«السلطة القضائية» يفجر صداماً بين القضاة والنواب
لقاء سابق بين وزير العدل ورئيس نادى القضاة ومجلس إدارة النادى
هدد نادى قضاة مجلس الدولة، برئاسة المستشار سمير البهى، نائب رئيس مجلس الدولة، بـ«تدويل» أزمة قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية، ومقاطعة الإشراف على الانتخابات البرلمانية مستقبلاً، اعتراضاً على موافقة مجلس النواب على القانون أمس الأول، فيما يدرس نادى القضاة برئاسة المستشار محمد عبدالمحسن، نائب رئيس محكمة النقض، إجراءات الطعن على القانون.
مجلس الدولة يهدد بـ«تدويل» الأزمة مع «النواب» ومقاطعة الإشراف على انتخابات البرلمان
وذكر بيان لنادى قضاة مجلس الدولة، أمس الأول، أن جميع الخيارات متاحة للتصدى للقانون، بدءًا من الاعتراض عليه، مروراً بتدويل القضية، وانتهاءً بتعليق العمل بمحاكم مجلس الدولة وأقسامه المختلفة، مضيفاً أنه فى سبيل الدعوى لانعقاد جمعية عمومية طارئة لقضاة مجلس الدولة، لافتاً إلى أن كل الخيارات متاحة لمواجهة هذا التغول المتعمد على استقلال القضاء. وتضمن البيان مطالبة قضاة المجلس بإنهاء انتداباتهم داخل الجهات والهيئات الحكومية خصوصاً مجلس النواب، وهو ما يمكن أن يشكل «أزمة داخل تلك الجهات»، خصوصاً أنه مُنتدب بها نحو 3000 مستشار من جميع الجهات والهيئات القضائية، كما أن الأمين العام لمجلس النواب المستشار أحمد سعد ينتمى لمجلس الدولة.
ويدرس مجلس إدارة نادى القضاة، اتخاذ الإجراءات القانونية للطعن على القانون. وذكر فى بيان له أنه دعا جموع القضاة إلى عقد جمعية عمومية طارئة 5 مايو المقبل، للتصدى لتعديلات قانون السلطة القضائية، للتدارس فى القرارات الواجب اتخاذها، وطرح استقالة مجلس إدارة النادى احتجاجاً على انتهاك استقلال القضاء.
«قضاة الإسكندرية» يطالب الرئيس بتجميد مشروع القانون وتوجيه «النواب» بالعدول عنه
وطالب النادى أعضاءه بإثبات اعتراضهم على القانون بمحاضر الجلسات لمخالفته أحكام الدستور وانتهاك استقلال القضاء، كما طالب البيان أيضاً رئيس محكمة النقض، بالدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة لمحكمة النقض 2 مايو المقبل، تنفيذاً للطلبات الموقعة من 436 قاضياً من «قضاة النقض»، وفى حال عدم الدعوة تعتبر الجمعية قائمة بذات التاريخ لتسمية رئيسها، بحسب ما ورد فى البيان.
واتخذت أندية «مجلس الدولة» و«القضاة» قرارات وُصفت بـ«التصعيدية» للتصدى لمشروع قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية، من بينها إرسال رسائل احتجاج لصالح صندوق «تحيا مصر»، للتعبير عن أن اعتراضهم على القانون لصالح شعب مصر، والوقوف دقيقة حداد على إهدار القانون «المشبوه» لاستقلال القضاء. وأكدت الأندية رفضها للقانون، مشددة على أنه ينتهك استقلال القضاء، ويخالف الدستور والقانون واللائحة الداخلية لمجلس النواب، التى توجب التصويت على مشروع القانون بالنداء بالاسم فى ضوء تقدم 35 نائباً بطلب ذلك، وهو ما لم يُعِره الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، اهتماماً، مما «يوصم المشروع بالمريب فى نصه وتوقيته وتمريره بهذه الطريقة، التى تؤكد خبث غايته ومبتغاه».
وذكر نادى القضاة، أن مجلس النواب أقر مشروع قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية، دون «اتباع الإجراءات الخاصة بإصداره المنصوص عليها فى اللائحة الداخلية للبرلمان، فضلاً عن عدم إدراجه بجدول أعمال الجلسة التى أُقر فيها القانون».
واعتبر النادى أن المجلس استقل بسلطته التشريعية، وخالف أحكام الدستور، لافتاً إلى أن القضاء يستطيع صون محرابه من خلال جمعيته العمومية لمحكمة النقض، من خلال سلب اختصاص من اختير «عنوة» دون رغبتها، وتفويض من تشاء من أعضائها لإدارة أعمال المحكمة إعلاءً للدستور واستقلال القضاء.
وتابع البيان أن التاريخ سيذكر أن البرلمان شرع قانوناً هدم به استقلال القضاء، وعصف بأحكام الدستور.
وجددت أندية الهيئات القضائية «القضاء، مجلس الدولة، النيابة الإدارية، وقضايا الدولة»، مطالبتها رئيس الجمهورية، بعدم التصديق على مشروع القانون، باعتباره الحَكَم بين السلطات.
