لم تعُد مصر، بأوضاعها المتردية وبانقسام مجتمعها، قادرة على تحمل تكلفة رئاسة تفتقد الكثير من الكفاءة إن لم تكن تعدمها بالكامل. فبجانب انهيار الشرعية الأخلاقية والديمقراطية للرئيس المنتخب ومسئوليته بسياساته الخاطئة عن انقسام المجتمع، كما فصلت أكثر من مرة، تلحق الكفاءة الغائبة للرئاسة الخطير من الأضرار بالمصالح الوطنية وبحقوق وفرص الأجيال الحالية والقادمة من المصريات والمصريين. وللمواطن غير المقتنع بعد بضرورة الإنهاء الديمقراطى لرئاسة الدكتور محمد مرسى الفاشلة عبر انتخابات مبكرة، أسوق ثلاثة نماذج كارثية من واقع عام الرئاسة المنصرم.
من جهة أولى، غابت الكفاءة عن إدارة الرئيس المنتخب وحكومته للمفاوضات مع صندوق النقد الدولى بهدف الحصول على قرض لاحتواء الأزمة الاقتصادية والمالية فى مصر. بعد عام من الاجتماعات فى القاهرة وواشنطن (مقر صندوق النقد الدولى) لم يصدر لا عن الطرف المصرى ولا الطرف الدولى ما يفيد بقرب توقيع اتفاق القرض، ولم يصدر عنهما كذلك ما يثبت توصلهما إلى ملامح توافق حول البرنامج الاقتصادى والاجتماعى المرتبط بالقرض. وخلال العام الماضى تحدث ممثلو الرئاسة والحكومة بمضامين متفاوتة أحياناً ومتناقضة أحياناً عن القرض وأخفقوا فى التواصل مع الرأى العام بشفافية بشأن ضروراته ومحظوراته.
من جهة ثانية، ومع تحييد المحتوى الاستبدادى للكثير من سياساته وقراراته، غابت كفاءة إدارة الشأن العام والتنفيذى عن مجمل فعل الرئيس المنتخب.
تشكيل بائس لحكومات هشام قنديل المتعاقبة، أكثر من حركة للمحافظين أشد بؤساً، أجهزة تنفيذية عاجزة وعلى عجزها تؤخون، أزمات اقتصادية واجتماعية وأمنية متراكمة بلا حل أو بدايات حل لشعب طالت معانته، وغير ذلك كثير.
استبداد الدكتور محمد مرسى هو استبداد معدوم الكفاءة ومرتفع التكلفة لسوء إدارة شئون البلاد، ومحاولة جماعة الإخوان احتكار الدولة والمجتمع هى فى محدوديتها أقرب لطبائع البرجوازية الصغيرة وثيقة الارتباط بالتغول السريع
والمؤقت ودونما تفكير منظم فى سبل بناء احتكار طويل المدى.
من جهة ثالثة، تصاعدت خلال عام رئاسة الدكتور مرسى الفاشلة المنصرم التحديات للأمن القومى المصرى إن فى سيناء وتأمين حدودنا أو لجهة مياه النيل أو فى إدارة علاقات مصر الإقليمية والدولية للمصلحة الوطنية. على كافة هذه الأصعدة أيضاً، اتسم فعل الرئيس المنتخب ومستشاريه وحكومته بغياب الكفاءة وبالتداعيات الكارثية على مصر دولة ومجتمعاً. استباحة مستمرة لسيادة الدولة فى سيناء وتنامى تهديدات خلايا التكفير والعنف، اختراقات متواصلة للحدود وتسليح لمجموعات بعينها فى الداخل المجتمعى على نحو يرفع القابلية للعنف والاقتتال الأهلى، وإدارة متراخية لملف مياه النيل والسدود الإثيوبية عاجزة عن الدفاع عن المصلحة الوطنية، كل هذه هى تداعيات انعدام كفاءة الرئيس المنتخب فى التعاطى مع تحديات الأمن القومى خلال عام رئاسته المنصرم.
رئاسة بلا كفاءة لا تستحق الاستمرار.