سيناريوهات الأيام المقبلة: الحسم العسكرى صعب.. والتسوية تفرض نفسها
سقوط عدد من الأبرياء خلال حرب اليمن
لا تبدو السيناريوهات المستقبلية لعملية عاصفة الحزم أو الحرب اليمنية فيها مجال كبير للحركة، يوحى بالاقتراب من نهاية ذلك الصراع الذى يلهب المنطقة، فى ظل تعقد الأوضاع على الأرض، وعدم توصل الأطراف المتحاربة إلى اتفاق، مع تعدد جبهات القتال، وعدم قدرة «الرياض» على الحسم العسكرى، وقال أستاذ العلوم السياسية فى «جامعة القاهرة» الدكتور أحمد عبدربه إن «حرب اليمن مر عليها عامان تقريباً والسعودية لم تحقق الهدف الأساسى للحرب، هزيمة الحوثيين والانتصار لحكومة عبدربه منصور هادى». وأضاف «عبدربه» لـ«الوطن»: «من مارس 2015 بحسب تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية فإن نحو 8 آلاف ضربة جوية منها 3100 ضربة أصابت أهدافاً مدنية، بالإضافة لعدد من الجنود السعوديين، إذن الخلاصة أن السعودية حتى الآن فاشلة فى تحقيق أهدافها وبخسائر بشرية عالية جداً، سواء فى صفوفها أو فى صفوف المدنيين من اليمنيين وهذا الأمر يعمق أزمتها فى اليمن».
«عبدربه»: «الرياض» تورطت ولا تملك قرار الخروج من اليمن.. و«يوسف»: التسوية تتحقق إذا حدثت تهدئة إقليمية أو انقسم «الانقلابيون»
وقال «عبدربه»: «فى تقديرى السيناريو الأقرب استكمال الفشل والتسليم بالأمر الواقع، بتقسيم اليمن سواء بشكل فيدرالى أو كونفيدرالى أو أى صيغة أخرى، خصوصاً أن الحرب فى النهاية أشبه بالحرب الباردة بينها وبين إيران». وتابع أستاذ العلوم السياسية: «بالطبع ما يدعم موقف السعودية هو دعم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لكن السؤال هو: إلى متى يستمر دعم الرئيس الأمريكى؟ وهذا السؤال ليس هناك رد واضح عليه»، وقال «عبدربه»: «السعودية إذن متورطة، سواء من ناحية الفشل فى إزاحة الحوثيين أو تمكين عبدربه هادى، أو من ناحية الخسائر فى صفوفها أو من ناحية الخسائر المدنية فى صفوف اليمنيين». وأضاف: «وفى نفس الوقت السعودية لا تملك قرار الخروج الآن، لأن استمرار الحرب مطلب أمريكى الآن، للضغط على إيران».
صحف غربية: الصراع يحول اليمن إلى «جيب جاذب» لعناصر «داعش» من العراق وسوريا.. ولا يبدو فى الأفق نهاية للحرب
وقال الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية فى «جامعة القاهرة»: «الحقيقة عملية عاصفة الحزم حتى الآن لم تحقق أهدافها من المنظور الاستراتيجى»، وأضاف «يوسف»، لـ«الوطن»: «الوضع الحالى يعنى من الناحية العملية أن اليمن منقسم إلى قسمين: قسم تسيطر عليه الشرعية ويقال إنه القسم الأكبر، وقسم يسيطر عليه الانقلابيون، والمشكلة أن تحرير القسم الذى يسيطر عليه الانقلابيون ستكون معركة باهظة التكاليف عسكرياً وإنسانياً، الوضع حتى الآن مجمداً»، وتابع: «تفسير هذا يعود إلى عوامل عديدة منها طبيعة اليمن، الطبيعة القبلية للأوضاع فى اليمن، لا شك أن الحوثيين وبقايا نظام صالح لهم من يؤيدهم من القبائل اليمنية، قوات على عبدالله صالح كانت تدين تقريباً بالولاء الشخصى له، طبيعة اليمن الجغرافية تجعل من العسير أن يحدث اكتساح كامل