وقال مصدر قضائى بهيئة قضايا الدولة، إن الهيئة ملتزمة برأى الهيئات القضائية فيما يتعلق برفضها مشروع القانون.
وأضاف المصدر أن الهيئة لن تخالف رأى باقى الهيئات القضائية الأخرى مهما تطورت الأمور، مشيراً إلى أن «قضايا الدولة» متضامنة مع باقى الهيئات، وليس صحيحاً ما يتردد عن تخاذلها أو تراجعها عن رفضها مشروع القانون.
وخاطب نادى قضاة مجلس الدولة، الرئيس عبدالفتاح السيسى رسمياً، مطالباً إياه بعدم التصديق على مشروع القانون.
وقال، فى بيان: «وافق مجلس النواب على مشروع قانون اختيار رؤساء الهيئات والجهات القضائية، على نحو يخالف الدستور، ويمثل إهداراً لاستقلال القضاء، والذى تحرصون على كفالة استقلاله واحترامه، على الرغم من إحاطة مجلس النواب بكل المثالب الدستورية التى أحاطت بهذا المشروع، فى سابقة فريدة من نوعها تمثلت فى الإطاحة بأحكام الدستور والعصف بمبدأ الفصل بين السلطات».
وتابع البيان قائلاً: «بصفتكم الحَكَم بين السلطات، ما زال الأمل معقود ناصيته بأيديكم فى الحفاظ على أركان الدولة، واحترام واستقلال سلطاتها، حفاظاً منكم على سير سفينة الوطن، فيما رسمتموه من آمال وطموحات لرفعة مصرنا الغالية». وناشد المستشار عبدالله قنديل، رئيس نادى مستشارى النيابة الإدارية، رئيس الجمهورية، رفض مشروع القانون وإعادته لمجلس النواب، لحل هذه الأزمة، مجدداً تمسك نادى النيابة الإدارية برفض مشروع القانون.
وقال المستشار عبدالعزيز أبوعيانة، رئيس نادى قضاة الإسكندرية، إنه فوجئ بإقرار مجلس النواب، قانون السلطة القضائية. وتابع «أبوعيانة»، أن إقرار القانون جاء مخالفاً للاتفاقات التى نتجت عن اجتماعات القضاة مع رئيس مجلس النواب، والتى تضمنت التوافق على تأجيل تعديل قانون السلطة القضائية.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن نادى القضاة سيلجأ إلى القضاء للطعن على القانون، كما سيلجأون إلى رئيس الجمهورية، لمطالبته بتجميد مشروع القانون وتوجيه مجلس النواب بالعدول عنه، مشيراً إلى أن نادى القضاة أعد من قبل تعديلات لقانون السلطة القضائية تضمنت 8 بنود لم يأخذ بها مجلس النواب.
ومضى قائلاً: «لا الوقت ولا الظروف التى تمر بها مصر تسمح بالإصرار على تعديل السلطة القضائية»، مطالباً بإعطاء الأولوية لتعديل قانون الإجراءات الجنائية خصوصاً فى ظل الهجمات الإرهابية التى تواجه مصر حالياً، مضيفاً أن مجلس النواب كان أولى به أن يتمعن فى دراسة وتعديل قانون الإجراءات الجنائية، الذى يهم رجل الشارع العادى، لتحقيق العدالة الناجزة. وقال المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، إنه من حق رئيس الجمهورية الاعتراض على إقرار مجلس النواب قانون الهيئات القضائية، والتصدى لانحرافهم التشريعى، وتابع أنه حينما يكون القانون متناقضاً مع أحكام الدستور، أو أحد المبادئ الدستورية العامة كمبدأ استقلال القضاء، فيجب أن يتدخل الرئيس.
وشرح «خفاجى» الحق الدستورى الممنوح لرئيس الجمهورية للاعتراض على القانون، قائلاً: «القانون محل الاعتراض لا يكتسب صفة التشريع، بل يظل رهن إجراءات تمهيدية ليس لها طبيعة العمل التشريعى، باعتبارها لا تؤدى مباشرة إلى خلق القانون، وتخلو من كل قيمة ملزمة». وأضاف نائب رئيس مجلس الدولة، أن اعتراض رئيس الجمهورية مرتبط بقيد زمنى معين، إذ يتضمن وقوعه خلال مدة الثلاثين يوماً التى تلى إقرار البرلمان للقانون، لافتاً إلى أن انقضاء مدة الثلاثين يوماً، تُسقط حق الرئيس دستورياً فى الاعتراض.
وتابع أنه بفوات هذه المدة يفترض قبول رئيس الجمهورية القانون، وتتخذ إجراءات إصداره ونشره بالجريدة الرسمية، وحينئذ يكون هذا القانون معبراً عن اتفاق إرادة السلطتين التشريعية والتنفيذية فى «النيل» من السلطة القضائية. واعتبر نائب رئيس مجلس الدولة، مثل هذه التشريعات السياسية التى تتعارض مع صحيح الدستور، أنه سيكون مصيرها العدم، لتصادمها مع إرادة الشعب الذى تصدر باسمه الأحكام.