والإشارة هنا إلى تلك المجموعة من القانونيين السائرين فى ركب جماعة الإخوان وحزبها، والذين شغلوا مقاعد عضوية بالجمعية التأسيسية لدستور ٢٠١٢ وعينهم رئيس الجمهورية فى مجلس الشورى ثم ضم بعضهم إلى هيئته الاستشارية المعنية بالشئون القانونية.
هؤلاء، وبعد أن وضعوا لمصر دستورا به الكثير من النواقص لجهة ضمان الحقوق والحريات وبناء الدولة الديمقراطية المدنية وتماهت مواقفهم فى الجمعية التأسيسية مع مواقف من اختارهم لعضويتها، أى جماعة الإخوان وحزبها، لا همّ لهم اليوم إلا الدفاع عن الجوهر السلطوى للتشريعات التى يرغب الإخوان فى تمريرها عبر مجلس الشورى.
هؤلاء، وبعد أن صمتوا بالكامل عن امتهان استقلالية ودور السلطة القضائية بحصار المحكمة الدستورية العليا وبتعيين الرئيس لنائبه العام بإعلان للاستبداد الرئاسى، تجد بعضهم اليوم فى مقدمة المدافعين عن ضرورة تمرير قانون جديد للسلطة القضائية، وهم فى تبريرهم للرغبات الإخوانية يضربون عرض الحائط بحقيقة أن مجلس النواب المنتخب هو الأجدر بمناقشة قانون السلطة القضائية وإشراك المجلس الأعلى للقضاة بجدية وإدارة حوار مجتمعى حقيقى بشأن القانون. تماما كما يضربون عرض الحائط بذات التحفظات لجهة تمرير قانون جديد للجمعيات الأهلية أو اعتماد تعديلات ضريبية مؤثرة.
هؤلاء، وبعد أن برروا تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون مجلس النواب (الشعب سابقا) وقبلوا الخروج عن الإطار الدستورى الذى أسهموا هم فى وضعه بمواد ألغت الحظر المفروض على توظيف الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية ولم تنظم حق المصريات والمصريين فى الخارج فى الترشح للبرلمان، يعترضون اليوم على رأى المحكمة الدستورية العليا الخاص بعدم جواز منع العسكريين وأعضاء هيئة الشرطة من المشاركة التصويتية فى الاستفتاءات والانتخابات. قانونيو السلطان، والسلطان هنا هو ثلاثية الرئيس والجماعة والحزب، لا يعنيهم المبدأ الديمقراطى المنصوص عليه فى الدستور المصرى والمرتبط بالمساواة بين جميع المواطنات والمواطنين وعدم التمييز بينهم لجهة مباشرة الحقوق السياسية. ولا يعنيهم أيضا كون القوانين، كقوانين الانتخابات، تأتى دوما لتفعيل المبادئ وتنظيم الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور وليس للانتقاص منها.
هؤلاء، وبعد سابق تهافت دفاعهم عن مواد غير ديمقراطية فى دستور ٢٠١٢ إن لجهة الحقوق والحريات أو لجهة العلاقات المدنية العسكرية أو فيما خص الرقابة على رئيس الجمهورية ومحاسبته، ينتجون اليوم مقولات شديدة التهافت فى رفض تصويت العسكريين وأعضاء هيئة الشرطة. يخشون على الجيش والشرطة من التحزب والتسييس إن سمح لأعضائهما بالتصويت، وهو أمر تستطيع مواد قانونية واضحة وتطبق بصرامة الحيلولة ضده. يخافون على الجيش والشرطة من دخول المجتمع المدنى المحلى والعالمى إلى المعسكرات لمراقبة الانتخابات حين يصوت أعضاؤهما، ويتجاهلون القدرة على إدارة تصويت العسكريين والمنتمين لجهاز الشرطة فى مواطنهم الانتخابية وفى مرحلة مستقلة سابقة على مراحل الانتخابات التى يحق للكافة المشاركة بها تماما كالمصريات والمصريين فى الخارج. يدفعون بخطر الاستقطاب السياسى الحالى على القوات المسلحة والشرطة إن سمح لأعضائهما بالتصويت، ويضربون عرض الحائط بكون مقولة الاستقطاب هذه إن عممت ستتوقف معها جميع الاستفتاءات والانتخابات فى مصر أو ستفتح الباب الكارثى لمنع حق المشاركة بها عن قطاعات شعبية واسعة ولأسباب متنوعة.
قانونيو السلطان همهم الوحيد هو تبرير الاستبداد وتمرير الخروج عن المبادئ الديمقراطية، والمقابل هو عوائد توزع ومناصب بالتعيين تشغل.