تعديات المنيا: 10885 حالة تعدٍّ خلال عام وقرارات الإزالة حبر على ورق
الإزالات للعشش فقط فى المنيا
10885 حالة تعدٍّ على الأراضى الزراعية شهدتها محافظة المنيا خلال عام، فيما بقيت قرارات الازالة الصادرة لها «حبر على ورق»، حيث زادت خلال تلك الفترة معدلات التعدى على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة وطرح نهر النيل فى المحافظة، ما أدى إلى بوار مئات الأفدنة الزراعية الخصبة التى تحولت إلى تقسيمات مبانٍ وسط تقاعس يمكن وصفه بـ«المتعمد» من جانب الحكومة التى تكتفى أجهزتها بتحرير محاضر على الورق.
ردم أجزاء من النيل والتعدى على طرح النهر.. ومنازل تصرف مخلفاتها فى المجرى مباشرة
فى قرية دماريس، اصطدمت قرارات الإزالة بنفوذ الكبار، فالقرية التى يفصلها عن جامعة المنيا طريق «مصر - أسوان» الزراعى، سجلت رقماً قياسياً فى التعديات، بدأها عضو مجلس سابق عن الحزب الوطنى، عندما اختار لنفسه قطعة أرض مطلة على النيل وشرع فى بناء فيلا، وبين عشية وضحاها ارتفعت المبانى والعقارات المخالفة بجواره، جراء الزحف على الرقعة الزراعية وطراد النيل، وعلى بُعد كيلو واحد من مدخل مدينة المنيا تقع عزبة أبوسويلم، التى اختفت فيها الرقعة الزراعية منذ اندلاع ثورة 25 يناير، حيث غضت المحليات الطرف عن تنفيذ قرارات الإزالة حتى ظهرت عزبة جديدة بجوار القديمة بسبب عدم تنفيذ تلك القرارات المحررة على الورق.
تفاقمت الأزمة على الضفة الغربية لنهر النيل، بقرية البرجاية التى ينتمى إليها عضوان بمجلس النواب، حيث تعرض النيل لانتهاكات غير مسبوقة، وسبق أن رصدت شرطة المسطحات أعمال ردم فى المنطقة بين قريتى دماريس والبرجاية، وكذا مركزا سمالوط ومغاغة، وأرسل بعض الأهالى المتضررين شكاوى لإدارة حماية النيل، ومديرية الرى، والوحدة المحلية، تحذر من إقامة قرية بالكامل على الضفة الغربية للنيل بالبرجاية، حيث استولى الأهالى المقيمون بالشريط الموازى للنهر على المساحات الواقعة أمام منازلهم، وأقاموا منازل عشوائية وصلت لنحو 700 منزل، وتمكنوا بطرق ملتوية من توصيل المرافق من مياه وكهرباء، والأخطر من ذلك أن دورات مياه المنازل تصب صرفها بالنيل مباشرة.
ورغم أن قرية زهرة تقع على بعد 10 كيلومترات، شمال مبنى ديوان محافظة المنيا، إلا أنها لم تسلم من التعديات التى تمثلت فى ردم المجرى بإلقاء القمامة ومخلفات المبانى على الضفة الغربية، وهناك زراعات يتم التعدى عليها بالبناء، وهو ما أكده شوكت خلف، أحد الأهالى، مشيراً إلى أن تقاعس الوحدة المحلية عن تنفيذ قرارات الإزالة وتحرير محاضر منح الفرصة للمخالفين لبناء قرابة 500 منزل تصب مخلفات الصرف فى النيل مباشرة، وخشية تكرار نفس السيناريو بقرية زهرة المجاورة طالب الأجهزة التنفيذية بالتحرك، لافتاً إلى أن هناك محطة مياه مرشحة تغذى 5 قرى.
