«ياميش وفوانيس رمضان» على الأرصفة.. والتكاتك فى الشارع والمواطنون: مش عارفين نمشى
الباعة بدأوا فى عرض المنتجات الرمضانية من بلح وياميش فى الطرق وعلى الأرصفة استعداداً لشهر رمضان
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يبدأ التجار والباعة افتراش الطرق والأرصفة لعرض منتجاتهم الرمضانية من بلح وياميش، احتفالاً بقدوم الشهر الكريم، «الوطن» ترصد أحد المظاهر الرمضانية التى يستغلها الباعة الجائلون وحتى أصحاب المحال فى احتلال الأرصفة وحتى حرم الطرق لفرش بضائعهم، ما يؤدى إلى حالة من الزحام وتكدس مرورى فى شوارع «الجيزة والقاهرة».
الباعة يفترشون «كوبرى الساحل».. ومشاجرات بين المارة والتجار على أماكن الوقوف فى «المعتمدية»
وفى شارع إيران بمنطقة الدقى، اعتاد سليمان أحمد سليمان 30 عاماً، موظف بإحدى الشركات فى المنطقة، على رؤية هذه الفوضى طوال عامين ماضيين، لكنه يقول إن المنطقة تزداد ازدحاماً وفوضى بدءاً من النصف الثانى من «شعبان» استعداداً لقدوم الشهر الفضيل، إذ تزداد كميات السلع المعروضة على الأرصفة إلى أضعاف، بشكل فوضوى يصعب معه التحرك على الأرصفة والشوارع: «الناس بتسكت علشان بتقول ده شهر رمضان الكريم، واحنا شعب إنسانى إلى حد كبير، بس فى الأول وفى الآخر ده مشهد فوضوى وغلط، لازم يتصلح ونبقى ملتزمين، الشهر الكريم ده مش لازم نلصق بيه الفوضى والمخالفات والتعديات على حرم الطريق»، وأضاف «سليمان» لـ«الوطن» أن «الشعب المصرى يستغل المناسبات السعيدة والجميلة فى إحداث تعديات على حقوق الغير، وما يجرى من فرش مواد غذائية متعلقة بشهر رمضان مدة تزيد على شهر كامل، هو استغلال مناسبة طيبة لإحداث تصرفات سيئة، قد تسىء لهذه المناسبة السنوية»، وأشار «سليمان» إلى أن «الشعب بطبعه لا يحب إيذاء الناس فى عملهم وتجارتهم حتى لو كان التاجر يتعدى على حقوقهم فى السير بالشارع دون مضايقات أو حواجز»، معلقاً: «حتى لو الواحد شاف البلدية جت وبتقلب البضاعة وتحمّلها على العربية والمشهد بتاع البلدية ده، بنقول حرام أكل عيش الناس يترمى فى الأرض ويتبهدل»، وتابع قائلاً: «أنا أرفض هذه الظاهرة تماماً ولو كانت مرتبطة برمضان فقط لازم ننظم الشارع ويبقى فيه إشراف من قبل أى جهة مسئولة واللى فى الغالب بتكون الحى والمحافظة، فحتى لما بنلاقى قدامهم سيارة شرطة أو مرور مش هتتدخل لأنه مش اختصاصه، ده اختصاص الحى»، مستنكراً دور الحى فى التعامل مع هذه الظاهرة، بأنه «يصمت تماماً» أمام أى تعدٍ والدليل هو استمرار التعدى طوال شهر رمضان، وحتى قبل أو بعد رمضان نشاهد تعديات موجودة على حرم الطريق إما من الباعة الجائلين أو من أصحاب المحلات باستغلالهم مساحات ليست مملوكة لهم أمام محالهم، وطالب «سليمان» الحى بالتدخل لتنظيم ظاهرة شوادر ياميش رمضان، بتخصيص مكان يجتمع فيه تجار هذه السلع، على أن يقوموا بدفع «رسوم» نظير توفير المكان لهم وحمايتهم بارتكاز سيارة شرطة لحماية هذه المنطقة والإشراف الأمنى داخلها، قائلاً: «الحى مطنش جداً، يعنى لو خصص مكان ليهم وعندهم أماكن كتيرة فاضية، وعمل شادر كبير ودفعوا رسوم، مش كده هيحكموا المسألة، وبرضه هايبقى رمضان الكريم جه ومعاه المظاهر المبهجة بتاعته بالعكس حاتكون منظمة وشكلها أحلى».
