«التحالف السعودى» فشل فى الانتصار على ميليشيات «الحوثى - صالح».. والشعب هو الضحية
النزاع المسلح فى اليمن يهدد بسقوط العديد من الضحايا المدنيين
انطلقت عملية «عاصفة الحزم» العسكرية فى مارس 2015 بقيادة المملكة العربية السعودية، على رأس تحالف مكون من نحو 10 دول، أطلقت عليه «التحالف العربى»، ضد جماعة «أنصار الله» الحوثيين وحليفهم الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، انطلقت العملية بهدف الدفاع عن شرعية الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى، فى مواجهة تحالف «الحوثى - صالح» المدعوم من إيران العدو التقليدى للسعودية، الذى سيطر على العاصمة «صنعاء» وكان يتوسع فى سيطرته حتى كاد يصل إلى مدينة «عدن»، حيث يستقر الرئيس «هادى» وحكومته لإسقاطه بعد فرارهم من العاصمة.
«واشنطن» تخشى تورط المملكة فى حرب استنزاف و«الضحايا المدنيون» يحرجون «الرياض» دولياً
السفير السعودى لدى «واشنطن» وقتها عادل الجبير، الذى بات وزير الخارجية السعودى الحالى، أعلن العملية من «واشنطن»، وأكد فى تصريحات لاحقة أن هدف العملية منع قيام «حزب الله» جديد فى اليمن مثل «حزب الله» اللبنانى، فى إطار ما سرده من دعم إيران لجماعة الحوثيين بالمال والسلاح والاستشارات، ووجود عناصر إيرانية إلى جانب الجماعة، وفقاً له، وأعلن أنه فى نهاية المطاف لا بد من البحث عن حل سياسى للأزمة فى اليمن على أساس المبادرة الخليجية ونتائج الحوار الوطنى، التى بناء عليها ستتواصل العملية السياسية الانتقالية فى اليمن إلى النقطة التى يستطيع من خلالها اليمنيون أن يتخلصوا من الأزمة الحالية والمضى قدماً نحو مستقبل مستقر، وفقاً له. اقتربت العملية العسكرية التى تقودها السعودية من دخول عامها الثالث، ولكن لم تهزم ميليشيات «تحالف الحوثى - صالح»، ولا تزال العاصمة «صنعاء» على الأقل تحت سيطرتهم، ولا تزال القذائف الحوثية تسقط على الأراضى السعودية وآخرها فى 23 فبراير التى قتل فيها شرطى فى محافظة «ظهران الجنوب».
وقال الخبير السياسى الدكتور حسن أبوطالب، لـ«الوطن»، إن «3 أهداف أعلنت وقتها لعملية عاصفة الحزم، وهى دعم شرعية الرئيس هادى، وإنهاء الانقلاب الحوثى المتحالف مع الرئيس السابق، وإنهاء التهديد الإيرانى المتمثل فى دعم الحوثيين»، وأضاف مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: «هدف دعم الشرعية لا يزال موجوداً، وهو الهدف شبه الواضح، مقارنة بالهدفين الآخرين، الذى تم تحقيقه، بناء على عدد من الأسس تتمثل فى أن حكومة الرئيس هادى هى المقبولة فى العالم، وهناك تقدم لدى القوات التى تناصر الرئيس هادى فى مناطق معينة مثل عدن وأجزاء كبيرة من الجنوب وبعض الأجزاء فى الشمال، هذا هو الهدف الوحيد الذى يمكن القول بشكل أو بآخر إنه تم تحقيقه»، وقال «أبوطالب»: فيما يتعلق بإنهاء الانقلاب، الانقلاب لا يزال موجوداً والحوثيون موجودون، أما فيما يتعلق بإزالة التهديد الإيرانى فإنه لا يزال موجوداً أكثر مما كان عليه من قبل»، وتابع: «إذن عاصفة الحزم بعد عامين وفى ضوء الأهداف التى تم وضعها لم يتحقق منها إلا ثلث الأهداف أو هدف واحد من هذه العملية، ما يعنى وجود خطأ فى الحسابات أو أن إدارة العملية نفسها لم تكن موفقة، أو أن هذه العمليات العسكرية ليست هى الطريقة الأمثل لمواجهة هذه التهديدات»، وقال الخبير السياسى: «قياساً بعد عامين، فإن قرار السعودية التدخل العسكرى فى اليمن لا نستطيع القول إنه كان صحيحاً بصورة كاملة، نحن نؤيد السعودية فى حماية أمنها ولا ننكر حقها فى ذلك، كل تهديد تكون هناك أساليب محددة لمواجهته بفاعلية، ما حصل أن اليمن كان فيه انقلاب وتعطيل للخطط الدولية من أجل الاستقرار، لكن الوضع لم يتحسن، وهناك أموال وتضحيات وضحايا وقعوا سواء قتلى أو شهداء أو مصابين». وأضاف: «إضافة إلى الوضع الاجتماعى فى اليمن بطابعه بسيط وازداد تدهوراً، وهناك جوع، وعدد كثير من اليمنيين تركوا أماكنهم، فبالتالى هناك تكلفة اجتماعية عالية جداً لم يتواز معها تحقيق انتصار بالمعنى الذى حددته الرياض كدوافع للتدخل، وبالتالى الأعباء زادت مقارنة بما كان عليه الحال وقت الإعلان عن العملية العسكرية».
