انتقد السيد الرئيس مشيخة الأزهر عدة مرات، آخرها وأقواها فى خطابه الأحد الماضى، حيث: 1- قرر تشكيل المجلس القومى الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف فى مختلف المجالات بما فيها الخطاب الدينى، فهل هذا يعنى تجاوز المشيخة والأوقاف؟ 2- كرر بحدة كلمة الخطاب الدينى مرتين 3- لم يدع شيخ الأزهر لحضور الاجتماع ولو من باب ضرورة الموقف، وطوال نقد الرئيس لأداء المشيخة تعمد محمد عبدالسلام مدير الشئون القانونية والمتحكم فى المشيخة إخفاء هذه الحقيقة عن الإمام الأكبر، فاستمر فى إبعاد الكفاءات، من أجل تقديم الموالين له، حتى وصل حال المشيخة إلى الهاوية.
هناك -فى اعتقادى- العديد من الأسباب التى جعلت الرئيس ينتقد المؤسسة الدينية وربما يتجاوزها، أجتهد فى التذكير ببعض منها:
1- كل الخطوات التى اتخذتها المؤسسة الدينية لمواجهة الإخوان والتيارات النابعة منها لم تكن كافية، ولم تتجاوز عقد مؤتمرات كل فترة.
2- فى الوقت الذى انتفضت فيه جماعة الإخوان للدفاع عن نفسها عبر إنشاء قنوات فضائية متعددة عجزت مشيخة الأزهر عن إخراج «قناة الأزهر»، وتركت الشباب ضحية لقنوات الإخوان.
3- فى الوقت الذى اضطلعت فيه مجلة الأزهر بدور فى التوعية، إلا أن الملاحظ أنها لم تصدر كتاباً واحداً فى الرد على التيارات المتطرفة، فأين مجلة الأزهر من توزيع كتاب: الإخوان إلى أين؟ للعالم الأزهرى الدكتور «سعد الدين صالح»؟ ولماذا لم تطبع كتاب: «موقف الإسلام من جماعة الإخوان» لعدد من كبار علماء الأزهر على رأسهم الإمام حسن مأمون؟ ولماذا لم تنشر تقرير الأزهر عن سيد قطب الصادر عام 1965م؟ ولماذا لم تنشر كتب العلامة عبدالله الغمارى، عضو هيئة كبار العلماء، وهى كتب مفيدة فى مواجهة الأفكار المتشددة؟
4- ألقى (م. ج) وهو وهابى خطبة الجمعة منذ شهور فى الجامع الأزهر، وبالتالى وصل الاختراق للجامع الأزهر نفسه، فضلاً عن المستوى الهزيل، حتى إن خطيب الجمعة بالأزهر الشهر الماضى أخطأ أكثر من عشرين خطأ فى اللغة، ورحم الله مشايخ عظماء كانوا يخطبون سنوات كاملة على منبر الأزهر فلا يقعون فى خطأ واحد.
5- توغل محمد عبدالسلام فى المشيخة، وتحكم فى مفاصلها، وصار بيده الأمر كله، فاختار العمداء، وأعضاء المرصد الإعلامى، وفى يده ملف قناة الأزهر، ورفع صوته على الجميع، وأمر ونهى، وله مكتب فاخر، وكلمة مسموعة.
6- حالة المشيخة اقتربت من حالة الإخوان فى أيامهم الأخيرة، فكل انتقاد موجه إلى المشيخة يصورونه على أنه انتقاد للأزهر نفسه، مع حالة من العناد الشديد، خذ مثلاً الدعوات التى تطالب الإمام الأكبر بالاستغناء عن «عبدالسلام» والإخوان والسلفيين الموجودين داخل مشيخة الأزهر، لكنه لم يفعل، بل إن أحد رجال المشيخة حين ثبتت سرقته العلنية لبحث للدكتور «البوطى» قامت المشيخة بإرساله نائباً عن الإمام الأكبر فى احتفال جامعة الدول العربية بيوم التراث العربى.
7- ما زال موقف المشيخة محيراً فى بقاء الجزائرى «محمد السليمانى» فى قلب المشيخة دون صفة رسمية، مع عدم إجابة عن علاقته بالتنظيم الدولى للإخوان، مع إصرار المشيخة على عدم إدانة «الإخوان» تحديداً فى أى من خطاباتها، والاكتفاء بإدانة «الجماعات المتطرفة»، مع أن «القرضاوى» و«أبوبكر البغدادى» نفسهما يقومان بإدانة «الجماعات المتطرفة».
أخيراً: أؤكد على الاحترام لشخص الإمام الأكبر، والتفرقة بين الأزهر وإدارة الأزهر، فالأزهر ركن من أركان الدولة، وعموماً فإن المجلس الأعلى إذا ضم أحداً من المشيخة فهذا معناه استمرار دور المشيخة، لعلها تتغير إلى الأفضل، وإن لم يضم أحدا فهذا معناه أن الرئاسة لم تتحمل أكثر من هذا، ففتحت باباً لمواجهة الفكر المتطرف بعيداً عن المشيخة؛ حماية لمصر وللأزهر نفسه، وإن كنت أتوقع ألا يضم المجلس أحداً من المشيخة.