«أنثى للأسف».. لا بد أن تتعرى «الأنثى» تماماً، ليتأكد «الحاخام» من طهارتها!.
أن تغطى وجهها، كى لا تنجس «النار المقدسة»!.
أن ترضع الخنازير فى «تاهيتى»، وكذلك فى الخلوة بالرجال!.
أن تتزوج بمثيلتها، «نظرياً فى بعض القبائل الأفريقية»، لتحفظ الميراث!.
ترتدى «حزام العفة» الحديدى، وتختن أفكارها، وبعضها.. ثم تتقبل لعنات المجتمع: «انتى عانس»!!.
«أنثى» تعيش فى مساحة ضيقة بين العار والعورة، تتنفس قهراً، تُذبح قرباناً للهوس الدينى، تعيش «هاربة» من ظلها.. أو مطاردة من حكم بالوأد.. أو يضيع العمر انتظاراً لـ(ضل راجل)، وستر انتزعته عيون الرجال بشراهة ووحشية!.
«أنثى» فى مجتمع يتاجر بعفتها وعنوستها، تزنى بها النظرات فى «ثلاجة العرض» وهى تتجمد ذعراً وألماً.. تنتظر «قبلة الحياة» من فارس حطمت «البطالة» سيفه، ورسمت فوق ابتسامته الموجعة «شارباً»!.
«أنثى» تباع فى أسواق النخاسة، ومزادات النشطاء، وإعلانات الصابون والكريم والمنتجعات السياحية.. و«الزيت» الذى لطخ الأرض تحت أقدامها، فسقطت لتصبح مجرد «سلعة»!.
ولأنها «سلعة» مبتورة اللسان، لم تصرخ فى وجه «تجار الزيت»: (الشهادة على الحيط أفضل من ألف عريس فى البيت)!.
لم تعلن ثورتها على «التراث» الذى حولها إلى «جارية» فى بلاط الأمثال الشعبية: (لما قالولى دى بنية مالت الحيطة عليا).. فقط تأملت صورتها مشنوقة على جدران العمارات لتروج لزيت يغلى بمأساتها ويتاجر بمصيرها، ويعلن صنّاعه أن الهدف النبيل هو: (مناهضة التعنت ضد المرأة وإصدار الأحكام القاسية عليها)!!.
وكأنهم يحاربون الاغتصاب بالاغتصاب، ينهشون كرامة المرأة بأبشع الطرق للفت أنظار «المعلن» وجمهور المغفلين ممن يشترون زيتهم!.
لم تسلم المرأة يوماً من أيادى الإعلان الآثمة، إنها «صاحبة الدوندو»، والفوط الصحية (ذات الأجنحة)، وكريمات إزالة الشعر.. وهى صاحبة الجسد المثير الذى يتصدر أفيشات أفلام ترفع شعار (مناظر وليست قصة)!.
فى بلد يطالب فيه عضو مجلس النواب «إلهامى عجينة» النائبات بالاحتشام، وإجراء كشف العذرية على البنات، المرأة فعلاً مجرد سلعة.. سلعة رخيصة تهان ويهتك شرفها فى حفلات «السعار الجنسى» بطائفة من المتحرشين، هم أنفسهم من يقتلون «دفاعاً عن الشرف»!.
عملية تسليع المرأة لم تستثن المحجبات، فى مصر مسابقة لـ«ملكة جمال المحجبات»، لا نرى فيها تصفيات على أساس الفكر والثقافة، بل نشهد عمليه تجارة واسعة بالعباءات فى احتفالية عربية تستهوى دول النفط، ويستغل فيها فتيات بريئات، يتاجر بهن منظمو الحفل.. وهن يستعرض رشاقة الخطوة وتناسق الجسد وبهاء الملامح!.
الأنثى المتعلمة -المثقفة ليست حرة فى أن تبقى بلا زواج: (إنها ثقافة الزيت)، هذا مجتمع لا يعرف إلا الأبواب الخلفية للحرية، فلدينا فتاوى بأن «غشاء البكارة المزيف» نوع من أنواع الستر، وعيادات تقطع لحم النساء بالإجهاض، وأخرى تتعامل معهن وفقاً لقطع الغيار المتوفرة من أحجام الثدى وصنفرة الوجه وحشو الفراغات، و«ترقيع» ما يلزم.
الصادم فى حملة إعلانات «انتى عانس» ليس أننا فى عام المرأة، بل غياب الرقابة تماماً عن الإعلانات، ودليلى «العلبة الذهبية».. أما أن يصل الأمر إلى ابتذال ظرف اجتماعى بكل وقاحة، فهذا غير مقبول بالمرة.
العنوسة ليست اختياراً، إنها نتاج ظروف اقتصادية صعبة يعيشها الشباب.
فى فرنسا جمعية تسمى «لاموت» الفرنسية مشهورة بدفاعها عن أخلاقيات الإعلانات ورفضها اللجوء إلى الإثارة الجنسية أو التحريض على العنف فى الإعلانات عن بعض المنتجات.. وإعلانات «انتى عانس» المناهضة لتعليم الإناث هى «عنف معنوى» ضد المرأة لا بد من معاقبة من قام به.
الحمد لله الذى خلقنا إناثاً.. نحمل سر الحياة بداخلنا.. مهما تأجل.
وسيأتى من بعدنا آلاف، مثل «شجرة الدر»، والسيدة «عائشة».. وستبقى الأنوثة عنوان الخلود.. أما «الزيوت» فإلى زوال.