١- فى سبتمبر من العام الماضى.. كان الرئيس السيسى على موعد مع لقائه الأول بالمرشح الرئاسى الأمريكى دونالد ترامب.. الذى تحول بعد أقل من شهرين من ذلك اللقاء إلى الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية! لقد كان اللقاء إيجابياً.. وعكس توافقاً فى الرؤى بين سياسات الجمهوريين التى يحملها ترامب والنظام المصرى فى عهد الرئيس السيسى.. الأمر الذى جعل الجميع يتوسم فى فوزه بالانتخابات خيراً على ملف العلاقات المصرية الأمريكية.. التى لم تكن على ما يرام منذ سنوات طويلة! لقد بات الجميع ينتظر الأفضل المقبل.. الذى اقترب فى الأفق!
٢- لا أحد يمكنه أن يشكك فى اعتبار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رئيساً استثنائياً للولايات المتحدة.. بل يمكن للبعض اعتباره رئيساً لن يتكرر فى تاريخ تلك الدولة الكبيرة.. فربما لن تعاصر فى حياتك رئيسين للولايات المتحدة يملكان نجوماً باسمهما على ممر الشهرة «walk of fame» الشهير بهوليوود.. الأمر لا يتعلق بتصريحاته الغريبة قبل الانتخابات وأثناءها.. ولا يرتبط بتوجهاته التى تميل نحو القطب الشرقى تارة.. ونحو الكيان الصهيونى تارة أخرى.. وإنما يتجاوز كل هذا ليصل إلى نقاط جوهرية بشكل أعمق بكثير! إنها المرة الأولى التى يقطن فيها البيت الأبيض رئيس يتعامل مع العالم بمنظور رجل الأعمال.. إنه يبحث عن المكسب أينما وجد.. ويتحدث بمنطلق المصلحة العامة والمنفعة المشتركة.. أو حتى الأحادية فى أحيان كثيرة.. بشكل ربما يتعارض مع قواعد السياسة نفسها.. ويصدر صورة فجة أكثر من اللازم للبيت الأبيض أمام العالم كله!
إنه رئيس «غير سياسى» يقود أكبر كيان سياسى فى العالم!
٣- زيارة تاريخية يقوم بها السيسى للولايات المتحدة الأمريكية هذا الأسبوع.. شاء من شاء وأبى من أبى! إنها الزيارة الرسمية الأولى لرئيس مصرى لواشنطن.. بعد أعوام طويلة من توتر للعلاقات المشتركة بين البلدين.. وتأرجح بين الجمود والهجوم.. بل والتوتر البارد بين الدولتين! الزيارة يمكن اعتبارها الأهم فى تاريخ العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، فهى تحمل على مائدتها الملف الأهم فى المنطقة العربية فى الوقت الحالى.. وهو ملف مكافحة الإرهاب!
الزيارة هى أولى قطرات التعاون المصرى الأمريكى المشترك بقواعده الجديدة.. التى تخرج الدولة المصرية من خانة التبعية إلى موقع الحليف.. وليس أى حليف.. إنه الحليف القوى فى منطقة ساخنة للغاية!
٤- يحاول النظام المصرى منذ فترة ليست بالقصيرة تنويع علاقاته الخارجية.. فكان التقارب المصرى الروسى أول أهدافه.. وتبعه توجه قوى لتعزيز العلاقات الثنائية مع الصين.. تلك القوة الكامنة فى آسيا.. وتلا ذلك علاقات متواصلة مع أوروبا والدولة الألمانية تحديداً.. التى تم تتويجها بتلك الزيارة التى قامت بها ميركل للقاهرة منذ أيام قليلة!
ربما انعكس ذلك التنويع بصورة واضحة على شكل العلاقات المصرية الأمريكية.. فقد نجحت القاهرة خلال العامين السابقين فى توجيه رسالة دبلوماسية قوية للجميع.. وتمكنت من إثبات أنها تستعيد مكانتها العالمية تدريجياً..! إنه السبب الرئيسى الذى جعل الرئيس المصرى هو ثانى الرؤساء العرب الذين يزورون البيت الأبيض فى عهد ترامب.. ولم يسبقه سوى الملك الأردنى الذى زار واشنطن عقب تسلمه السلطة رسمياً بأيام قليلة!
٥- تظل القاهرة هى حجر الأساس فى المنطقة العربية كلها مهما تعرضت من ضغوط.. ويظل التاريخ يذكر أن صمودها يعنى بقاء الوطن العربى بالكامل.. وانهيارها يعنى سقوط الجميع.. الزيارة الحالية تتويج لنجاح دبلوماسى مصرى مستمر.. ونتائجها ستنعكس سريعاً على شكل العلاقات المشتركة مع دول العالم بأسره.. تظل مصر حصن الأمان للجميع.. وكلمة السر التى تفك شفرة الشرق الأوسط بالكامل.. ويظل البعض يبحث عن وسيلة للنيل منها.. ولكنهم يفشلون فى مساعيهم.. لأنها مصر.. وستظل أبداً.. رغم أنف الحاقدين!