لا أعتقد أن صمت الحكومة على الهجوم العنيف والتشكيك المزعج فى مشروع المليون ونصف المليون فدان، صمت مقصود! فلو كان كذلك فهو يؤشر إلى تخليها «الحكومة» عن واحد من أهم المشروعات القومية للولاية الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسى.
فى الواقع عايشنا حملات عنيفة على مدار الأسبوع الماضى ضد المشروع من بعض وسائل الإعلام وفى بعض المقالات، وهى حملات مثيرة لأنها طعنت فى جذور المشروع وممكنات تنفيذه.
اللافت أن الحملات طعنت فى محورين متناقضين؛ الأول أن المشروع فاشل وغير قابل للتحقيق، ولم يخضع لدراسات جدوى، وأن المشروع لن يحقق جدواه إلا إذا تم توزيع الأراضى على كبار المستثمرين ورجال الأعمال وليس على شباب الخريجين أو تلك الشركات التى يؤسسها الشباب.
فى المقابل جاء صمت الحكومة مدهشاً ومثيراً، فهل المشروع فاشل فعلاً؟ وهل لم يخضع لدراسات جدوى؟ وهل تعرضنا لخدعة؟ أم أننا أمام حملة من رجال أعمال لاقتناص المشروع واختطافه كما هى العادة فى الابتزاز الحاصل استغلالا للظروف والأوضاع السائدة؟ أم أن الحكومة متواطئة مع رجال الأعمال ولا تهتم بمبدأ إدماج الشباب فى المشروع.
الواقع أن كلمات بسيطة للسيد الرئيس «السيسى» كانت كفيلة بانطلاق هذه الحملات فيما يشبه «التلكيك»، ففور ملاحظته فى مؤتمر الإسماعيلية عن تضارب بين وزارتى الزراعة والرى، اعتبر البعض من المشككين فى المشروع أنها بداية تحميل الحكومة للمسئولية، فى حين اعتبر البعض الآخر أن هذه التصريحات تكشف عن عدم إخضاع المشروع لأى دراسة جدوى.
المثير أن الحكومة التى تجاهلت كل شىء أعلنت فجأة عن إضافة 600 ألف فدان للمشروع فى 11 منطقة نظراً للإقبال الكبير على المشروع، حيث بلغ عدد الطلبات 770 ألف فدان بالمغرة و534 ألف فدان بالفرافرة، لكن الحكومة وهى تعلن ذلك لم تقدم أى رد أو نفى لحملات التشكيك فى المشروع.
هل لم تنتبه الحكومة إلى هذه الحملات؟ وهل لم تسمع بتلك الاتهامات العنيفة والانتقادات بالغة القسوة؟ وهل لم يلفت نظرها تشويه سمعة سياساتها واتهامها بالفشل؟ وهل لم تلتفت الحكومة لتأثير ذلك على نفوذها فى أوساط الرأى العام ومصداقيتها؟ وهل لا تهتم الحكومة بتقديم تطمينات لمن بدأ أو يرغب فى الانضمام للاستثمار فى هذا المشروع أو للرأى العام فى شأن ما تم إنفاقه من مال عام حتى الآن؟
الناس الآن تتساءل عن حقيقة هذا المشروع وما سمعناه وما شاهدناه وهل كانت كل هذه الأمور خدعة؟! الناس تتساءل: أين رد الحكومة؟ هل هم هؤلاء الذين شاهدناهم عبر وسائل الإعلام، وهم أضعف وأعجز عن الرد على الاتهامات والانتقادات والتشكيك فى المشروع والتى تسعى للانتقاص من شعبية الرئيس بين أنصاره؟
متى سترد الحكومة على هذه الحملات؟ ومن سيتحمل مسئولية انسحاب الناس من المشروع بسبب صمت رسمى جعل من الناس فريسة للحيرة واليأس.