الأستاذ حمدى قنديل قامة إعلامية كبيرة، ومذيع تليفزيونى مؤثر، وكاتب سياسى صاحب قلم تعودنا منه الصدق والجسارة، لم أصدق عينى وأنا أراه قبل إعلان النتيجة، وبرغم كل مافعله الإخوان بعد الثورة من أداء سياسى ردىء وانتهازى واستعلائى وتكويشى، أراه واقفاً خلف د.محمد مرسى يسانده كرئيس مستقل!! فيما أطلق عليه المؤتمر الصحفى للقوى الوطنية، لم أصدق أن الإعلامى الكبير من الممكن أن يكون محللاً شرعياً لزواج الإخوان من مصر، لم أصدق أن حمدى قنديل الذى قال عن الإخوان فى برنامج العاشرة مساء منذ شهر «إن الإخوان ليس لهم عهد»!! وهو الذى قال أيضا «أرى البعض من القوى الثورية يلوح بانتخاب مرشح الإخوان فى الإعادة وهذا هو الهذيان بعينه، فإذا كانت أصواتهم ستذهب إلى الإخوان فلا أحد يحدثنا عن الحريات بعد ذلك، وياليتها ثورة ماتت قبل أن تولد»!! لم أصدق أنه قنديل الذى أعرفه وأتابع برامجه.
ماذا حدث حتى يصبح الإخوان فى نظر الأستاذ حمدى قنديل معاهدين مرابطين على العهد حافظين للوعد؟! ماذا حدث من تغيير حتى يصبح انتخاب مرسى منتهى العقل لا منتهى الهذيان؟! ما الذى جعل الأستاذ قنديل فجأة يرى الإخوان حماة الحريات؟ ما لذى جعله يراهم مولدى الثورة وداية الثورة، بعد أن كانوا -منذ شهر فقط- مجهضى الثورة من وجهة نظره؟!
هذا ما قاله الأستاذ الإعلامى الكبير حمدى قنديل عن الإخوان، أما ما قاله الإخوان عن حمدى قنديل فسأنقله لكم عبر كلمات الأستاذ أحمد رائف، الذى سجن فى عهد عبدالناصر مع الإخوان وإن كان البعض يقول إنه لم ينتمِ تنظيمياً للإخوان، لأنه كان يدخن السجائر! المهم أن رائف وثق التعذيب الذى واجهه الإخوان فى تلك الفترة، وذكر زيارة الإعلامى حمدى قنديل لهم فى السجن لتسجيل برامج أنتجها النظام فى ذلك الوقت، لبيان أن الإخوان يعيشون فى سجن الرغد والنعيم، وبالطبع كلنا نعرف وقبلنا أستاذنا حمدى قنديل المدافع عن الحريات ماذا سيقول السجين المكبل المهان أمام كاميرا السجان؟! يقول أحمد رائف والعهدة على الراوى: «أذكر ذات يوم أنه تم استدعائى إلى غرفة التصوير التى كانت مشهورة بين المعتقلين بحجرة الاعترافات المفبركة، وكان يتم فيها إجراء مقابلات تليفزيونية مع المساجين يقوم بها الصحفى حمدى قنديل الذى دائما ما كان يقول إن المساجين يعاملون أفضل معاملة فى العالم. وعندما دخلت غرفة التصوير فوجئت بـحمدى قنديل ينهرنى بشدة ويسبنى ويطردنى من الحجرة وهو يقول للحرس: إزاى تجيبوا سجين مجروح نصوره، عايزين الناس تقول علينا إيه.. وبالفعل لم يتم التصوير».
أعرف جيداً أن الرد هو أن السياسة وجهات نظر من الممكن أن تتبدل وتتغير، ولكنى أعرف أيضاً أن هذا التبديل والتغيير لا بد أن يستند على علامات وأمارات، فهل يدلنى الأستاذ حمدى على أمارة واحدة قدمها الإخوان قبل الثورة أو بعدها تبيح له هذا التحول؟ وإذا لم يصل الأستاذ حمدى إلى أى أمارة أو مبرر فمن حقى أن أغرق فى تساؤلاتى وحزنى أيضاً على كم القناديل التى انطفأت.