فى هذا المكان يوم 7 يونيو 2016، أى منذ ثمانية أشهر، كتبت مقالاً بعنوان «سحر نصر وزيراً للاستثمار»، واقترحت توليها وزارة الاستثمار بدلاً من التعاون الدولى أو دمج الوزارتين معاً وإسنادهما إليها لخبرتها الاقتصادية الكبيرة من خلال عملها فى البنك الدولى ودراستها الاقتصادية (بكالوريوس وماجستير ودكتوراه)، وقلت إنها وزيرة نشيطة ولكن فى مجال القروض الذى يضيف أعباء جديدة على الأجيال المقبلة ونحن نحتاج نشاطها فى الاستثمار وهو المجال الأهم والأفضل للبلد، فالقروض لا تحتاج إلى عبقرية فمعظم الدول والمؤسسات لديها فوائض مالية تسعى لإقراضها لدول العالم الثالث، وقد تحقق ما طالبنا به وأصبحت د. سحر نصر وزيراً للتعاون الدولى والاستثمار بعد دمج الوزارتين، والمهمة غاية فى الصعوبة، والتحدى الحقيقى أمامها سوف يكون فى ملف الاستثمار، وهو قضية حياة أو موت وطوق النجاة من الأزمة الاقتصادية، خاصة أن الوزيرة السابقة أضاعت علينا عشرة أشهر ولم تحقق أى إنجاز سوى تجديد مكتبها ونقله من الدور الرابع للخامس، حتى قانون الاستثمار لم تنجزه، وإن كان القانون ليس هو الأساس فى جذب وتشجيع الاستثمارات فنحن أكثر دولة لديها قوانين ولكنها لا تطبقها إلا عند اللزوم. وكل خبراء الاقتصاد يؤكدون أن الاستثمار 90% مناخ و10% قانون، وملف الاستثمار لن يكون مسئولية الوزيرة فقط ولكن كل أجهزة الدولة، ولذلك أُنشئ المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية، فمثلاً الوزيرة ليست مسئولة عن السلوكيات السيئة التى يتعرض لها المستثمر فى المطار ولا عن موظفى المحليات الذين يضعون العراقيل أمامه وينظرون إليه بالشك والريبة وأنه حرامى وفاسد وعليه إثبات العكس، وزيرة الاستثمار ليست مسئولة أيضاً عن الإعلام الذى لا يرى فى بلده إلا السلبيات وليست مسئولة عن التصرفات السيئة لبعض رجال الأمن والفوضى المرورية ولا عن فساد بعض موظفى الضرائب والجمارك ولا عن الجهاز الإدارى بكل مشاكله وفساده، وكل هذه أمور طاردة للاستثمار.. إذن، ما الحل؟
من وجهة نظرى المتواضعة، يجب إنشاء إدارة جديدة تماماً للتعامل مع المستثمرين وحل مشاكلهم واختيار موظفيها من إدارات الاستثمار بالبنوك ومن المصريين العاملين فى المؤسسات الدولية مع إعطائهم مميزات مالية كبيرة ومنع التعامل بين المستثمرين والجهاز الإدارى وحتى مع المحافظين، فقط يكون التعامل مع هذه الإدارة الجديدة التى ترأسها الوزيرة، وإنهاء إجراءات المستثمرين فى 24 ساعة مع وجود خريطة بالمشروعات التى تحتاجها الدولة والأراضى المخصصة لها، وتكون المهمة الأولى لسفاراتنا فى الخارج الترويج لهذه المشروعات كما تفعل السفارات الأجنبية فى مصر.
الجميع ينتظر نجاحات سريعة وملموسة من د. سحر نصر، ويمكنها تحقيق ذلك من خلال إنهاء المشاكل الحالية للمستثمرين (لجنة فض منازعات الاستثمار مليئة بالمشاكل وقراراتها لا تنفذ)، واقتحام ملف المصانع المغلقة.. وأى إنجاز فى هذين الملفين سوف يكون له بالغ الأثر على المواطن وأفضل دعاية لجذب المستثمر الأجنبى. مهمة وزيرة الاستثمار صعبة ولكنها ليست مستحيلة رغم المشاكل التى تعانى منها مصر (الفساد والبيروقراطية والإرهاب)، إلا أنها ما زالت جاذبة للاستثمار والفرص كثيرة ومنها القوى البشرية التى لم نحسن استغلالها حتى فى إنتاج ما نستهلكه بدلاً من استيراده وأصبحنا سوقاً لبضاعة العالم الجيدة منها والرديئة، وزيرة الاستثمار إذا نسفت العقول والقوانين الفاسدة فالنجاح مضمون 100% واللهم احفظ مصر.