أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان تقريرها السنوى الثلاثين بعنوان: «حالة حقوق الإنسان فى الوطن العربى»، الذى يغطى الفترة منذ منتصف عام 2015 حتى نهاية عام 2016، حيث تناول التقرير بالعرض والتحليل تطورات حقوق الإنسان فى المنطقة العربية فى جوانبها السياسية والميدانية والتشريعية والممارسات والتوجهات.
وقد انقسم التقرير إلى قسمين: الأول تناول تطورات وتحولات مسار حقوق الإنسان فى مجمل المنطقة، واهتم بفحص تدهور حقوق الإنسان بصورة هائلة فى سياق ميادين النزاعات المسلحة الداخلية والاحتلال الأجنبى للأراضى العربية.
وقد انطلق التقرير من كون عام 2016 تناقض مع التوقعات التى حملها الربع الأخير من عام 2015، إذ لم يضع التدخل العسكرى المباشر للقوى الكبرى فى سوريا النازفة حداً لإراقة الدماء، بل استحال المشهد لهيباً فوق لهيب، على عكس مصر وتونس اللتين نجوَتا من عاصفة التلاعب الدولى والإقليمى بثورتيهما.
وقد تناول التقرير أن المنطقة العربية شهدت العديد من النزاعات فى الفترة الأخيرة، وتجذب هذه النزاعات نحو ثلث دول العالم عبر ثلاثة تحالفات رئيسية، هى التحالف الدولى لمواجهة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ويضم من الناحية الرسمية ستين دولة، ونظيره الإسلامى الذى تقوده المملكة العربية السعودية، والتحالف الثالث بإعادة الشرعية فى اليمن.
وهذه النزاعات شهدت ارتكاب فظاعات ضد المدنيين ترتقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ويتوافر فى أغلبها الركن المعنوى (القصد الجنائى) وبقيت العدالة مفهوماً غائباً عن الوضع فى سوريا رغم تداعياته المذهلة، وتراوحت أعداد القتلى بسبب النزاع المسلح منذ نهاية عام 2011 إلى ما بين 400 ألف و430 ألف شخص.
وأضاف التقرير أن الإرهاب والنزاعات المسلحة أديا إلى نتائج خطيرة لملف حقوق الإنسان على الصعيد العربى، وهى:
1- أدت هذه الأعمال إلى فرار ملايين من المواطنين طلباً للأمن، ففى العراق حدث نزوح 2.1 مليون شخص نزوحاً داخلياً، وفى ليبيا أدى إلى تهجير 800 ألف شخص، معظمهم من المهاجرين الدوليين، بمن فيهم المهاجرون واللاجئون، وطالبوا باللجوء إلى بلدان مجاورة، وفى نوفمبر 2014 نزح نحو 454 ألف شخص نزحوا داخلياً، وسوريا تخطى عدد النازحين قرابة 11 مليون شخص، واليمن تشهد موجات متتابعة من النزاع أدت إلى نزوح ثلاثة ملايين شخص داخلياً، وأدت إلى لجوء 700 ألف شخص خارج البلاد.
2- أدت الأحداث الإرهابية إلى خسائر اقتصادية تمخضت عن الاضطرابات التى شهدتها المنطقة فى سياق تفشى الإرهاب والنزاعات المسلحة، وتنفرد اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا «أسيكو» بتقدير هذه الخسائر بنحو 613.8 مليار دولار فى الفترة من عام 2011، وحتى عام 2016.
3- أدت إلى الإضرار بمنظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية:
* فعلى صعيد التعليم على سبيل المثال، أشار تقرير لليونيسيف فى سبتمبر 2015 إلى أن عدد الأطفال فى سن الدراسة فى الشرق الأوسط يبلغ 34 مليوناً، منهم 13.4 مليون لا يرتادون مدارس، ويشمل هذا العدد 2.4 مليون طفل فى سوريا، و3 ملايين طفل فى العراق، ومليونين فى ليبيا، و3.1 مليون طفل فى السودان، إضافة إلى 2.9 مليون طفل فى اليمن.
* وبالنسبة للصحة: بلغ عدد القتلى منذ الانتفاضة السورية أكثر من 400 شخص، وأصيب قرابة مليون شخص، وكذا، فالنزاع فى السودان أدى إلى نتائج صحية بالغة، ففى عام 2014 لم تكن نحو 36% من مراكز الرعاية الصحية الأولية عاملة، وفى شمال الصومال نهب 90% من المرافق الصحية.
* الحق فى العمل: أثبتت دراسة لمنظمة الاسكوا أن هناك ترابطاً بين البطالة وحدة النزاع، فمع ارتفاع معدلات البطالة تزداد حدة النزاع، ونجد أن المنطقة العربية تشهد أعلى معدلات للبطالة فى العالم، كما تسجل أكبر تفاوت بين الجنسين فى معدلات البطالة.