احترام الدستور والالتزام بمواده واجب على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء، فهم يقسمون على احترام الدستور والقانون، وهذا أساس الشرعية الدستورية، فهو بمثابة العقد بين المواطنين والحكام، الطرفان ملتزمان بمواد الدستور، الذى ينص على حقوق للمواطنين تلتزم الحكومة باحترامها فى الوقت الذى يلتزم المواطنون بالقانون والدستور، ويعاقبون بالسجن أو الحبس فى حالة مخالفة القانون أو اللائحة، فمن يحاسب الوزراء والحكام فى حالة مخالفة الدستور؟ المفترض وفقاً للدستور يحق للبرلمان سحب الثقة من الوزير أو حتى رئيس الحكومة، فهل هذا يحدث فى مصر؟
وزيران فى الحكومة خالفا الدستور بتصريحات أثارت الرأى العام المصرى؛ الأول وزير التربية والتعليم المعين حديثاً، الذى تحدث عن ضرورة إلغاء مجانية التعليم، وقال بالنص «لو الناس قبلت أن تدفع للدروس الخصوصية فيجب أن تدفع لتعليم أبنائها»، وفى الحقيقة بدل من أن يضع الوزير سياسات تمنع الدروس الخصوصية وتعزز وتقوى العملية التعليمية وتجعل المدرسة قادرة على القيام بدورها وتطوير المناهج وتحديث العملية التعليمية يرجع فشله فى التطوير إلى إلغاء المجانية وزيادة الأعباء على المواطنين وتحميل الأسر أعباء إضافية غير الأعباء المعيشية الناتجة عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بينما ينص الدستور على زيادة المخصصات للتعليم والصحة والبحث العلمى فى الموازنة العامة للدولة لتصل إلى نسبة 10% من الموازنة وهو ما لم يحدث حتى الآن، ومن المنتظر أن لا يحدث حتى فى الموازنة للعام 2017 - 2018 وهى مخالفة من الحكومة لنص الدستور وليس فقط وزير التعليم.
وزير الصحة أيضاً وقع فى خطأ جسيم عندما أرجع فشل سياساته الصحية إلى الزعيم خالد الذكر جمال عبدالناصر، وبالتحديد سياسة المجانية فى الصحة والتعليم التى اتبعتها مصر أثناء الفترة الناصرية، وللعلم فقد توفى «عبدالناصر» عام 1970، أى إن الفشل الذى تواجهه السياسات الصحية فى مصر اليوم، وفقاً لوزير الصحة، هو نتاج سياسة المجانية التى نص عليها الدستور المصرى، الغريب أن الوزير أرجع تصريح طه حسين، وزير المعارف فى حكومة الوفد قبل الثورة، بأن التعليم يجب أن يكون كالماء والهواء أى مجانياً للزعيم عبدالناصر، بينما الثابت تاريخياً أن حكومة الوفد هى من طبق المجانية فى التعليم الأساسى بينما أكمل جمال عبدالناصر المجانية للتعليم العالى فأنشأ المدارس والجامعات، ولأنه كان يدرك أن التعليم استثمار فى المستقبل امتدت المجانية للتعليم ما بعد العالى والدراسات العليا والابتعاث للخارج للتخصص العلمى الدقيق لإفادة الدولة المصرية.
الحقيقة التى لا يعلمها الوزيران أن هذه حقوق نص عليها الدستور المصرى الذى صوت عليه شعب مصر بأغلبية كاسحة وتضمن مبادئ العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمصريين أياً كان اتجاه الحكومات أو أيديولوجياتها، فلا يجوز أن يأتى الوزراء ليعلنوا سياسات تخالف الدستور المصرى، وكنت أنتظر أن تقدم استجوابات فى البرلمان ضد هؤلاء الوزراء، فالبرلمان هو المؤسسة التى تمثل الشعب وتدافع عن حقوقه وتحاسب الحكومة والوزراء.
مجانية التعليم والحق فى الصحة حقوق أساسية للمواطنين المصريين، لذلك نجح الرئيس فى تبنى مشروع يعد من أهم البرامج الصحية لمصر وهو برنامج مكافحة فيروس سى، ويعد الأنجح بعد برنامج الرئيس جمال عبدالناصر الذى أشادت به الأمم المتحدث كواحد من أنجح النظم الصحية ونموذج يحتذى وذلك عبر إنشاء شبكة واسعة من المستشفيات والوحدات الصحية مجاناً فى كل محافظات مصر وقراها ونجوعها.
الوزراء يعملون وفقاً لدستور صنعه الشعب، وحقوق المصريين ليست منة من أحد، والحكومة تنفق من موارد هى ملك المصريين، فالاعتذار أو الحساب، فيجب أن يحاسبوا، فمن يحاسبهم ويمنعهم من انتهاك الدستور؟!