يُعد قانون الأحوال الشخصية أو قانون الأسرة موضوعاً اجتماعياً وسياسياً وإعلامياً بامتياز، اجتماعى لأنه يمس كل فرد فى الأسرة والمجتمع ويعكس تعدد الصفات الاجتماعية والقانونية لكل فرد، فالرجل هو الزوج الذى يتمسك بحقوقه إلى حد الاقتتال لكنه الأب الذى ينكر هذه الحقوق على رجل آخر هو زوج أخته أو زوج ابنته.
أيضاً المرأة قد تكون الأم التى تقاتل من أجل عدم تطبيق رؤية أو استضافة أطفالها لطرف الأب وعائلته، لكنها العمة التى تنتصر لحق أخيها فى الرؤية والاستضافة وربما إسقاط الحضانة عن أم أبنائه، لذا فهو قانون دقيق لأنه لا تتنازع فيه الحقوق للأشخاص وإنما تتنازع الحقوق لنفس الشخص مع تغير الصفة.
أيضاً هو قانون سياسى بامتياز لأنه قادر على أن يكون غطاء لأى مشكلة سياسية أو اقتصادية، فقد يستخدمه السياسيون لشغل الرأى العام عن مشاكل تواجه الحكومة، فهو قانون مثالى يجذب انتباه الجميع لكونه يمس الجميع.
وبناء على أهميته السياسية والاجتماعية فهو إعلامى بامتياز أيضاً، كل نقطة فيه كفيلة أن تحول البرامج إلى ساحة للسيرك القومى وتغطى على أى مشكلة، وليس أدل على ذلك من خروج بعض راغبى الشهرة بتصريحات غير مسئولة عن تعدد الزواج أو تغيير مواد الرؤية والحضانة وكأن قانون الأسرة ما هو إلا هاتين النقطتين، ورغم ذلك يتلقفهما الإعلام بلهفة العاشق لأن هاتين النقطتين تحديداً هما أكثر الفقرات جماهيرية فى حال الرغبة فى نصب سيرك إعلامى وليس عمل مناقشة جادة لما نحتاجه أو نريده من قانون للأسرة.
لذا أضع هنا بعض الركائز الهامة لكل من يسعى إلى تقديم جهد جاد فى اتجاه قانون للأسرة قائم على العدل والتوازن، وعلى من يسعون لنصب سيرك سياسى إعلامى الامتناع عن القراءة.
ما نحتاج إليه من قانون جديد للأسرة هو التالى:
1- تنظيم كل ما يتعلق بالأسرة فى قانون موحد.
2- تبنى صياغة حديثة تحفظ من كرامة وإنسانية المرأة.
3- تنظيم ما أُغفل تنظيمه من مسائل تتعلق بالأحوال الشخصية كالخطبة وبعض مسائل الزواج.
4- محاولة ضبط إيقاع الخبراء الاجتماعيين فى محاكم الأسرة وإعطاؤهم دوراً فعلياً لتبسيط الإجراءات وتقصيرها.
5- تنظيم مسائل الزواج بشكل أكثر وضوحاً بما يتضمن حقوق الأسرة ويحافظ على حقوق المرأة من مهر ومنقولات زوجية ونفقة وخلافه.
6- جعل مسئولية الأسرة اتخاذ القرارات، لا سيما المتعلقة بالأطفال تحت رعاية الزوجين.
7- تنظيم تعدد الزوجات وفقاً للشروط والضوابط الواردة بالقرآن الكريم ولا تضار الزوجة أو الزوجات وكذا الأسرة.
8- جعل الطلاق حلاً لميثاق الزوجية يمارَس من قبَل الزوج والزوجة، كل حسب شروطه الشرعية، وبمراقبة القضاء.
9- تعزيز آليات التوفيق والوساطة، بتدخل الأسرة والقاضى.
10- توسيع حق المرأة فى طلب التطليق، لإخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج، أو للإضرار بالزوجة مثل عدم الإنفاق أو الهجر أو العنف، وغيرها من مظاهر الضرر.
11- تنظيم حق الاستضافة والرؤية والحضانة بما يراعى المصلحة الفضلى للطفل.
12- الحفاظ على حقوق الطفل، وأهمها حماية حق الطفل فى النسب.
تشكل هذه النقاط ركائز هامة يمكن البناء عليها لعمل قانون يحقق توازن واستقرار الأسرة، وهى الركائز التى بنى عليها المغرب قانونه فى 2004 والذى يُعد من أفضل قوانين الأسرة فى البلاد العربية والإسلامية وحظى بحظوة الكثير من الدول.