لمن يسأل: وما الذى حققته ثورة ٢٥ يناير لمصر؟ أجيب: لم يسبق للمصريات والمصريين، وعلى مدار تاريخ طويل، أن اختاروا رأس دولتهم، ولم يُمكّن الشعب لا فى الدولة المصرية الحديثة التى أسسها محمد على ولا فى جمهورية يوليو من ممارسة حقه فى تحديد هوية من يرأس دولته وصلاحياته وكيفية تغييره بإرادته دون انتظار لقضاء الله أو لتقلبات صراعات النخب أو لتدخل الخارج. أنهت ثورة يناير هذه الاستمرارية السلطوية، وجاءت بالمواطن إلى قلب الحدث السياسى، وأعطته حق اختيار الرئيس فى انتخابات تعددية، وقصرت الحد الزمنى الأقصى للرئيس المنتخب على فترتين رئاسيتين أى ٨ سنوات. إن لم يتم النكوص على شرعية الثورة، ولم يعد أحد عقارب الساعة إلى الوراء، لن تكون مصر مجدداً مع رئيس يحكم البلاد كما حكمها من قبل الفراعنة والولاة والملوك ورؤساء الجمهورية الأولى.
لمن يسأل: وما الذى حققته ثورة ٢٥ يناير لمصر؟ أجيب: يترتب على اختيار الرئيس عبر انتخابات تعددية، وكذلك على تحديد مدة خدمته (نعم خدمته، فهو الخادم العام الأول فى الدولة) بفترتين رئاسيتين بينهما انتخابات يحق للمواطنات والمواطنين بها إما التمديد للرئيس أو تغييره، اعتماد مبدأ مساءلة ومحاسبة الرئيس قانونياً وشعبياً. والمقصود هو المساءلة والمحاسبة إن أخطأ أو قصّر فى أداء مهامه أو خالف القانون بالتورط فى ممارسات استبدادية أو فاسدة أو غيرها، بالقانون وأمام صندوق الانتخابات وبالرقابة الشعبية المستمرة. إن لم يتم النكوص على شرعية الثورة ولم نسمح بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لن تكون مصر مع رئيس لا يحاسب ويفعل هو ومن حوله بالبلاد ما يشاءون بعد الآن. نعم لم تنجح الثورة فى المحاسبة الجادة لمن أفسد واستبد خلال العقود الثلاثة الماضية، وما زالت القوانين المصرية تحتاج لتعديلات جذرية لتفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبة، إلا أن خطوات البداية قُطعت بمحاكمة مبارك وأعوانه، ولن تمكن الرقابة الشعبية من الانقلاب عليها.
لمن يسأل: وما الذى حققته ثورة ٢٥ يناير لمصر؟ أجيب: أرادت الثورة، وما زالت، التأسيس لدولة ديمقراطية ومدنية ولحكم القانون ولمجتمع العدالة الاجتماعية والقضاء على عسكرة السياسة واحتواء خطر هيمنة فصيل واحد عليها. ومع أن الكثير من هذه الأهداف لم يتحقق بعد، وبالرغم من أن العاملين المتمثلين فى مسار الانتخابات قبل الدستور وإدارة المجلس العسكرى دفعا البلاد إلى ابتعاد واضح عن التحول الديمقراطى وبناء مؤسسات دولة ديمقراطية مدنية، إلا أن إيمان قطاع واسع من المصريات والمصريين بهذه الأهداف لم يتراجع وما زال يبحث عن القوى القادرة على ترجمته لفعل منظم ومستمر. انتخبت أغلبية المواطنين الثورة فى الجولة الرئاسية الأولى ولم يتنازل العدد الأكبر منهم عنها فى جولة الإعادة، إن بإبطال الصوت أو بالتصويت لمرسى لمن اعتبره مرشح الثورة.
لمن يسأل: وما الذى حققته ثورة ٢٥ يناير لمصر؟ أجيب: جاءت الثورة بالمواطن إلى صدارة المشهد السياسى وشجعته على التعبير الحر عن رأيه متظاهراً ومحتجاً ومعتصماً، وجعلت السياسة هى قوت حياته اليومى. انتزع المصرى هذه الحقوق، وأصبحت الميادين والشوارع ساحات سياسية بالأساس، حتى لمن يرفض أو يتحفظ على الثورة وأهدافها. كذلك ارتفعت بوضوح نسب المشاركة بالانتخابات والاستفتاءات على تنوعها وكثرتها خلال الأشهر الماضية. الوجود السياسى للمواطنات والمواطنين وبتوجهاتهم وتفضيلاتهم المتنوعة، وأكرر بما فيها تلك الرافضة للثورة، هو إنجاز ثورة يناير الأكبر وعنصر الطمأنة الأهم فى أن مصر لن تقبل الاستبداد والفساد السياسى وخنوع المواطن بعد الآن.