على الأقل حتى هذه اللحظة التى اضطر فيها رئيس جمهورية البلاد أن يتدخل للإفراج عن عربة تبيع سندوتشات الهامبرجر! والله هذا أمر عجب.. كنت قد شاهدت (فى برنامج الزميل وائل الإبراشى العاشرة مساء) حكاية الفتاتين اللتين فكرتا فى باب «رزق» حر، بعدما سُدت السبل أمام فكرة الوظيفة، فلا حكومة لديها وظائف ولا القطاع الخاص، وحتى إن وجدت وظيفة لدى الأخير فبأجر أقرب إلى السخرة، كما أوضحت واحدة من الفتاتين (ألف ومائتى جنيه أى أقل من خمسة وستين دولاراً فى الشهر، نحو اتنين دولار فى اليوم) المهم الفتاتان فكرتا فى مشروع، عربة جميلة لبيع سندوتشات.. راحت البنتان للبحث عمن يرخص لهما المشروع، وبكون الوقوف فى ميدان النزهة بمصر الجديدة مشروعاً.. كما هى العادة لا رئيس الحى ولا موظفيه وجدت عندهم الفتاتان رداً.. وتمت الإحالة إلى محافظة القاهرة أو محافظها، ليمارس الموظفون دورهم التاريخى بإغلاق الأبواب، استوقف انتباهى والفتاتان ترويان الحكاية أن أحد المسئولين أخذته الجلالة وأقسم أن وقوف عربة السندوتشات أو التصريح لها على جثته! المهم لم تجد البنتان بداً من العمل بدون ترخيص، وكانت عربتهما صيداً سهلاً لحملات المحليات التى صادرت العربة، ولكن واحدة منهما صورت المشهد والإطاحة تتم بالسندوتشات والعربة، وزميلتها تعلن للفارس بتاع المحليات «احنا واقفين بأدبنا بنشتغل.. خد اللى انت عاوزه أصل الحكومة عندها شغل واحنا ما اشتغلناش..»، والناس المتعاطفة تحاول وقف الحملة لكن دون جدوى، روت البنتان الحكاية على الشاشة، معلنتين أنه لا تراجع ولا استسلام. رئيس الجمهورية فى مؤتمر الشباب وقد وصله الأمر، ألمح إلى أنه لم يكن من المفروض أن يتم التعامل مع الفتاتين بهذا الأسلوب ودعا المحليات إلى تشجيع الشباب وليس تحطيمه، شوف ما جرى واختار التعليق، وزير التنمية المحلية الدكتور هشام الشريف اتصل بمحافظ القاهرة، محافظ القاهرة استقبل الفتاتين بابتسامة عريضة، والصور نزلت فى الجرائد، والتوصيات خرجت من المحليات عن الشباب ومصر والمستقبل الذى لا بد أن نوسع له وتوتة توتة.. هى دى الحدوتة، لا بد من تدخل رئيس الجمهورية ليقوم بعمل ليس دور وزير التنمية ولا المحافظ ولا رئيس الحى، دور موظف مفروض إن عنده قائمة بأنواع التراخيص.
هل هذا معقول؟!