ونحن صغار كنا نسخر من هذا الاسم عندما تعلن قرعة تصفيات أفريقيا أن بتسوانا ستواجه منتخب مصر أو أى منتخب عربى أو أفريقى، لكن كبرنا وكبرت معنا بتسوانا لتحتل المركز الأول فى القارة السمراء على مستوى مؤشرات جذب المستثمرين والاستثمارات، هكذا بث موقع «سى إن إن» الإخبارى الأمريكى، الثلاثاء الماضى، خبراً مقتضباً عن نتائج تقرير معهد «كوانتم جلوبال» السويسرى، المختص بمتابعة اقتصاديات 54 دولة أفريقية.
وجه الدهشة أن بتسوانا تلك الدولة الصغيرة تفوقت فى تصنيف جذب المستثمرين على العملاق الجنوب أفريقى الذى يحيطها من جهتَى الجنوب والجنوب الشرقى، حيث جاءت جنوب أفريقيا، بلد الزعيم «مانديلا»، فى المركز الرابع أفريقياً خلف مصر التى تقدمت 5 مراكز عن تصنيف عام 2015، وحلت فى المركز الثالث، فيما جاءت المغرب فى المركز الثانى على صعيد القارة الأفريقية.
منذ الاستقلال امتلكت بوتسوانا واحداً من أسرع معدلات النمو فى نصيب الفرد من الدخل فى العالم، وتحولت من واحد من أفقر بلاد العالم إلى فئة البلدان المتوسطة الدخل، وأصبحت تمتلك رابع أعلى إجمالى للدخل القومى فى تعادل القدرة الشرائية فى أفريقيا، ما يمنحها مستوى معيشة يقارب نظيره فى المكسيك وتركيا.
وحسب بيانات صندوق النقد الدولى، بلغ متوسط النمو الاقتصادى فى بتسوانا أكثر من 9٪ فى الفترة بين 1966 و1999، كما تمتلك مستوى عالياً من الحرية الاقتصادية مقارنة مع بلدان أفريقية أخرى. ورغم العجز فى موازنتَى عامَى 2002 و2003 على التوالى، حافظت الحكومة البتسوانية على سياسة مالية سليمة وحصلت على أعلى تصنيف ائتمانى سيادى فى أفريقيا، وأصبح لدى بتسوانا -سكانها أقل من مليونى نسمة- احتياطى من النقد الأجنبى تجاوز 7 مليارات دولار عام 2006.
لكن ما هو السر فى نهضة بتسوانا التى استقلت عن دول الكومنولث البريطانى عام 1966؟ السر بإجماع المراقبين، هو اعتماد نظام ديمقراطى سليم منذ الاستقلال وحتى الآن، مع التزام النظام الاقتصادى بالمعايير العالمية فى الشفافية فى السياسات المالية والرقابة المصرفية، ويوفر القطاع المالى الوصول إلى وفرة من القروض لأصحاب المشاريع، ما جعل النظام المصرفى لهذه الدولة الديمقراطية يحتل مقدمة أنظمة المصرفية فى أفريقيا، كما تحتل بتسوانا مركزاً متقدماً فى العالم من ناحية الشفافية.
وتجمع تقارير المؤسسات الدولية المحايدة على أن أنظمة الاستثمار فى بتسوانا تمتاز بالشفافية، وإجراءات بيروقراطية مبسطة، حيث يمكن للمستثمر سحب وتحويل عوائد الاستثمارات من أرباح وخدمات ديون إلى خارج البلاد بلا حدود.
بالمناسبة مصر تعد الآن قانوناً جديداً للاستثمار، فهل يلقى القائمون عليه فى الحكومة ومجلس النواب نظرة ولو سريعة على تجربة بتسوانا؟