وزير التموين الأسبق: الحكومة استهانت بالآثار السلبية الناتجة عن «التعويم»
الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التموين الأسبق
قال الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التموين الأسبق، إن قرار تعويم الجنيه كان قراراً سيئاً للغاية، وإن الحكومة لم تملك الأدوات والآليات التى تمكنها من السيطرة على الأسعار عقب اتخاذ هذا القرار، مؤكداً أن الحكومة استهانت بالآثار السلبية الناتجة عنه.. وإلى نص الحوار:
■ بعد مرور 100 يوم على قرار «المركزى» بتعويم الجنيه.. ما رأيك فى القرار وتداعياته؟
- القرار سيئ للغاية، لأنه افترض أن أزمة الاقتصاد المصرى ستحل بتعويم الجنيه فقط. نحن لا نملك أى آليات للسيطرة على سعر الصرف، وضعف القاعدة الإنتاجية فى مصر تسبب فى أزمة، فلم نعد منتجين لأى شىء. نحن نستورد منتجاتنا بنسبة تزيد على 80%، خاصة فى سلع أساسية مثل القمح والأرز والسكر والزيت، لأن ببساطة ما يتم إنتاجه مبنىّ على مكونات ومستلزمات إنتاج يتم استيرادها من الخارج، فالتنافسية الإنتاجية اختفت، ولذلك ارتفعت الأسعار والتضخم، وتضرر الجميع من معدل التضخم العالى.
«عبدالخالق»: قرار سيئ.. والحكومة لم تملك آليات للسيطرة على الأسعار
■ هل ترى أن الآثار السلبية الناتجة عن قرار التعويم بدأت فى الانحسار؟
- لم تنتهِ آثار القرار السلبية، لأنه لا يزال هناك إجراءات مؤلمة لم تتخذها الحكومة بعد، منها على سبيل المثال ما يتعلق بمزيد من خفض دعم الطاقة، بالإضافة إلى تخفيض فاتورة الأجور فى الموازنة العامة للدولة، ولا بد من تنفيذ هذه الإجراءات خلال الفترة طبقاً لاتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولى، ومن المؤكد أنه ستتبعها آثار تضخمية وموجة غلاء رهيبة.
■ لكن الحكومة تؤكد أن قرار التعويم كان الخيار الأوحد أمامها؟
- هذا غير صحيح. التعويم الكامل للجنيه لم يكن الخيار الأوحد، وكان لدينا بدائل أفضل، ومع مرور الوقت أعتقد أن سعر الجنيه كان سيتراجع أمام الدولار، وفى ظل هذا النمط، لا يوجد استقرار لسعر الصرف، والتراجع لقيمة الجنيه كبير جداً، وكل الأصول المتداولة أصبحت بنصف قيمتها، وتسبب ذلك فى فجوة كبيرة أدت إلى تضخم جامح، وأرى أن ارتفاع الأسعار ليس مسئولية التعويم وحده.
■ وما الدور الذى لم تقم به الحكومة من وجهة نظرك؟
- الحكومة لم تدرس الأثر المالى على الموازنة العامة، ولا الإنتاج المحلى والتجارة الخارجية، والتضخم، واستهانت بالآثار الاجتماعية لحزمة تلك الإجراءات، وكان همها الأكبر هو تنفيذ القرارات بأى وسيلة، لأن بعثات صندوق النقد عندما تأتى فإن أول ما يتم السؤال عنه هو مدى الالتزام بهذه الإجراءات، وللأسف التعويم كان له آثار انكماشية كبيرة، وكذلك آثار توزيعية.
■ كيف ترى هذه الآثار؟
- معضلة سعر الصرف تتمثل فى أمرين رئيسيين، هما ارتفاع المكون الأجنبى للإنفاق، والإنتاج المحلى، وكل تراجع فى قيمة الجنيه ينتج عنه انخفاض فى قيمة المكون المحلى، وهذا سيضعف التنافسية.
■ بماذا تنصح الحكومة حالياً لتدارك أى خطأ؟
- يمكن للحكومة التعامل حالياً على محورين، أولهما السياسة النقدية، إضافة إلى إيجاد سياسة مالية حقيقية، وتعنى بتخفيض العجز باستخدام موارد حقيقية تحقق العدالة الاجتماعية، وتخفض الإنفاق العام بالموازنة العامة للدولة، عوضاً عن الإنفاق على المشروعات القومية الكبرى، التى تتميز بأنها مشروعات طويلة المدى، ولن نجنى ثمارها إلا بعد فترة طويلة.
والمحور الثانى، عن طريق سياسة التجارة الخارجية، والرهان على مراجعة الجمارك، ويمكن لمصر أن تتخذ تدابير لتقليل الواردات، وتشغيل المصانع المغلقة.