إلى السيد رئيس الجمهورية
إلى السادة أعضاء جماعة كبار العلماء بالأزهر الشريف
إلى السيد المستشار النائب العام
إلى السيد رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب.. إليكم الآتى:
احتفت مشيخة الأزهر احتفاءً شديداً غير مبرر بوجود جناح لها فى معرض الكتاب الدولى المنعقد بالقاهرة، كأنها بهذا العمل -العادى جداً- قد أتت بما لم يأت به الأولون والآخرون، مع أن هذه الخطوة تأخرت أكثر من أربعين سنة، وعموماً أن تأتى متأخراً خير من ألا تأتى أصلاً، لكن بعض الكتب جاءت لتخدم جماعة الإخوان، ولم يكف مرصد الإعلام التابع لمحمد عبدالسلام، مدير إدارة الشئون القانونية بالمشيخة، عن دعوة الجماهير لقراءة الكتب المعروضة فى جناح الأزهر والصادرة عن مجلس حكماء المسلمين وباسم مشيخة الأزهر، مع أن أهم كتابين صادرين عن المشيخة داخل المعرض يحملان أفكاراً تخدم جماعة الإخوان، ليتأكد صدق ما يتردد من أن للإخوان يداً فى مشيخة الأزهر.
ففى كتاب: «التراث والتجديد» تصف المشيخة سيد قطب، الأب الروحى لجماعة الإخوان، ص ١٥ بأنه: «واحد من نخبة من عظماء مفكرى مصر»، وفى كتاب: «الأزهر فى مواجهة الفكر الإرهابى»، الصادر من المشيخة وهو عبارة عن مجموعة من الأبحاث ألقيت فى مؤتمر الأزهر العالمى لمواجهة الإرهاب!!! نقرأ ما هو أخطر، ففى ص ٧٢ نقرأ: «إن مصر والعالم العربى والإسلامى لم تكن تعرف ظهور جماعة تؤمن باستحلال تكفير المجتمع وجاهليته وتقول بوجوب المفاصلة الشعورية مع أفراده قبل عام ١٩٦٧م»، ومعنى كلام المشيخة هذا أن التكفير والتجهيل بدأ بعد وفاة حسن البنا وسيد قطب، وهو عكس ما يقول به بعض الإخوان أنفسهم كـ«القرضاوى».
العجيب أنه فى نفس هذا الكتاب ص 85 يأتى الدكتور عبدالفتاح العوارى، الذراع اليمنى للمشيخة، ليؤكد أن سيد قطب كان تكفيرياً، وينقل عنه نصوصاً فى ذلك فى عدة صفحات.
إذاً نحن أمام كتابين صادرين باسم المشيخة أحدهما عن تجديد الخطاب الدينى، والثانى عن مقاومة التطرف، والقارئ لهما ينتهى إلى نتائج فى قمة التحير والصدام والتناقض، من أهمها:
- سيد قطب من أعظم مفكرى مصر فى ص ١٥ من كتاب للمشيخة، وأيضاً سيد قطب منبع التكفير فى كتاب آخر للمشيخة ص 85.
- الانحراف الفكرى والتكفير عند المشيخة لم يرتبط بجماعة الإخوان ولا بسيد قطب، بل بدأ بعد سنة ١٩٦٧، أى بعد وفاة «البنا وقطب»، وفى نفس الكتاب التكفير بدأ مع سيد قطب.
تلك هى الحيرة التى وضعوا فيها شباب الأمة، فبدلاً من إنقاذهم بموقف واضح ومحدد حول جماعة الإخوان وسيد قطب إذا بالمشيخة تخدم الإخوان بكتابين، وتسهم من ناحية أخرى فى حيرة الناس أكثر وأكثر، وبعد كل ذلك ليتهم يعرضون الأمر على جماعة كبار العلماء لإبداء القول الفصل فى قضية ملحة كهذه، لبيان الموقف الشرعى والفكرى من سيد قطب وآرائه الخاصة بتجهيل وتكفير المجتمع، لكنهم لم يفعلوا، والموضوعات التى جاءت فى بيان المشيخة لتنظرها جماعة كبار العلماء بعيدة كل البعد عن واقع الناس ومشكلاتهم وهمومهم، فبعيداً عن موضوع الطلاق الشفهى الذى أبدت فيه جماعة كبار العلماء رأيها بعلم ونزاهة ومسئولية، فإن المشيخة تعرض على جماعة كبار العلماء -كما جاء فى البيان- موضوعات مثل عمل المرأة، وتوليها مناصب القضاء ورئاسة الجمهورية وسفرها، وغير ذلك من الموضوعات التى لا تشغل بال أحد، وكأن نساء مصر يتأهبن للسفر وللعمل ولتولى مناصب القضاء وتولى رئاسة الجمهورية لكنهن توقفن عن ذلك فى انتظار إذن المشيخة؟! وهكذا تحجب المشيخة الموضوعات ذات البال عن أعضاء جماعة كبار العلماء، وهذا من شأنه أن يجعلهم فى وادٍ ومشاكل الأمة فى وادٍ آخر، مع أن الهيئة هى أمل الأزهر الباقى، ويظل سيد قطب فى جناح المشيخة تكفيرياً ومعتدلاً فى وقت واحد ومن مصدر واحد.