أراضى الإصلاح الزراعى التى وزعها جمال عبدالناصر على البسطاء من الفلاحين تعرضت للتجريف والبوار، رغم أنها حق انتفاع، ولا يجوز بيعها وشراؤها ورغم ذلك باعها المنتفعون للأغنياء تمهيداً لتحويلها لكردونات مبانٍ، وأوضح ياسر عبدالوهاب، مدير مركز الحياة للدراسات، أن المنيا سجلت رقماً قياسياً فى البناء العشوائى والمخالف، خاصة بالمناطق المتاخمة للكتل السكنية، ومنها على سبيل المثال قرى البرجاية، أبوحنس، أبوسويلم، صفط اللبن، الإصلاح، أطسا، دماريس، المجيدى، وزهرة، لافتاً إلى أن المخالفين نجحوا فى توصيل المرافق، وترتب على ذلك وجود ضعف فى شبكات المياه وانقطاعات فى الكهرباء بسبب زيادة المستهلكين، وأضاف أن التقاعس عن إزالة التعديات التى تقع يومياً دفع جميع الأهالى إلى التسابق على شراء مساحات شاسعة للبناء عليها، محذراً من استمرار صمت الحكومة على تلك الكارثة.
وكشف تقرير سابق صادر عن الإدارة العامة لتطوير وحماية النيل بالمنيا، أن الفنادق والمراسى النيلية هى الأكثر تعدياً على حرم النهر وصدرت قرارات إزالة لجميع التعديات، ومنها فندق ومنتجع حورس ومرسى ثابت زكى، وملاهى أحمد محمد عبدالفتاح، وملاهى ميلاد، وقاعة أفراح اللؤلؤة، ومرسى أخناتون، وفندق جراند أتون.
وأضاف خيرى فؤاد، عضو مجلس محلى سابق، أن الأراضى الزراعية بالمنيا، البالغ مساحتها 500 ألف فدان تقريباً تقلصت بسبب التعديات، وبالرغم من إزالة تلك التعديات أحياناً إلا أن المخالفين يعودون للبناء مرة أخرى بسبب ضعف القوانين التى لا تعتبر حاسمة بالقدر الكافى، حيث تتم إزالة التعدى وعمل محضر فقط فى بعض الأحيان، مشيراً إلى أن عدد التعديات على الأراضى الزراعية لعام 2016 وصل إلى 10885 حالة تعدٍّ بجميع مراكز وقرى المحافظة، تم إزالة 5170 حالة منها فقط بشكل جزئى، وأضاف أن رفع أنقاض التعديات يتم بمعرفة المجالس القروية، ونظراً لانشغال قوات الأمن كثيراً فى تأمين العديد من المنشآت العامة والقبض على المجرمين، فإن وزارة الزراعة تحاول تفعيل دور ما يسمى بلجان الإزالة بالتنسيق بين الزراعة والحكم المحلى، مؤكداً أنه إذا فشلت المحاولات لإزالة التعديات فإنه يتم استدعاء قوات الأمن على الفور.
وقال خويلد صدقى، نقيب الفلاحين بمغاغة: «أتحدى أن تستطيع الحكومة وقف التعديات على الأراضى الزراعية لأنها تبدأ من الكبار وأصحاب النفوذ، وسبق أن اقترحت على محافظين سابقين روشتة للحل الحقيقى لهذه الظاهرة الخطيرة، ملخصها أن يتم التصالح مع من قاموا بالبناء بالفعل والوحدات المحلية، مقابل دفع مبالغ مالية تقرها لجان تقديرية، ويتم إنشاء صندوق خاص بهذا الأمر يتم توجيه أمواله لاستصلاح الأراضى الصحراوية، حيث إن المواطن الذى يقوم بالاعتداء على قيراط زراعى يدفع فى المقابل مبلغاً مالياً يكفى لاستصلاح نصف فدان صحراوى، خاصة أن التعديات مستمرة ولا تتوقف بل تزداد يومياً، والسبب أن الكتلة السكانية أصبحت ضيقة، والأهالى مجبرون على ذلك».