استقالة جماعية مسببة لأربعة نواب من محافظة «جنوب سيناء»، تقدموا بها للدكتور «على عبدالعال»، رئيس مجلس النواب، فى أى دولة أخرى غير مصر كانت لا بد أن تزلزل هذه الاستقالة الجماعية «مجلس النواب»، لكنه محصن ضد الزلازل السياسية، يظل النائب فى عصمته حتى ينظر فى أمره ويقرر «تسريح بجرسة أم إمساك بقهر»!.
الاستقالة كما جاء فى نصها: (نحن نواب جنوب سيناء، جئنا بإرادة الشعب بانتخابات نزيهة تحت إشراف القضاء المصرى الشامخ، ونواجه مشكلة حقيقية مع الجهاز التنفيذى للمحافظة، تتمثل فى عدم التعاون لحل مشاكل المواطنين، والجهاز التنفيذى للمحافظة وضعنا فى موقف محرج أمام المواطنين فى دوائرهم، وصورنا كالعاجزين أمام أبناء دوائرنا الانتخابية)!.
وبعيداً عن الموقف الرسمى قالت النائبة «سارة صالح» عضو مجلس النواب عن حزب المحافظين، لعدة مواقع إخبارية، إن هناك سبباً آخر للاستقالة وهو تغول قيادات الشرطة بالمحافظة، على حد وصفها.. وأوضحت «صالح» أنها شخصياً كانت طرفاً فى مشادة حدثت بينها وبين أحد ضباط الشرطة بكمين الطور، حيث طلب منها الضابط هويتها فقدمت له كارنيه «مجلس النواب» لكنه تعامل معها بشكل مهين، وانتهت المشكلة بتدخل بعض قيادات القبائل.. إلا أنها فوجئت فيما بعد بطلب مقدم للبرلمان برفع الحصانة عنها للتحقيق معها بسبب تقدم الضابط الذى كانت قد تصالحت معه فى السابق بمحضر ضدها.
والحقيقة أن هذا سبب مؤلم ومهين، إلا أن المشكلة الأصلية أن أهالى سيناء، وبعض قبائل مطروح أيضاً، عانوا الأمرين خلال عهد «مبارك»، فلم يكن مسموحاً لهم بدخول الكليات العسكرية أو تملك الأراضى، وكان «قانون الطوارئ» يلاحق من يخرج من محبسه بعد حكم قضائى ليعتقله من جديد، ومع ثورة 25 يناير تمت مراجعة معظم هذه المواقف، إلى أن جاء المخفى «مرسى»، وتوسع فى منح الجنسية المصرية لآلاف الإرهابيين من حركة «حماس»، ثم أصدر بعدها حق تملك الأراضى فى سيناء دون شروط.. وهو إخلال سافر بضرورات الأمن القومى!
آخر ما لدىّ من معلومات أن الإدارة المصرية والقضاء أيضاً يراجعان موقف من تم تجنيسهم، دون ضابط أو رابط، لكن المأساة أن هؤلاء قد تزاوجوا من أهالينا فى سيناء، وسكنوا بين ضلوعنا ولم يتخل أى منهم عن ارتباطاته بالتنظيمات الإرهابية فكرياً وتنظيمياً، ولم يتوان عن تلبية القيام بأى عملية إرهابية ضد شعب مصر وجيشه وشرطته.. ولعل هذا يفسر طول أمد الحرب على الإرهاب فى سيناء، ويبرر أيضاً ما أسمته النائبة «تغول الشرطة»!.
أما النائب «نور سلامة»، نائب دائرة خليج السويس، فيقول: (إن المشاكل تفاقمت فى الدوائر، ويرفض المسئولون حلها، مثل مشكلة إثبات الجنسية التى أهانت مواطنى جنوب سيناء حتى يتملكوا أرضهم).. دون أن يفطن سيادة النائب إلى حساسية الأرض التى يتكلم عنها، والتى تقام عليها معظم المشاريع القومية، ناهيك عن أن بعضها مناطق حدودية والأخرى تشهد حرباً على الإرهاب، وتوجد فيها القوات المسلحة بكثافة.. وبالتالى فتملك الأراضى لا بد من مراجعته آلاف المرات خصوصاً فى حالة وجود جنسية مزدوجة.. وأهالى تلك المناطق يحصلون على الأراضى بنظام «حق الانتفاع»، وأعتقد أن هذا كاف حتى تتطهر البلاد من دنس الإرهاب.. كما أن القبائل تضع أياديها على معظم الأراضى هناك.
صحيح أن الحكومة تناقش مشروعاً جديداً لمنح الجنسية المصرية مقابل وديعة دولارية، لكن الجدل المثار حول هذا المشروع يؤكد حساسية الموقف.
نظام منح الإقامة والجنسية مقابل استثمار هو نظام متبع فى الدول العظمى، لكن بنظرة بسيطة لن تجد مواطناً من دول العالم الأول (أمريكا وأوروبا) يقدم طلباً للإقامة أو الجنسية المصرية، ومعظم مواطنى دول الخليج يدخلون مصر بدون «تأشيرة» ولهم استثمارات فى مصر بالمليارات، ولن يسع أى منهم للجنسية المصرية، لأن غالبية بلدانهم تشترط الاحتفاظ بجنسية الدولة الأم أو التنازل عنها للحصول على جنسية دولة أخرى! إذن لم يعد أمامك إلا أبناء العراق وليبيا وسوريا، وبينهم من لجأ وأقام فى مصر بالفعل واشترى ممتلكات وأسس شركات، أو السودان والصومال وغيرها.. وهؤلاء ليس لديهم ثروات يضعونها بالبنوك المصرية، ومصر مجرد جسر بالنسبة لهم لطلب اللجوء السياسى أو الدينى لإحدى الدول الأوروبية! عموماً لو خرج مشروع منح الجنسية المصرية الجديد من مجلس النواب فسوف تكون الضوابط والمعايير محكمة، عكس ما فعله المعزول «مرسى» بنا.. فمصر لا تفرط فى سيادتها الوطنية ولا تؤجر أرضها من الباطن.
نعود إلى مشكلة أهالى سيناء، فرغم أننى أناصر كافة حقوق أهالى سيناء إلا أن مشكلة تملك الأراضى شائكة ومعقدة، بعد أن أصبحت معظم البيوت مسكونة بأغراب (إرهابيين)، ومفتوحة على أنفاق (شمال سيناء).
«اثبت أنك مصرى» من أبوين وجدين مصريين، وأنك لا تحمل إلا الجنسية الأم «المصرية» ثم طالب بحق تملك الأراضى.. ولا تلم أى جهة أمنية على ما تراه تعنتاً ونراه نحن واجباً.. لأن ضرب السياحة والاقتصاد وتعثر جهود التنمية كلها مآسٍ توطنت فى بلادنا بضربات إرهابية تتحصن خلف شرعية جواز السفر المصرى.