المواطنون: الأحياء «مطنشة».. ونائب محافظ الجيزة: نقوم بحملات ولابد من إيجاد حلول أخرى
وفى شارع المعتمدية بمنطقة أرض اللواء فى الجيزة، لا يجد المارة مكاناً للعبور وسط الشارع الذى يصل عرضه إلى 7 أمتار، بينما لا يحصلون منه سوى على 4 أمتار تقريباً تزاحمهم فيها السيارات والدراجات النارية و«التكاتك»، حيث يفرش أحد المحلات الشهيرة بالشارع عدداً من الأجولة المملوءة بالبلح والمكسرات، بينما يقابله من الجهة الأخرى محل آخر يخرج بطاولة كبيرة تصل إلى أكثر من متر فى عرض الشارع واضعاً عدداً من الفوانيس الخشبية والبلاستيكية وألعاب الأطفال التى تغنى أغانى رمضانية، لتظل المعاناة هى السمة البارزة لمن أراد العبور فى هذا الشارع.
وقالت «سيدة محمد»، فى العقد السادس من عمرها، إنها أحد المتضررين من التعديات فى هذا الشارع بدعوى موسم رمضان وخروج البضائع إلى حرم الطريق المزدحم أساساً بـ«التكاتك» والسيارات، مشيرة إلى أن هذا الشارع الأشهر فى منطقة أرض اللواء وهو تجارى به محال لبيع الملابس والأغذية، وأنها تضطر إلى اللجوء إليه يومياً لشراء ما يلزم أسرتها، موضحة أن فرش البضائع فى الشارع يسبب الكثير من المشاجرات بين المارة وأصحاب المحال المتعدين على حرم الطريق: «يعنى أنا دلوقتى لا لاقية رصيف أمشى عليه، ولا عارفة حتى أمشى فى الشارع المعمول للعربيات، ولو خبطت أى بضاعة مفروشة ووقعتها غصب عنى بالشنطة اللى فى إيدى، أبقى غلطانة وببهدل حاجات الناس وأوقعها فى الشارع، وقفت من يومين أزعق مع واحد فارش فوانيسه بره ووقعت له فانوس لما الشنطة بتاعتى خبطته، يعنى أنا أقصد، هاخلى بالى من التكاتك اللى العيال سايقينها وبيجروا والعربيات ولا هاخلى بالى من الفوانيس اللى طالعة لنص الشارع!»، وأوضحت «سيدة» أن «كل موسم رمضان يعانى الشارع من الاختناق والزحام الشديد، بسبب التعديات التى يقوم بها أصحاب المحال، فى غياب مسئولى الحى»، مشيرة إلى أن أصحاب المحال يقلدون الباعة الجائلين ويفترشون عربات خارج محالهم، رغم أن لهم مساحات بالداخل يعرضون عليها بضاعتهم: «إيه الحكمة إنهم يفرشوا بضايعهم لنص الشارع ما أنا عارفة كل مكان بيبيع إيه واللى هحتاجه بس هو اللى هشتريه». وعلى منزَل «كوبرى الساحل» المتجه مباشرة إلى شارع عبدالقادر طه فى منطقة روض الفرج، تتراص كميات كبيرة من أجولة البلح، بل حتى على أرصفة أطراف الكوبرى، بينما تتوافد أعداد كبيرة من الناس لشراء ياميش رمضان معرضين حياتهم للخطر بالوقوف مباشرة على منزل كوبرى لا يهدأ من كثرة السيارات العابرة عليه.
