مزارع يصنع أدواته بنفسه.. من الشوال إلى «الليف»
جرجس
ألقى بالضغوط المنزلية خلف ظهره ورحل ليستقر على رصيف محطة قوص جنوب قنا، منكباً على حياكة أجولة بلاستيكية، لعمل بالة ضخمة تعينه على شئون الزراعة، جرجس إسحاق، أحد أبناء مركز قوص، جلس على رصيف المحطة متربعاً وممسكاً بإبرة كبيرة الحجم، تساعده على إنجاز مهمته، فمنذ كان صغيراً وهو يحب صناعة الأدوات التى تساعده على الزراعة، ومنها الأجولة البلاستيكية الفارغة التى يملأها من الغلال والتبن والقمح «دريس»، حتى يوفر ثمن شرائها من الخارج، واليد الخشبية للفأس الحديدى، وفتل ليف النخيل لصناعة مرابط المواشى. يُفضل «جرجس» العمل فى محطة قوص التى تبعد عن منزله بضعة كيلومترات، لكنها أهدأ من العمل فى المنزل، حيث ضجيج الأطفال والشباب: «باحب أشتغل بتركيز من غير صوت عالى ودخول وخروج، وباختار الوقت ما بين الظهيرة والساعة 2 علشان تبقى الدنيا فاضية وحركة القطارات معدومة».
يشترى الرجل السبعينى الجوالات البلاستيكية الفارغة من المخابز والمنازل القريبة منه مقابل جنيه واحد، ثم يشترى بكرة بلاستيكية وإبرة كبيرة يطلق عليها «مِسلة»، ويبدأ فى العمل، موضحاً أنه فى الموسم الواحد يصنع ما يقرب من 100 جوال كبير «تليس أو بال» كما يطلق عليه المزارعون: «باخد منها اللى يكفينى والباقى بابيعه للمزارعين، منه أقضى وقت فراغى فى حاجة مفيدة، ومنه زيادة دخلى»، مضيفاً: «دلوقتى كل الأسعار بقت مرتفعة والمزارع مابقاش مستحمل يشترى كل حاجة»، مطالباً الدولة باتخاذ إجراءات أكثر لحماية المزارعين فى ظل ارتفاع تكلفة إنتاج جميع المحاصيل المهمة والاستراتيجية مثل القمح والقصب.