لمواقع الحوثيين وصالح»، وأضاف: «الدعم الإيرانى كذلك عامل مهم جداً، بعض الناس يقولون -وأنا لا أفهم فى هذا فأنا لست خبيراً عسكرياً- يقولون إن أسلوب التدخل العسكرى ساعد أيضاً على عدم الحسم، لكن لا أستطيع الحكم على ما يقولونه»، وقال «يوسف»: «الوضع الآن يشير إلى إما أن تحدث تغيرات سياسية داخل اليمن، أو فى المحيط العربى والإقليمى، فتتقدم الأمور، أو أن تبقى الأوضاع على ما هى عليه»، وأوضح: «بالنسبة للتغيرات السياسية داخل اليمن: بطريقة أو بأخرى يمكن سياسياً أن يفقد الانقلابيون جزءاً من قاعدة قوتهم الاجتماعية والسياسية، على سبيل المثال: يحدث تمرد فى المناطق التى يسيطرون عليها قبلياً أو جماهيرياً، وليس لهذا الاحتمال مؤشرات على قرب حدوثه»، وأضاف: «الاحتمال الثانى أن يحدث انقسام داخل صفوف الانقلابيين بين الحوثيين وصالح، وفى هذه الحالة يمكن أن تتحرك الأمور»، وقال أستاذ العلوم السياسية: «فيما يتعلق بالمحيط الإقليمى والعربى، هناك بوادر لاحتمال تهدئة إقليمية فى المنطقة، زيارة مثلاً وزير الخارجية الكويتى إلى إيران، ثم زيارة الرئيس الإيرانى إلى عمان والكويت، ثم زيارة وزير الخارجية السعودى إلى العراق، ربما يفضى هذا إلى انفراجة فى العلاقات الإقليمية، وفى هذا الإطار يمكن الحديث عن تسوية، مع التقارب الإيرانى العربى الخليجى المحتمل يمكن أيضاً أن تنفرج الأمور فى اليمن»، وتابع: «من المؤكد أن عملية عاصفة الحزم تستنزف الموارد السعودية نتيجة العمليات الحربية، والسعودية بالتأكيد اضطرت إلى اتخاذ إجراءات أمنية شديدة بسبب أن الحوثيين موقعهم فى صعدة فى الركن الجنوبى للمملكة، فبالتالى أى أسلحة متوسطة المدى تستطيع أن تطال الإقليم السعودى، وهذا نوع من الاستنزاف»، وأضاف: «كذلك الأوضاع الاقتصادية فى اليمن تستنزف الموارد السعودية، الرياض تتحمل اقتصادياً عن اليمن، لأن الأوضاع هناك بالغة السوء، وهذا نوع من الاستنزاف، لكنك تعلم أنه فيما يتعلق بالأهداف الاستراتيجية، فإن الأمور لا تقاس فقط بالتكاليف المادية»، وقال «يوسف»: «إذا بقيت الأمور على ما هى عليه الآن تماماً، قبل بوادر الانفراج الأخير فى العلاقات الإقليمية، فلا أتوقع حلاً فى المدى القصير، إنما لو تطورت بوادر الانفراج الإقليمى إلى الأفضل سيكون الأمل ممكناً فى تسوية إقليمية».
الصحف الغربية كانت مليئة بالتقارير فى الفترة الأخيرة حول مستقبل الحرب اليمنية والتدخل السعودى، فتوقعت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية فى تقرير نشر فى 27 فبراير، أن يتحول اليمن إلى جيب جاذب لعناصر تنظيم «داعش» الإرهابى الفارين من العراق وسوريا، إذ إنه مع التدخل السعودى فى اليمن ضد جماعة الحوثيين الشيعية الزيدية، ومع طبيعة اليمن الجغرافية وأوضاعه، فإنه تتوفر «بيئة مليئة بالكراهية التى يفضلها هؤلاء العناصر من أجل الجهاد المسلح»، أما صحيفة «هافنجتون بوست» الأمريكية فلم تتوقع نهاية قريبة للصراع فى اليمن، وقالت، فى تقرير منشور فى 25 فبراير، إن «الحرب فى اليمن الآن على الأرض باتت متعددة الجبهات، والحرب تبدو أكثر تعقيداً، ولا يبدو فى الأفق خلاص لها».