«رئيسى» يهدد طموح «روحانى» بولاية ثانية.. والشرق الأوسط لا يلتفت إلى نتائج الانتخابات
إيرانيون يستعدون لاختيار رئيس جديد لإيران
يتوجه اليوم الناخبون الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس لولاية جديدة مدتها 4 سنوات، من بين 4 مرشحين بعد أن كانوا 6، لكن واقعياً فالمنافسة محسومة بين الإصلاحى الرئيس الحالى حسن روحانى فى مواجهة منافسه الشرس رجل الدين والقضاء المحافظ إبراهيم رئيسى، الذى أشارت استطلاعات رأى محلية إلى ترجيح كفته، وكان 6 مرشحين وصلوا إلى خوض السباق الانتخابى، إلا أن المحافظ البارز محمد باقر قاليباف أعلن الانسحاب الاثنين الماضى ودعم «رئيسى»، وأعلن مصطفى ميرسليم الانسحاب ودعم «رئيسى» فى المقابل أعلن نائب الرئيس والإصلاحى البارز إسحق جهانجيرى انسحابه الثلاثاء وتقديم الدعم لـ«روحانى»، لتكون المنافسة التقليدية بين الإصلاحيين والمحافظين.
مرشح «الجبهة الإسلامية» يتسلح بالحرس الثورى وعلاقته بالمرشد.. واستطلاعات رأى محلية: تأييد الرئيس الحالى تراجع لصالح «رئيسى»
ويدخل «روحانى» الانتخابات هذه المرة متسلحاً بالتفاف واسع للإصلاحيين حوله، خاصة الرئيس الأسبق محمد خاتمى، إلى جانب ما حققه على الصعيد الاقتصادى بعد إبرام الاتفاق النووى مع الغرب، ورفع عدد من العقوبات والقيود الاقتصادية على البلاد، لكن فى الوقت ذاته لم يحقق كثيراً من وعوده الاقتصادية، أبرزها المتعلقة بارتفاع معدلات البطالة التى تقترب من نحو 12%. على الجهة الأخرى، فإن «رئيسى» يتسلح بعلاقته الجيدة مع المرشد الأعلى على خامنئى، وقربه من أوساط الحرس الثورى الإيرانى، وعدم تحقيق جانب كبير من النتائج الاقتصادية المتوقعة للاتفاق النووى. ويمثل «رئيسى» اتجاهاً شعبوياً، إذ يقدم نفسه باعتباره «نصيراً للفقراء»، فيؤكد أن فقراء إيران لم يستفيدوا من الاتفاق النووى، كما أنه يعتمد فقرة «اقتصاد المقاومة»، الذى يقوم على الجهود الداخلية بعيداً عن الاعتماد والانفتاح على الغرب.
وتراجعت نسبة التأييد لـ«روحانى» أمام منافسه «رئيسى» قبل أيام معدودة من الاستحقاق الرئاسى فى البلاد، وفق وكالة أنباء فارس الإيرانية، التى أشارت استناداً إلى نتائج استطلاع للرأى، إلى أن أكثر من 71% من الناخبين الإيرانيين يعتزمون المشاركة فى اقتراع اليوم، وقال 47.9% منهم إنهم سيصوتون لصالح «رئيسى»، فى حين أعلن 44.8% منهم عن تأييدهم لـ«روحانى»، وفق ما نقلت قناة «روسيا اليوم».
أصوات السُنة منقسمة.. وعرب الأحواز: الانتخابات لا تعنينا.. وخبراء: سياسة «طهران» الخارجية لن تتغير فالكلمة الأولى والأخيرة لـ«خامنئى»
وتغيرت المعادلة الانتخابية فى إيران بشكل خطير بعد أن قرر محمد باقر قاليباف، المرشح المحافظ الآخر، الانسحاب من السباق الرئاسى، ودعا أنصاره لتأييد «رئيسى»، واعتبرت الوكالة أن انسحاب «قاليباف» أدى إلى تقلص ملحوظ لعدد الناخبين المترددين من 17% إلى 8%، وتوقعت الوكالة أن انسحاب المرشح الإصلاحى إسحاق جهانجيرى من الانتخابات لصالح الرئيس الحالى لن يرفع تأييد الناخبين لـ«روحانى» إلا بقدر 2% تقريباً. من جهة أخرى، يرى بعض المراقبين أنه لن يحصل أى من المرشحين على نسبة تزيد على 50% من الأصوات، ما يستوجب إجراء جولة الإعادة بين المرشحين الاثنين الأوفر حظاً بعد أسبوع من الاقتراع الأول، وفق قناة «روسيا اليوم».
