مسلماً أو غير مسلم، فهو أشبه بقصيدة رائعة فى ثناء الآخر «غير المسلم» على النبى العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، وينقصها فقط الوزن والقافية، لكن لا يعوزها الشعور والعاطفة.
والكتاب فريد فى فكرته التى تقوم على تقديم شخصية خاتم الأنبياء عبر أقلام غير المسلمين من المفكرين والمؤرخين والفلاسفة والمستشرقين والأدباء والقسس الغربيين. فقد بذل المؤلف جهداً جباراً لنقل ما يقارب أربعة آلاف شهادة من مشاهير الغرب وعباقرتهم فى حق النبى محمد. ومن أمثال هؤلاء: برنارد شو، ولامارتين، وفولتير، ونابليون بونابرت، وجوته، وجارودى، وهوفمان، وديكارت، وهمفرى بريدو، ومونتجموى وات، فضلاً عن عشرات القسس الكبار مثل لوزان، ميشون، بوش الجد، وهو الجد الأكبر لبوش وكان قساً وعالماً شهيراً، أرمسترونج، وجابريل.
ويُعد الكتاب وثيقة تاريخية وشهادة عالمية تصلح للرد على بعض سفهاء الغرب والشرق الذين يتطاولون على المقام الشريف لخاتم الأنبياء. كما حوى الكتاب شهادة خمسين شاعراً مسيحياً مدحوا النبى الكريم، ومنهم جاك صبرى شماس والشاعر القروى وميخائيل ويردى وإياس قنصل وغيرهم.
ورحلة تأليف الكتاب استغرقت عقل ووجدان المؤلف عشر سنوات كاملة قال عنها «ما تركت كتاباً غربياً ولا مرجعاً ولا قاموساً يتحدث عن الرسول إلا واستعنت به».
وقد قرأ أحد الأدباء الكبار كتاب «محمد مشتهى الأمم» فقال لمؤلفه محمد عبدالشافى القوصى: «كيف أخرجت هذا الكتاب؟! إنه أكبر من قدراتك»، فغضب المؤلف منه، وحدّثه عن عشرات الكتب التى ألفها من قبل وإمكانياته فى التأليف. وبعدها بعدة سنوات تأمل المؤلف كتابه وقال فى نفسه: «لقد صدق هذا الأديب، إننى الآن لا أستطيع أن أكتب فيه فصلاً واحداً، لقد أمدنا الله بمدد لا حدود له، إننى فعلاً أقل شأناً من إنجاز هذا الكتاب»، هكذا راجع المؤلف نفسه متذكراً نعمة الله عليه فى إنجاز هذا الكتاب.
وقد سأل المرحوم د. مختار المهدى إمام الجمعية الشرعية السابق المؤلف يوماً: ما قصة تأليفك لهذا الكتاب الجامع؟ فقال: لقد أتانى رسول الله فى المنام وأمرنى بتأليفه وكتابته.
وقد وضعت نصب عينى أن يكون كتابى أقوى من أهم أربعة كتب أُلفت عن الرسول «صلى الله عليه وسلم»، وهى: «محمد المثل الأعلى» للفيلسوف الفرنسى لامارتين، و«محمد أعظم الرسل» لبرناردشو، و«فى خطى محمد» لنصرى سلهب و«عبقرية محمد» لعباس العقاد، ويعتقد المؤلف أنه جاوز بكتابه «محمد مشتهى الأمم» سماء هذه الكتب الأربعة.
والكتاب عبارة عن مرافعة ودفاع عن خاتم الأنبياء ولكن على لسان حكماء الغرب، حيث لم يستدع المؤلف شهادة أى مسلم من أى عصر لصالح النبى الكريم.
وقد يستغرب البعض تسمية المؤلف لكتابه بهذا الاسم غير المسبوق، فقد استلهم المؤلف عنوان كتابه من بشارة وردت فى العهد القديم تبشر بقدوم نبى آخر الزمان الذى سيدعو الناس جميعاً إلى ملة إبراهيم الخليل، وقد وردت فى الإصحاح (92-6) من سفر النبى حجى: «ويأتى مشتهى كل الأمم فيملأ هذا البيت مجداً، مجد هذا البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول».
ويقصد بالبيت الأول بيت المقدس، أما الثانى فيقصد به مكة البيت الحرام، ولفظ مشتهى كل الأمم، أى محمود كل الأمم، ويخرج من غير العبرانيين، وهذا كله حدث بالضبط.
والغريب أن بوش الجد وكان قسيساً شهيراً ومؤرخاً فى الوقت نفسه قد مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فى كتبه واعترف بنبوته، ويبدو أن بوش الابن والحفيد لم يقرأ أحدهما شيئاً من كتبه.
وقد وصف العهد القديم محمداً بأنه لا يقبل الهدية ولا يأخذ الصدقة، ويصلى إلى القبلتين.
وناداه «داود» فى مزاميره: يا سيدى، وأعلن أن سيأتى لكم نبى الرحمة بين كتفيه شارة الملك والنبوة، وأشار «ميخا» إلى أن قبلته ستكون نحو بيت إبراهيم، ورآه «أشعيا» راكباً على جمل لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق فى الأرض، وسماه «دانيال» بالمسيا الرئيس الذى به تُختم النعمة وتتم النبوة، ووصفه حجى النبى بأنه مشتهى الأمم.
وهذا نابليون بونابرت يقول عنه فى مذكراته: «إن مبادئه وحدها هى الصادقة التى يمكن أن تقود العالم إلى السعادة»، أما غاندى فرأى أن «هذا النبى يملك قلوب ملايين البشر».
لقد طاف الكاتب والكتاب بآلاف الأقوال الصادقة وأبيات الشعر الرائعة التى تثنى على الرسول وتمدحه وتصفه بأجلّ الأوصاف.
هذا الكتاب يحتاج إلى الترجمة، ويحتاج من مرصد الأزهر أن تترجم أهم فقراته إلى كل اللغات الحية وتنشرها إلى كل هذه الشعوب لكى تعرف من هو النبى محمد الذى ساهم داعش والقاعدة والعرب والمسلمون بكل فئاتهم فى تشويه صورته، فلم نحسن تقديمه إلى الناس لسوء خصالنا وأفعالنا.