بداية أشكر جريدة «الوطن» على إبرازها لمقالى المنشور بعنوان: «فكوا قيد شومان»، الأربعاء ٢/١١/٢٠١٦م، الذى فجَّر قضية العفو الرئاسى عن الأستاذ «رفعت موسى شومان»، أحد أبناء قرية شطورة التابعة لطهطا بسوهاج، وإنما كان اختيار عنوان: «فيض المنان»، ليكون رسالة للجميع بأن ما يحدث فى الكون من توفيق إنما راجع إلى تفضل رب كريم مدبر، صاحب التأثير -جل فى علاه-، فالعاقل لا يبيتنَّ ليلة دون أن يردد قلبه: (اللهم لك الحمد والشكر على نعمائك).
وقد أمرنا -سبحانه- أن نشكر أصحاب الفضل، فالشكر لرئاسة الجمهورية التى متى تبين لها وجود إنسان مظلوم، لم تتردد فى الإفراج عنه، ثم لجنة العفو التى بذلت جهوداً مضنية، وما زال هناك أبرياء ينتظرون من الرئاسة واللجنة إدراجهم فى الدفعات المقبلة.
إن الرئاسة بما فعلته حولت يوم الإفراج إلى يوم عيد فى 203 من بقاع مصر الطاهرة، ولذلك أضع أمام رئاسة الجمهورية ولجنة العفو صورة من الأثر الطيب المترتب على الإفراج حتى يتواصل العفو، فلا يبقى واحد خلف الأسوار ممن لا ينتمى للتنظيمات المسلحة.
وإذا أخذنا قرية شطورة نموذجاً، فحدث ولا حرج عن الأثر الذى فعله الإفراج، أفراح هنا وهناك، طوفان من البشر يهللون ويفرحون، أعلام مصر ترتفع، العائلات تتشابك فى تناسق وتكامل كحبات المسبحة، وأحدث العفو الرئاسى لدى الناس إيماناً عميقاً بالوطن، ولقد كان وراء هذا العمل الكبير جهود أَعلامٍ وصحفيين وناشطين، وكتب الزميل «محمد الأصمعى» فى «الأخبار»، وتبعه آخرون من صفوة أبناء القرية، كتبوا وتحركوا ونشطوا ونشروا، ولو كانت طبيعة المقال فى جريدة «الوطن» تسمح بذكر أسمائهم لذكرتهم فرداً فرداً، لكن كيف ذلك، وهم أكثر من ثلاثين شخصاً؟! فضلاً عن مئات لا يملكون إلا الدعاء فى ساعة من ليل، هذا الدعاء الذى حفظ الله به مصر وجيشها، ولو كان الأمر بمقدورى لوضعت تاجاً فوق رؤوسهم ورأس كل مصرى بذل جهداً فى تفريج كرب أخيه المصرى، والانتقاص أو السخرية أو التقليل من أى جهد أمر لا يليق بعاقل، والمقصود من وراء هذا الكلام أن نجتهد فى مساعدة أى مظلوم لم يشارك فى عنف أو تحريض، حتى يُدرجَ اسمه فى العفو الرئاسى، وقد قلت فى مقالى سابق الذكر: («شومان» ليس وحده الذى يجب أن يشمله العفو، فهناك كثيرون غيره، وما «شومان» إلا نموذج، لكنه نموذج مختلف؛ لأن حبسه يعنى حبس العشرات من محبيه وطلابه»).
درس آخر يستفيد منه شبابنا المصرى، فقد سمعت أن شقيقه «عبدالرزاق موسى» طوال أزمة أخيه كان يبث فى الناس روح الأمل والمثابرة بعزة وكرامة، وليس الإحباط والتحريض واليأس، فلما التقيتُ به رأيت أذنى لم تسمع بأحسن مما رأى بصرى، على حد قول الشاعر:
ما زالت مُحادثةُ الرُّكبانِ تُخبرُنا عن أسعدَ بنِ فلاحٍ أسعدَ الخبرِ
حتى التقينا، فلا واللهِ ما سمعتْ أذنى بأحسنَ مما قد رأى بصرى
وأما دور فضيلة الدكتور أسامة الأزهرى، مستشار السيد رئيس الجمهورية فلا تحيط به عبارة، لما أولى الموضوع من تفضل واهتمام، ولا تُومئ به إشارة بما خص به من جهد ورعاية، ولولا ضيق المساحة لما قهرتُ اللسان على ترك الجولان فى ميدان الإفصاح عن دوره الأصيل، حتى إن خطباء القرية انتصبوا يذكرونه بالثناء والمدح فى خطبة الجمعة، ونال الفقير من ذلك نصيباً.. فأنعمْ وأجملْ بعمامةِ رمزٍ أزهرى أدخل السرور على آلاف الناس، وسالت بفضله دموع الفرح، وعادت مكانة الأزهر ترتفع فى أعين الناس بعد فترة من التراجع، وجزاءُ فضيلتِه متروك لربٍ كريم يجازى أهل المعروف بما يليق بكرمه، سبحانه.