مرة أخرى يلجأ «الإخوان» إلى طريقتهم المعهودة فى التدليس والخداع.. ومرة أخرى نتأكد أنهم معدومو الكفاءة فى كل شىء، حتى فى أساليب التآمر والخديعة التى تربوا عليها. إنهم يواصلون التدليس والتآمر دون أى ابتكار، ويواصلون التلاعب الرخيص بأخطر قضايا ومصالح الوطن بطريقة فجة ومثيرة للسخرية.
أتحدث عن المؤتمر الذى عقدته الأحزاب المسماة الإسلامية والكتائب الجهادية، عن الأمن المائى المصرى وحضره الرئيس الإخوانى محمد مرسى مساء أمس الأول. فقد جاء المؤتمر فاضحاً ومبتذلاً، لأن الذين عقدوه وحضروه وتحدثوا فيه لم ينطق أحد منهم بكلمة واحدة عندما أعلنت إثيوبيا قبل أسابيع عن البدء فى بناء «سد النهضة».. والشعب كله شاهدٌ على أن هذه الكارثة تم الإعلان عنها بعد أقل من 24 ساعة من مغادرة محمد مرسى لمؤتمر القمة الأفريقية فى أديس أبابا، والشعب أيضاً شاهدٌ على أن الرئيس الإخوانى ظل لأكثر من ثلاثة أيام صامتاً لا ينطق بكلمة.. كما أن رئيس وزرائه الإخوانى اختفى تماماً من المشهد وترك وزير الرى فى حكومته يدلى بتصريحات تهون من الأمر كله، والأعجب من ذلك أن محمد مرسى فاجأ العالم بمؤتمر فاضح ترك فيه عدداً من أشباه المعارضين يتحدثون على الهواء مباشرة عن «مخططات سرية» للتعامل مع إثيوبيا.. كما أن هذا الرئيس الأعجوبة أدلى فى هذه الجلسة الفضيحة بكلام شديد الغرابة، لم يفهم منه أحد شيئاً غير أن سد النهضة لن يؤثر على حصة مصر من مياه النيل، وأن تأثيره الوحيد يتمثل فى تخفيض إنتاج الكهرباء من السد العالى بنسبة غير محسوسة لا تزيد على 1٫2٪.
بعد كل هذه الشواهد المسجلة صوتاً وصورة، وبعد التأكد من أن تنظيم الإخوان وافق مسبقاً على كل ما يريده البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، فى ملفات ترشيد الدعم وزيادة الضرائب وتعويم الجنيه وخصخصة مياه النيل، وخصخصة التأمين الصحى، وتمهيد الأوضاع فى سيناء لتنظيم حماس لتخفيف الضغط عن إسرائيل.. بعد هذا كله، يواصل الرئيس الإخوانى وجماعته التلاعب بنا، فإذا بهم يعقدون مؤتمراً ضخماً يزعمون فيه أنهم على استعداد لبذل الدماء دفاعاً عن كل قطرة من مياه النيل، وإذا بالرئيس يدعو القوى الوطنية للالتفاف وتجاوز الخلافات للوقوف صفاً واحداً خلف هذه القضية، وإذا به يعلن أنه على استعداد لأن يذهب بنفسه إلى كل القوى السياسية «فرادى وجماعات» للاتفاق على حل وطنى شامل لهذه الأزمة الخطيرة. أى غبى هذا أو أى مغفل الذى يمكنه أن يصدق إخوانياً حتى لو أقسم على كتاب الله أمام العالم أجمع؟. وأى تافه هذا الذى ينسى عشرات العهود التى خانها الإخوان دون أدنى خجل؟.
الحكاية ببساطة شديدة، كما أدركها رجل الشارع، وكما أدركها كل من لديه أدنى درجة من الوعى، أننا أمام حلقة جديدة من حلقات الخداع الإخوانى، ولكنها هذه المرة معدومة الكفاءة، إذ كيف يبكى على النيل مَن أضاعه؟ وكيف يهتم فجأة بأمن مصر المائى مَن تعامل طيلة الوقت باستخفاف فاضح مع كل قضايا الوطن المصيرية؟.
نحن إذن أمام «خدعة» جديدة، وأمام حالة رعب مكشوفة من ثورة 30 يونيو، دفعت مكتب إرشاد الإخوان إلى استدعاء قضية النيل واستخدامها فى حوار وطنى مع المعارضة الحقيقية حتى يتم حرقها تماماً أمام قوى الثورة المحتشدة للإطاحة بحكم الإخوان.
هل انطلت الخدعة على أحد؟ المؤكد أن الجميع التقط الهدف الحقيقى للخدعة قبل أن تبدأ.. وكان الجديد الوحيد فى هذا المؤتمر هو اكتشاف الشعب كله أن الكفاءة الوحيدة التى كان الإخوان يمتلكونها.. تعرضت هى الأخرى للتراجع حتى تآكلت تماماً، والمثير فى الأمر كله أن خسارة الإخوان لكفاءتهم الوحيدة وإبداعهم اليتيم -فى التآمر والكذب والخداع والتدليس- حدثت خلال عام واحد من وجودهم فى الحكم، وهذا مؤشر نهائى على أن رحيلهم من الحكم أصبح وشيكاً وبمنتهى السهولة.. إنها هبَّة واحدة سنصحو بعدها على مصر التى نريدها خالية من الكذب والتدليس والتآمر وانعدام الكفاءة.