واستنكر «إبراهيم. م» حالة الفوضى التى تشهدها منطقته، قائلاً إنه أحد أبناء المنطقة ويعمل حارس عقار أمام كوبرى الساحل، مشيراً إلى أن أعداداً كبيرة تأتى لتفترش الأرصفة على منزل الكوبرى ما يخلق زحاماً وتكدساً شديداً مع توافد المواطنين وسد منزل الكبرى، وأن الزحام يبدأ بعد الساعة الرابعة وحتى نهاية الليل تشهد المنطقة حالة من الزحام والضوضاء الناتج عن آلات التنبيه ونداء البائعين، ولفت «إبراهيم» إلى أن «غالبية البائعين ليسوا من المنطقة وأنهم مقبلون من الصعيد ويقوم كل صاحب محل أو شونة غلال بالاتصال بأقاربه ليأخذوا موقعاً أمام محالهم، وأنه لا يمكن لأى غريب أن يأتى إلى هذه المنطقة إلا إذا كان من طرف أحد أصحاب المحال أو الشون الموجودة»، لافتاً إلى أنه تحدث يومياً مشاجرات على الأماكن بين البائعين أنفسهم، وأن كل منهم يحتاج إلى توسيع رقعته على الأرصفة وفى حرم الطريق، دون أدنى اهتمام بحقوق المارة.
من جانبه قال اللواء محمد الشيخ، سكرتير عام محافظة القاهرة، إن «المحافظة تلقت مقترحاً بأكثر من 18 موقعاً تم اختيارها بمعرفة رؤساء الأحياء لإقامة «سويقات» عليها لتجميع الباعة الجائلين من الأحياء، موضحاً أن المحافظة تسعى جاهدة لإنهاء أزمة الباعة، وأنه تم اختيار ١٠ أماكن بصورة مبدئية فى عدد من الأحياء لإقامة تجمعات لمشاريع الشباب، وتمت مراعاة قربها من تجمعات سكنية وألا تتسبب فى إعاقة الحركة المرورية وجار إعدادها حالياً، ومنوهاً إلى أن هناك تعليمات لرؤساء الأحياء لتحديد الأراضى المخصصة لإنشاء «سويقات» لتجميع الباعة الجائلين بها بأحياء القاهرة المختلفة، على أن يكون للموقع المختار أكثر من محور لكى يسهل الوصول إليه، مع ضرورة توافر إنارة كافية به، وأن تقام «السويقة» بنظام المنشآت الخفيفة، ويكون لها مجلس أمناء يديرها، مشكل من أجهزة الحى التابعة له وممثلين عن الشاغلين، وأضاف «الشيخ»: «سيكون للسويقات مسئول عن تحديد القيمة الإيجارية للوحدة، سواء يومية أو شهرية أو سنوية، وطبيعة النشاط الملائم للعمل داخلها ومتابعة صيانتها يومياً أولاً بأول على غرار إدارة سوق العبور، ووضع نظم التشغيل المختلفة لإدارة السويقة طبقاً لطبيعة الحى والموقع»، وأشار إلى أنه يتم العمل بإنشاء «السويقات» بواقع سويقتين فى كل منطقة من مناطق القاهرة الأربع فى الأماكن الأكثر احتياجاً، وتوفير قطع الأراضى المناسبة بالأحياء.
فيما قال اللواء علاء هراس، نائب محافظ الجيزة، إن «المحافظة تقوم بحملات مستمرة للتصدى للباعة وإخلاء الأرصفة، ولكن الباعة يعودون مجدداً»، مؤكداً أنه «لا بد من إيجاد حلول جذرية وعدم السماح بوجود الباعة على الأرصفة أو بنهر الشارع، علماً بأن عدداً كبيراً من الباعة يأتون من محافظات أخرى ولا بد من التصدى لتلك الظاهرة بحسم».