سماسرة «المكاتب المجهولة» يفاقمون أزمة السياحة ومصريون وأجانب ضحايا لأنشطة «غير مرخصة»
سامى محمود - محمد شعلان
أنشطة غير مرخّصة تقوم بها مكاتب سياحية تعمل خارج القانون من خلال عروض وتخفيضات تحاول بها جذب «الزبون»، سواء كان مصرياً أو أجنبياً، لكنها تتسبّب فى الإساءة إلى صورة السياحة فى مصر، وتضر أيضاً بالشركات الرسمية العاملة فى المجال، مما يزيد من الأزمة التى تمر بها السياحة منذ حادث الطائرة الروسية، وحالة الحظر التى فرضتها دول عديدة.
«ابتسام» وزميلاتها دفعن آلاف الجنيهات لحجز رحلة إلى «دهب» بسيناء وبعد السفر اكتشفن أنهن تعرضن لعملية «نصب»
القطاع الذى تأثر كثيراً وينتظر الفرج بعودة الرحلات السياحية إلى صورتها الطبيعية، تسبب «سماسرة» النشاط السياحى غير المرخّص ممن يعملون خارج القانون فى تفاقم أزمته خلال الفترة الحالية، «زهقنا.. بتوع المكاتب متر فى متر، والرحلات اللى بدون ترخيص، بوظوا السوق أكتر ما هو بيعانى، وبيسيئوا لسمعتنا لأن عروضهم بتكون مضروبة وغير مجهزة ومفيش تأمين ولا رقابة عليها»، كلمات خرجت بغضب شديد، من محمد عبدالعليم، رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات السياحية التى تعمل فى مدينة شرم الشيخ، موضحاً أن إيرادات شركته تراجعت نحو 70% خلال العام الماضى بسبب غياب السائح الأجنبى، وبعض الأفواج القليلة التى عادت الشهرين الماضيين أسهمت فى تحريك المياه الراكدة، «يادوب بدأنا نشم نفسنا، ومستنيين السائح الروسى تحديداً، لأنه بيمثل القوة الضاربة، لكن فى الوقت اللى بنقول فيه يارب نلاقى ناس مالهاش علاقة بالسياحة بيزيدوا البلة طين»، مغالاة فى الأسعار، ومحاولة نصب على السائحين، وتنظيم رحلات ترفيهية دون تراخيص من الجهات المسئولة، هى بعض أشكال «النصب» التى تؤثر بالسلب على قطاع «متلصم» حسب وصفه، وتتسبّب فى «تطفيش» الأعداد القليلة التى تزور مصر.
الوزارة تحاول السيطرة بإغلاق 15 مقراً.. وصاحب شركة سياحية بشرم الشيخ: يمارسون النصب ويسيئون إلى سمعتنا
شكوى «عبدالعليم» يبديها كثيرون غيره من مسئولى شركات السياحة، فرغم الخطوات الرسمية لمواجهة الظاهرة فإنها لا تزال منتشرة ويتعرّض لها يومياً الكثير من المصريين والأجانب فى الأماكن والمدن السياحية، ابتسام سعيد، التى أنهت دراستها الجامعية قبل 4 سنوات، كانت ضحية لعملية خداع مع عدد من زميلاتها، فبعد أن دفعت 1200 جنيه لحجز رحلة سياحية فى مدينة دهب بسيناء لمدة 5 أيام، اكتشفت أن المزايا التى تضمّنها العرض غير موجودة على أرض الواقع: «شفنا عرض الرحلة على فيس بوك، أعلن عنه مكتب وصف نفسه بأنه صاحب خبرة فى السياحة لأكتر من 5 سنوات، لكن لا شُفنا خبرة ولا العرض كان حقيقى»، بالفعل انتقلت «ابتسام» وزميلاتها مع فوج مكون من نحو 30 فرداً من القاهرة إلى مدينة دهب السياحية، لكن أوتوبيس الرحلة كان سيئاً للغاية، وأماكن الإقامة عبارة عن كبائن تفتقد الخدمة بالقرب من شاطئ البحر، وليست غرفاً فندقية 3 نجوم حسب العرض: «اتخانقنا مع المسئول، وطلبنا ناخد نُص فلوسنا، لكن طبعاً ماخدناش حاجة، واعتذر لنا بحجة أن الحجز حصل فيه مشكلة، وتم تغييره فى الساعات الأخيرة أثناء السفر». طلبت «ابتسام» عنوان المكتب السياحى، لكنها فوجئت أنه لا يوجد مقر، والرحلات يتم إدارتها عبر صفحة التواصل الاجتماعى فقط، فيما تتم جميع اللقاءات مع الراغبين فى السفر لتسلم قيمة الحجز بأماكن عامة.
فى نوفمبر الماضى، طالب وزير السياحة يحيى راشد، قطاع الرقابة على شركات السياحة والمنشآت الفندقية بضرورة تشديد الرقابة على جميع الشركات والمكاتب التى تعمل فى السوق وتدّعى أن لديها تراخيص من وزارة السياحة رغم أنها لا تمت إلى الوزارة بأى شىء، وهى مجرد مكاتب أو شركات تعمل تحت «بير السلم» ودون أى تراخيص، مما يُهدر حقوق الدولة، حيث إنها لا تُسدد أى ضرائب أو رسوم لأى جهة حكومية، إضافة إلى الإساءة التى تتسبب فيها لسمعة مصر والشركات الجادة. محمد شعلان وكيل أول وزارة السياحة ورئيس قطاع الشركات والمرشدين السياحيين، لم ينفِ وجود الظاهرة، لكنه أكد أن الحكومة ماضية فى محاربتها، موضحاً أنه أصدر عدة قرارات إدارية بإغلاق ما يزيد على 15 مقراً لعدة شركات تعمل دون ترخيص، وتضمّنت القرارات أن الشركات قامت بمزاولة العمل السياحى دون الحصول على الترخيص اللازم من وزارة السياحة، مخالفة بذلك أحكام القانون رقم 38 لسنة 1977 الصادر بشأن تنظيم الشركات السياحية وتعديلاته ولائحته التنفيذية. «السوق السياحية الموازية غير الرسمية خطر بلا شك على القطاع بأكمله»، يرى سامى محمود، الخبير السياحى رئيس هيئة تنشيط السياحة سابقاً، أن مواجهة هذا النشاط الخارج عن رقابة الدولة خطوة مهمة جداً فى طريق استعادة السياحة ورفع كفاءة القطاع، موضحاً أنه بالفعل تم اتخاذ خطوات جيّدة، لكن فى حاجة إلى مزيد من الفاعلية واتخاذ عقوبات رادعة.