نشرت جريدة «المصرى اليوم» فى عددها الصادر يوم الجمعة الماضى خبراً يقول إن البرلمان سيناقش اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية «تيران وصنافير» خلال أيام، وصرّح النائب مصطفى بكرى بأن الدكتور على عبدالعال رئيس النواب، وافق على البث التليفزيونى لجلسة المناقشة. لا توجد فى الخبر مفاجآت إلا واحدة، وهى موافقة رئيس النواب على البث العلنى للجلسة التاريخية للامتحان العسير الذى سوف يخوضه نواب الشعب، جوهر «العُسر» فى الأمر يرتبط بوصف «نواب الشعب»، والشعب عبّر فى أكثر من مناسبة عن رفضه الاتفاقية المصرية - السعودية. وأصبح أمر مصرية الجزيرتين محسوماً لدى أغلب أفراده بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا الشهير ببطلان التوقيع على الاتفاقية. هذا الحكم وضع النواب فى حَرَج بالغ، إذ لم تعد المسألة خاضعة لوجهات النظر، هذا يرى أنها سعودية بحكم بعض الخطابات المتبادَلة بين مصر و«المملكة»، وآخر يرى أنها مصرية بحكم وثائق لا حصر لها تثبت ذلك. الأمر لم يعد وجهة نظر، بل رفض أو قبول لحقيقة قطعية الدلالة بحكم قضائى.
أرجو أن يثبت رئيس مجلس النواب على رأيه فى بث الجلسة المشهودة علناً على الهواء مباشرة، لأن من حق أبناء كل دائرة مشاهدة نائبها والاستماع إليه، وهو يُدلى بدلوه فى هذا الموضوع الخطير، وتفهم موقفه المؤيد أو المعارض لمصرية جزيرتى تيران وصنافير. وأريد أن أذكّر فى هذا السياق بتصريح سبق وأدلى به النائب علاء عبدالمنعم فى أحد البرامج التليفزيونية، قال فيه إنه يثق بأن 90% من أعضاء مجلس النواب ضد اتفاقية ترسيم الحدود مع «المملكة»، مما يعنى أن الجلسة سوف تكون محسومة، ولن تكون أكثر من احتفالية بإنفاذ إرادة الشعب الذى يُصر على مصرية الجزيرتين. وحقيقة فإن نقلها سيكون مهماً فى هذه الحالة، وسيصب فى صالح فكرة ترميم صورة مجلس النواب التى أصابها الكثير من التشوه خلال الأشهر الماضية، لكن من المهم التنبّه فى هذا السياق إلى أن النواب الذين أعلنوا صراحة رفض التنازل عن الجزيرتين للسعودية لا يزيدون على مائة وبضعة نواب، وهو واقع يتعاكس مع النظرة المتفائلة التى حملها تصريح النائب علاء عبدالمنعم.
بعض الخبثاء يقولون إن اختيار توقيت المناقشة -على بعد أسابيع أو أيام معدودة من شهر رمضان- يحمل مؤشراً غير مطمئن حول مصير الجزيرتين، فالتوقيت يؤشر -بصورة نسبية- إلى رغبة فى تمرير قرار غير مقبول شعبياً باستغلال انشغال المصريين التقليدى بالاستعداد لرمضان. فى تقديرى أن هذا الكلام يحمل مبالغة واضحة، فشعب رمضان هو شعب شعبان، وهو شعب شوال. مؤكد أن نواب الشعب يفهمون ذلك، ويعلمون أن موضوع «تيران وصنافير» ليس كغيره، وكما قلت لك فإن رفض النواب اتفاقية ترسيم الحدود مع «المملكة» سيُنقذ صورة المجلس شعبياً، أما الموافقة عليها فستضع كلمة النهاية فى تاريخ هذا المجلس، الأكثر معقولية أن نطمئن، وسر الاطمئنان هو «المملكة» نفسها ومواقفها المتعسّفة من مصر التى تعنى اليأس من تحقيق حلم وضع اليد على الجزيرتين المصريتين، ومن سيسعى لإرضائها سيشترى فى المقابل سخط الشعب.. والملعب مفتوح والنقل عَ الهوا!.