حتى الآن لم تعلن الحكومة عن خطة محددة وواضحة لمواجهة غول الأسعار المتضخم يوماً بعد يوم!! ولم تخطرنا إذا ما كانت تمتلك استراتيجية ورؤية محددة فى هذا الصدد. الحاصل أن الناس تنام الليل لتستيقظ على أسعار مغايرة لما كانت عليه فى اليوم السابق وفى الأغلب بل ربما فى الأعم المتغيرات فى اتجاه الصعود والزيادة فى سعر السلعة، والمؤشرات تقول إن الحكومة تبذل جهوداً مضنية وهى تعلم جيداً حساسية ملف الأسعار وتأثيراته المتعددة من كافة الجوانب، لكنها ما زالت حتى الآن فى حدود الضجيج بلا طحين، إلى متى ستستمر سياسة الحكومة فى توفير الموارد المالية لجلب السلع الأساسية من الخارج أو لدعم فارق سعر السلعة وطرحها فى منافذها الرئيسية المنافسة للتجار والسوق، لم نلحظ جميعاً تحركات حكومية خارج الصندوق حتى الآن تطرح أفكاراً أو تصورات تؤشر للناس عن ضوء فى نهاية النفق وتُشعرهم بالأمل المتوقع مقابل اليأس السائد، أخشى أن الحكومة تتحرك فى اتجاه مختلف يعتبر أن تقليل الإنفاق فى هذا الملف سيسهم فى تقليل عجز الموازنة العامة ويتيح توفير خدمات أخرى أو سلع أخرى للمحتاجين، الحقيقة هذا «كلام ابن عم حديت»، لأن تقليل الإنفاق هدفه تخفيض العجز وليس زيادة المخصصات، ولأنك لو استخدمت ما وفرته هنا فى زيادة الإنفاق هناك ستستمر حالة العجز كما هى، المُلاحظ أن قطاعات مهمة من الدولة بدأت تتخلى عن الحكومة، الإعلام بدأ ينشر أنات الناس وينضم لشكاواهم وانتقاداتهم، ونواب البرلمان يثيرون ضجة اتهام الحكومة بالتخلى عن الشعب، والبادى أن الحكومة لا تطرح جديداً وكأن الأمر لا يعنيها، أو أنها تعتبر الأمر مسئولية التموين فتكتفى بالدعاء له، بدلاً من أن تخاطب النواب أو تحاور الإعلام أو حتى الشعب، لا يجوز أبداً كل ما ترتفع الأسعار أن نزيد مخصصات مالية للدعم، أو أن نقلل حجم السلع المدعمة، أو أن ندفع بجيشنا لتغطية عجز الحكومة، فالملف يحتوى على عناصر كثيرة أكثرها ضعفاً ومظلومية هو المواطن المستهلك، ولا أدرى على وجه الدقة ماذا تفعل الحكومة مع قطاع التجار بكل مفرداته وتنوعاته؟ وهل تمتلك الحكومة أدوات ووسائل للحوار والإلزام أحياناً لتحميل هذا القطاع جانباً من التداعيات السلبية؟ لماذا تتراجع الحكومة دوماً عن فرض سياسة هامش الربح؟ ومن قال إن الليبرالية تعنى الحرية المطلقة بلا ضابط ولا رابط؟؟ ومن قال إن تحديد هامش الربح تدخل فى شئون السوق؟؟ وما الصلة بين هامش الربح والتسعير الجبرى؟؟ ومنذ متى نعتبر أن التدخل لحماية السلم الاجتماعى والاستقرار هو قيود على حرية التجارة؟؟ ولماذا نعتبر ذلك إزعاجاً للتجار ولا نعتبر ارتفاعات الأسعار خنقاً للناس؟؟ المشكلة ليست فى دعم السلع وإنما فى غياب سياسات لفرض الانضباط فى الأسواق، وسندور فى ذات الدائرة ولن نخرج منها إذا ما استمرت نفس الأساليب فى التعامل مع الملف.