«أبوطالب» لـ«الوطن»: أعباء اليمن زادت بعد التدخل العسكرى.. وكان على «الرياض» تشكيل تحالف سياسى داخلى للضغط على الانقلابيين من أجل حل سلمى
وتابع: «هناك تكلفة اقتصادية ومالية عالية جداً للتدخل السعودى فى اليمن، على سبيل المثال يقال وفقاً للاحتياطى السعودى إنه تم استهلاك 100 مليار دولار من الاحتياطى السعودى لدعم العمليات العسكرية خلال العامين الماضيين، والعمليات مستمرة ولا أحد يرى لها أفقاً أن تنتهى قريباً، والأسوأ من هذا أن هناك مشاعر غضب كبيرة جداً من الشعب اليمنى فى مناطق مختلفة من التدخل الذى أدى إلى دمار البنى التحتية التى كانت بالأساس ضعيفة، وهذه تكلفة أخرى مستقبلية»، وقال «أبوطالب»: «كان الأفضل للسعودية أن تقيم تحالفاً سياسياً للضغط على القوى الانقلابية داخل اليمن لإنهاء هذا الأمر بدرجة ما من السلمية، ولكن الجميع فوجئ بقرار العمليات العسكرية فى اليمن دون أن تكون أى من الدول التى أعلن أنها مشاركة فى التحالف استشيرت من قبل المسئولين السعوديين، كان قراراً سعودياً خالصاً والمسئولية على من اتخذ ذلك القرار».
من جهة أخرى، قال إريك بيلوفسكى زميل «معهد واشنطن» الأمريكى: «خلال معظم فترة الحرب الأهلية فى اليمن التى تدخل عامها الثالث الشهر المقبل، حذرت إدارة أوباما شريكتها الوثيقة المملكة العربية السعودية من الانجرار بشكل أعمق إلى حرب استنزاف أججها الإيرانيون جزئياً بتكلفة منخفضة جداً»، وأضاف، فى مقال له نشر فى 23 فبراير 2017: «لقد أنزلت الحرب التى دامت أكثر من عامين الدمار بالشعب اليمنى والبنية التحتية فى البلاد، ويعانى ما يقرب من نصف مليون طفل من سوء تغذية شديد الحدة، الأمر الذى ينهك أجسادهم ويهدد حياتهم»، وتابع: «كما أسفرت الحرب عن جلب نظام الرعاية الصحية إلى حافة الانهيار، وشردت مليونى شخص وأرغمت 10 ملايين آخرين على الاعتماد على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة». وفى فبراير، قال منسق الشئون الإنسانية للأمم المتحدة فى اليمن، جيمى ماكجولدريك، إن 7 ملايين يمنى أصبحوا أقرب إلى المجاعة من أى وقت مضى، وهم من بين 17 مليون شخص غير قادرين على إطعام أنفسهم بشكل كاف، والـ17 مليوناً يشكلون نحو 62% من سكان اليمن.
العمليات العسكرية التى تقودها السعودية فى اليمن وضعت «الرياض» كذلك فى مواجهة انتقادات من المجتمع الدولى فى ظل سقوط ضحايا من المدنيين لتلك العمليات، حتى إن تقريراً لـ«الأمم المتحدة» فى 28 يناير 2017 أكد أن «التحالف العربى» بقيادة السعودية نفذ هجمات فى اليمن «قد ترقى إلى حد جرائم الحرب»، محذرة الدول المشاركة فى عملياته من تجاهل مبدأ احترام القانون الإنسانى الدولى، وجاء فى تقرير سنوى قُدم لمجلس الأمن الدولى، وأعده فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، المعنى بمراقبة سير النزاع فى اليمن والتحقيق فى 10 ضربات جوية نفذها التحالف خلال الفترة بين مارس وحتى أكتوبر من عام 2016 وأسفرت عن مقتل 292 مدنياً على الأقل، من بينهم نحو 100 امرأة وطفل، ونقلت وكالة «رويترز» وقتها عن هذا الفريق قوله فى التقرير، المؤلف من 63 صفحة: «لم تجد لجنة الخبراء أى دليل على أن الضربات الجوية أصابت أهدافاً عسكرية مشروعة فى ثمانى غارات من الغارات العشر التى شملها التحقيق».
فى السياق ذاته، تعرضت السعودية لانتقادات واسعة من حليفتها الولايات المتحدة فى أكتوبر 2016 عندما قصفت طائرات التحالف مجلس عزاء فى العاصمة صنعاء، قتل فيه نحو 150 وأصيب مئات آخرون، ودفع «واشنطن» إلى مراجعة فورية للدعم الأمريكى لتلك العمليات فى اليمن، وفق تقرير لموقع «ميليتارى دوت كوم» الأمريكى المهتم بالشئون العسكرية والأمنية فى 15 فبراير تناول خلاله حرب اليمن بعد مرور نحو عامين على تدخل السعودية، كما أن الحرب فى اليمن خلفت، وفق التقارير الدولية، نحو 10 آلاف قتيل من المدنيين وشردت نحو 3 ملايين يمنى.