- إن لم تكن إنساناً ودوداً رحيماً عفواً فلن تستطيع أن تفهم الدين أو تحياه بحق أو تكون متديناً صحيحاً.
- إن لم تكن محباً للناس فلن تستطيع أن تكون إنساناً أو داعية، فكيف تدعو الناس إلى الله وأنت تكرههم وتمقتهم وتستعلى عليهم.
- الإنسانية مفتاح التدين، لن تستطيع أن تلج باب التدين الحقيقى إلا إذا كنت إنساناً بحق، ولن تستطيع أن تلج باب الدعوة والهداية إلا إذا كان قلبك مملوءاً بحب الناس جميعاً حتى وإن اختلفوا معك فى الدين أو المذهب أو العرق.
- يمكنك أن تكره الكفر والفسق والظلم والإلحاد ولكن ينبغى عليك ألا تكره الكافر أو الفاسق أو الظالم أو الملحد، وإلا فلن تدعوهم أبداً.
- التدين رحمة وإنسانية فى الأصل والأساس، والدعوة حب وشفقة فى المقام الأول، والإنسانية والمحبة والعدل والحرية لا يمكن للدين أن يقوم بغيرها، لا دين بغير رحمة وعدل ومحبة.
- أعتقد أن الإنسانية تسبق التدين، وأقصد هنا التدين وليس الدين نفسه، فالدين لا يسبقه شىء، والإنسانية هى التى تصنع التدين الحقيقى، وهى الماء العذب الذى يسقى التدين والشريان التاجى للتدين، وبدون الإنسانية يصبح التدين بلا معنى ولا روح.
كما أعتقد أن الحرية هى المناخ الحقيقى الذى يفرز التدين الحقيقى والدعوة الصحيحة، فالتدين اختيار وقد ترك الله لعباده الاختيار فى الدنيا وسيحاسبهم عليه فى الآخرة، والديكتاتورية والاستبداد هما أخطر أعداء التدين الصحيح والدعوة الوسطية لأنه يلغى اختيارات الناس فى كل شىء ويجعلهم عبيداً.
ونصف القرآن كله يتحدث عن الاستبداد، وقصة موسى وفرعون، فلم يتحدث القرآن عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) مثلما تحدث عن هذه القصة وكررها عشرات المرات.
ولذلك فإننى أناشد كل من يتصدى للدعوة الإسلامية أن يتحدثوا عن الحرية للجميع قبل أن يتحدثوا عن الشريعة، ففى أجواء الحرية ستزدهر الشريعة، وفى أجواء الاستبداد سيموت الدين والدعوة والشريعة وكل شىء جميل، تحدثوا عن الحرية للجميع، على السواء، وسوف يكسب الإسلام الصحيح بذلك، لأن للإسلام قوة ذاتية ستسوقه إلى القلوب والنفوس، تعلموا من عمر بن الخطاب رائد الحريات العظيم الذى أبى أن يُستعبد أو يُظلم مسيحى فى عصره.
- الإنسان هو محور الكون وعلى عاتقه يقع صلاحه ونهضته وبسببه يقع فيه الظلم والضيم والبغى.. وقد أكرم الله بنى آدم أن خلق أباهم بيده سبحانه دون واسطة وبث فيه من روحه.. فجمعوا بين الميل للأرض لأنهم خلقوا من تراب.. والميل إلى السمو والسماء والملائكية لأن الله نفث فى أبيهم آدم من روحه.. فيتنازع النفس البشرية دوماً الخير والشر.. والطاعة والمعصية.. والكسل والركون إلى الأرض وعلو الهمة إلى السماء.
وعلى الإنسان أن يحافظ على هذا التكريم بعبادة ربه سبحانه وعدم عصيانه أو تجاوز حدوده وأوامره.. لينتقل التكريم من الدنيا إلى الآخرة.. ومن دار الفناء إلى دار البقاء.. ليحظى فى الجنان برؤية وجه ربه الكريم المنان وصحبة الأنبياء والمرسلين.. فضلاً عن المؤمنين الصالحين من أحبته عبر كل الأجيال والعصور.. بداية من آدم (عليه السلام) ومن معه وحتى محمد (صلى الله عليه وسلم) ومن معه من الأصحاب الأطهار.
- والكاتب الذى لا يكتب للإنسان أو عن الإنسان لا يعد كاتباً فى الحقيقة.. لأن الإنسان هو المستقبل لرسالته والمستفيد منها، فقد ضج المصريون من الحديث عن السياسة وصراعاتها.
وكنت ألمس ذلك كثيراً فأترك الكتابة فى السياسة والفكر الدينى لأكتب فى الدعوة إلى الله تارة وفى الإنسانيات أخرى.. وهما عشقى الأثير فى الكتابة.
كتبت عن الإنسان لأنى أحب الإنسان.. فالداعية الذى لا يحب الناس لا يصلح لمهمته.
فالداعية الذى ينفر ولا يبشر.. ويفرق ولا يجمع.. ويعسر ولا ييسر.. عليه أن يبحث عن زعيم آخر غير الرسول (صلى الله عليه وسلم).
الداعية لا يكره أحداً من الناس.. ولا يدعو على أحد بل يدعو للناس جميعاً.. ويقول للناس جميعاً حسناً (وقولوا للناس حسناً)، (وخالق الناس بخلق حسن).. فلم يقل القرآن وقولوا للمسلمين حسناً لكنه قال «الناس»، «كل الناس».. المسلم وغير المسلم.. الطائع والعاصى.. اليابانى والأمريكى والصينى والبوذى وكل الخلق.. لأن الإنسان مهم جداً.
فمن أجل الإنسان أنزلت الكتب وأرسلت الرسل وخلق الله الكون وجعل الله الجنة للصالحين المنصفين المحسنين.. والنار للذين طغوا وظلموا الإنسان أو جحدوا الخالق سبحانه.
أقول ذلك للذين شنوا حملة شعواء على العبد لله لقوله «إن الحرية تسبق الدعوة والإنسانية أساس التدين».