رغم أن العمل في هدوء أمر جيد وممتع ويساعد على الإبداع في بعض الحالات، لكنّ «المُناكفات» التي تحدث يوميًا في صالة تحرير موقع «الوطن»، تضيف طابعًا خاصًا على الأجواء، فضجيجها يُشبه أصوات «طواحين الهواء داخل مصنع الإبداع»، حتى أصبحت تلك الحركة جزءًا أصيلاً من "الشيفت"، والتي تظهر جَليَّة في الأحداث المختلفة والطارئة كالتفجيرات والانتخابات والزيارات الدولية وغيرها كالتي تعكس مدى حرص الجميع على القيام بدوره في نقل التغطية، وتتطلب مجهودا أكبر وتعاونا بين "خلية نحل الموقع"، للخروج بالحدث أو المعلومة إلى الجمهور بالشكل اللائق والمميز في أسرع وقت ممكن، والغوص عميقا لنقل جوهر الأحداث وحقيقتها.
ثلاثة أعوام ونصف، مروا سريعا، فمنذ يناير 2014، والذي شهد التحاقي بكتيبة «الوطن» الجريدة، كما كان شاهدا على عددٍ من الأحداث المصيرية في «الوطن الأم» مصر، أبرزها ثورة 30 يونيو وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وما تبعها من مظاهرات لأنصار جماعة الإخوان، وأحداث العنف التي تلت فض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة»، وهو ما ساهم بشكل أساسي في تدريبي كأحد أفراد فريق الموقع على إجادة العمل وإنجازه تحت ضغطي الوقت والدقة العالية في آن واحد.
كما ساهم عملي كأحد أفراد «خلية نحل الموقع» في إنماء مهاراتي الصحفية والعملية حتى أصبحت أدرك أهمية الخبر وحقيقته من عدمها بمجرد النظر إلى العنوان، دون الرجوع إلى أكثر من مصدر، الأمر الذي يمكن أن نطلق عليه «الحاسة السادسة» أو الخبرة والمهنية التي أصبحت جزءا أصيلا من حياتنا كصحفيين.
«السرعة والجديّة والدقة والتركيز والمصداقية» كلها مهارات انعكست على حياتي المجتمعية بشكل كبير، حتى لاحظها عليّ المقربون، بالإضافة إلى انحيازي للغة العربية وحبها، وهو ما يدفعني إحيانًا إلى إفساد مناقشات جادة لتصحيح كلمات وإعرابها، لتلاحقني عبارات مثل «بلاش شغل الصحفيين ده» و«متغيريش الموضوع حضرتك».
وأخيرا، لا شك أن للعمل الجماعي مزايا مهمة تنعكس على الصفات الداخلية للفرد، وتزيد من ثقة المرء بنفسه، وتساعده على أن يصبح أكثر قدرة على تطوير نفسه من خلال التعلّم الذاتي والمشاركة مع الآخرين. أما بالنسبة للعمل في مهنة الصحافة ـ فرغم مشقته ـ إلا أنه يروق لأصحاب المبادئ والأخلاقيات والقادرين وحدهم على قبول التحديات المهنية في جمع وتحليل الأخبار والتحقق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور، فهي مهنة تحتاج إلى من يكرس جُل وقته لممارستها. وأن يفهم المغزى الاجتماعي لمهنته، ومسؤولياته تجاه الجمهور الذي يوجه له كتاباته.