غالباً ما تحمل «البدايات» أجمل وأصدق ما فى مشوار نسلكه طال أو قصر، ورغم ذاكرتى التى تشبه «السمكة» لا أنسى تفاصيل دخولى البوابة الإلكترونية لجريدة «الوطن» متدربة فى السنة الدراسية النهائية فى أواخر عام 2012، مررت بتجارب تسبقها لم تكن على قدر احترافية «الوطن»، ولكننى جئت على مراهنات من خلفى بأنى ربما لن أستمر نظراً لخطبتى وأننى سأفضل المكوث فى المنزل، وهو ما لم يحدث لإيمانى بما أريده ومساندة أسرتى وشريك حياتى لحلمى كى يستمر.
على أبواب الدور السابع بالمبنى القديم للجريدة، وقفت أتذكر الخلفيات المسبقة أسمعها لى كل الذين مروا من المكان حول عمل لا يعرف الهوان ومواعيد لا تأخير فيها، وشخصية مدير تحرير البوابة «هيثم دبور» القوية، وكانت جميعها مسببات لبذل أكبر جهد كمتدربة فى قسم الجامعات، الذى كان مُنشأ حديثاً بقيادة الصحفى محمد أبوضيف، حتى تسللت خارجه إلى العالم الأكبر و«اتعجنت» بماء الموقع الإلكترونى الذى لا يعرف أبواباً لا يطرقها أو مواضيع لا يتناولها دون التقيد بمصدر بعينه.
5 أعوام، عاصرت خلالها أمهر الأساتذة وأشطرهم الذين توالوا على قيادة البوابة من أبناء الجريدة أو خارجها، كان لى مع كل منهم مواضيع مميزة فى مشوارى القصير مع صاحبة الجلالة، ربما تخطى الـ300 صفحة على الموقع تحمل أعمالى قد تخون الذاكرة أبرزها، ولكن لبعضها مكاناً خاصاً فى القلب منها ما كنت فيه بمفردى وآخر بمعاونة زملائى.
بداية من كتابتى عن «حرس الجامعة» بملف رصد انتهاكاته داخل الحرم الجامعى ما يحرم عودته عندما بدأ الحديث عنه مجدداً، وذهابى إلى قرية الأبطال بالإسماعيلية والكتابة عن ««قرية الأبطال».. «نُوبة جديدة» تنتظر «التهجير» جرّاء أعمال حفر القناة فى عام 2014، كانت سلسلة لعدة مواضيع ملامسة للواقع المصرى ومعبرة عنه كتجربتى بالوقوف فى وحدة مرور مجمع تراخيص مرور شبرا «عبود»، فى أثناء القرار الصادر عن تحليل دم للسائقين للكشف عن متعاطى المخدرات ورصدت: «السائقون فى مرور عبود يهربون من الحشيش بتعاطى برشام منع الحمل»، ومعايشتى من داخل منزل الشاب الذى قرر استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء أثناء موجة انقطاع التيار المستمرة فى 2014، وصنعت موضوعاً باستخدام «الشمس».. شاب يحل «مشكلة الكهرباء» لمساعدة شقيقته فى «المذاكرة»، ومعايشتى من داخل عشش الدويقة فى عام 2015، وآخرها عمل ملف يرصد معاناة الصم وضعاف السمع فى التعليم المصرى الذى بدأته وقت حملى وانتهيت منه عقب الولادة، والعودة إلى الأصل المصرى بالحديث عن «فن الحكى» ومحاولات البعض فى الحفاظ عليه.
خلال الأعوام الخمسة تزوجت وأنجبت، ورغم كثرة المسئوليات والأعباء، إلا أن مرور السنوات لم يزدنى إلا حباً لذلك المكان الذى صار كبيتى الثانى، وصارت بداخله كل الأيام «بدايات» لا تحمل إلا أجمل وأصدق اللحظات.