أسيوط: «التلى» يقاوم للبقاء
صناعة التلى
«التلى» هو إحدى الصناعات اليدوية النسائية النادرة التى تقاوم الاندثار، وهو عبارة عن شكل خاص من أشكال التطريز على الملابس لخيوط كانت فى الماضى مصنوعة من الفضة أو الذهب وأصبحت الآن من الحرير والصوف، وأنواع أخرى من الخيوط القيمة، وعلى الرغم من أن أسيوط كانت من المحافظات القليلة من بين محافظات الصعيد التى اشتهرت بحرفة التلى منذ زمن بعيد، وكادت تنقرض فى أواخر الأربعينات ولكن أعادت إحياءها «عزيزة الشعرانى»، زوجة الدكتور سليمان حزين، أول رئيس لجامعة أسيوط، وبعد أن أصبح وزيراً للثقافة انتقل إلى القاهرة وتوقف مشروع التلى ليعيد إحياءه الفنان التشكيلى سعد زغلول بإنشائه «بيت التلى».
يقول سعد زغلول: «إحياء الحرف التراثية شىء فى غاية الأهمية»، مشيراً إلى أن سيدة إنجليزية كانت وراء تفكيره فى إحياء حرفة التلى، وذلك عندما كانت فى زيارة لمحافظة أسيوط وكانت تبحث عن منتجات التلى بعدما شاهدت صوراً للمنتجات فى كتيبات تنشيط السياحة بالمحافظة وعرفت أنها من المنتجات التى تشتهر بها محافظة أسيوط، وتوقعت أن تجدها متوفرة بها إلا أنها لم تجد أياً منها على الإطلاق.
وأضاف: عند اطلاعى على صور منتجات التلى تعجبت من روعة التصميم ودقته كونه مُنفذاً بمهارة عالية جداً، فشعرت وقتها أننا مقصرون فى حق أنفسنا وفى حق تاريخنا وتراثنا، ومن هنا قررت المبادرة بإعادة إحياء هذا الفن وبدأت رحلة البحث على الجانبين النظرى والعملى، وبدأت البحث عن سيدات لا تزال تجيد صناعة التلى حتى توصلت فى النهاية إلى سيدتين بمنطقة غرب مدينة أسيوط ما زالتا تعملان بالتلى، فكلفّتَهما ببعض الأعمال وكانتا الأساس لإحياء حرفة التلى، وقررت إنشاء بيت التلى وتدريب الفتيات به، وبذلك حافظت على المهنة وصيانة التراث وفى الوقت ذاته توفير فرص عمل للفتيات والتعريف بأهمية العمل والصناعات اليدوية، وخلال فترة قصيرة أصبح هناك إنتاج متميز يتم تسويقه من خلال المعارض بالدرجة الأولى»، وأوضح أن صناعة التلى هى زخارف نابعة من مخزون ثقافى قديم يعود لآلاف السنين، كما أنها مرتبطة بالبيئة المحلية والتراث والفن الشعبى، وأشهر هذه الزخارف العروس والفارس والجمل والنخلة والإبريق، مع بعض الوحدات الزخرفية الهندسية الأخرى، لينتج فى النهاية قطعاً فنية شديدة الثراء شكلاً ومضموناً.
وفى السياق ذاته تعددت التجارب لتنمية فن التَلّى فى محافظة أسيوط، تركزت فى المدينة نفسها وفى أحيائها الشعبية على وجه خاص، ومن أهمها «بيت التلّى، وجمعية النور والأمل، وجمعية الشيخ بخيت، والثقافة الجماهيرية».
وقال الدكتور محمد المنسى، عميد كلية التربية النوعية بجامعة أسيوط، إن إحدى طالبات الكلية «ريهام أحمد عبدالسلام» شاركت ببحث عن التلى بعنوان «فنون أزياء التلى فى محافظة أسيوط بين التحديات المعاصرة وتأكيد الهوية الوطنية» وذلك خلال الملتقى الطلابى الإبداعى الثامن عشر، الذى ينظمه المجلس العربى لتدريب طلاب الجامعات العربية فى الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم بلبنان، وأضاف: البحث يهدف إلى الحفاظ على تراث البيئة الشعبية لمحافظة أسيوط، وتوظيف فنون التراث عامة وفن وحرفة التلى خاصة فى إنتاج أعمال فنية مستحدثة للحفاظ على الهوية الوطنية، والتركيز على الرموز التراثية لفن وحرفة التلى، من خلال الاهتمام بمفردات التراث الشعبى، إلى جانب فتح آفاق جديدة لاستحداث تصميمات جديدة مستلهمة من الوحدات الزخرفية لفن وحرفة التلى، وتشجيع مشاركة الشباب على إقامة ورش عمل لتعلم حرفة التلى لتنمية الموارد البشرية والصناعات الصغيرة فى الدولة، وأشار عميد كلية التربية إلى أن البحث خرج بتوصيات منها الاهتمام بفن التلى واعتباره سلعة رئيسية، وإنشاء دبلوم خاص لفن التلى، وعمل معارض لهذا التراث داخل وخارج مصر إلى جانب تدعيم رجال الأعمال لهذه الحرف قبل اندثارها.