وقال الباحث المتخصص فى الشئون الإيرانية محمد عباس ناجى، إن «رئيسى يمثل تهديداً أو تحدياً حقيقياً لروحانى، الأخير فى انتخابات 2013 كان أمام 4 من المحافظين، الآن هو أمام واحد فقط، والمنافسون الآخرون تقريباً انسحبوا مثل قاليباف الذى لديه كتلة تصويتية كبيرة بلغت 6 ملايين فى الانتخابات الماضية»، وأضاف «ناجى» لـ«الوطن»: «من الواضح أن رئيسى مدعوم من المرشد الأعلى على خامنئى بدليل أنه عينه مشرفاً على العتبة الرضوية، وهو منصب مهم جداً فى إيران، ولكن خامنئى يكون حريصاً دائماً على أنه لا يبرز دعمه لأى من المرشحين، لكن مؤخراً انتقد خامنئى روحانى بسبب الموقف من مناهج التعليم الغربى». وقال «ناجى»: «من الصعب التكهن بمن الفائز، ولكن بالنسبة للمواطنين فربما ينتخبون روحانى حتى يكمل ما بدأه بخصوص البرنامج النووى، وروحانى لديه فرصة قوية للفوز، خاصة أنه قريب أيضاً من المرشد الأعلى، كما أن لديه خبرة سياسية كبيرة تجعله يتفوق على رئيسى الذى لا علاقة له بالسياسة مطلقاً». وبخصوص الموقف من قضايا الشرق الأوسط، قال «ناجى»: «قضايا الشرق الأوسط لن تتأثر، دول الشرق الأوسط أدركت أن هذه الانتخابات لا تأثير لها وأن الكلمة الأولى والأخيرة هى للمرشد الأعلى، وكل الرؤساء من ثوب واحد، لا أعتقد أن يحدث أى تغيير رئيسى فى السياسة الخارجية الإيرانية سواء أتى روحانى أو رئيسى».
ويتفق عضو مجلس الشورى السعودى السابق، اللواء حمد بن عبدالرحمن الحسون، مع «عباس» حول انعكاسات الانتخابات على قضايا الشرق الأوسط وعلاقات إيران بدول المنطقة، وقال السياسى السعودى، فى اتصال لـ«الوطن»: «منذ بداية حكم الخمينى فى إيران الذى بدأ منذ عام 1979، وفكرة تصدير الثورة وإشاعة الفوضى فى المنطقة مستمرة، وإن شهدت مداً وجزراً من رئيس إلى آخر»، وأضاف «الحسون»: «يحدث تأثير شخصى من بعض الرؤساء ويكون مؤقتاً، لأن النظام الإيرانى مبنى على تصدير الثورة، والمقصود هنا الاستيلاء على الدول المجاورة وإشاعة الفوضى الجديدة ونشر التشيع الإيرانى فى المنطقة والقضاء على السنة». وتابع: «وبالتالى، فأياً كان الفائز فإن نهج تصدير الثورة الإيرانية وإشاعة الفوضى سيستمر، وإن اختلف النهج بين السرعة والتريث، أنا لست متفائلاً من حكم العمائم فى إيران، والحقائق تثبت كل ذلك، والسعودية غضت الطرف عن حقائق كثيرة ومشكلات لإيران فقط من أجل رأب الصدع، لكن كلما بادرنا بالتسامح مع الإيرانيين زاد الأذى لنا منهم».
وبخصوص أصوات السُنة الذين يشكلون نحو 5 إلى 10% من سكان إيران، فلم يشكلوا كتلة موحدة تصويتية تجاه أى من المرشحين، فى ظل كثير من التقارير التى تؤكد تعرضهم للتمييز، إذ انقسمت الأصوات السنية بين «روحانى» و«رئيسى»، فاعتبر رجل الدين السنى البارز الشيخ مولوى عبدالحميد، وله أتباعه، أن «المناخ بالنسبة إلى السُنة بات يثير ارتياحاً أكبر»، منذ تولى «روحانى» الرئاسة فى 2013، مؤكداً أن معظم هؤلاء سيؤيدونه فى انتخابات اليوم. فى المقابل، أعلن عالم الدين السنى البارز مولوى نذير أحمد سلامى دعمه للمرشح إبراهيم رئيسى، واعتبر أن «روحانى» فشل فى تحقيق كثير من وعوده السابقة.
وحول موقف عرب الأحواز فى إيران الذين يطالبون بدولة مستقلة، قال الناطق باسم «الجبهة العربية لتحرير الأحواز» كمال عبدالكريم، لـ«الوطن»، إن «الانتخابات الإيرانية سواء الحالية أو غيرها لا تعنى بالنسبة لنا شيئاً، هى تعنى بالنسبة للإيرانيين ونحن لسنا إيرانيين، ولا تمثل لنا أكثر من آلية جديدة لقمع الشعب الأحوازى لا أكثر من هذا، والشعب الأحوازى غير معنى بها»، وقال «عبدالكريم»: «إذا أكمل روحانى ولاية ثانية أو فاز رئيسى، فلا يعنى ذلك أى تأثير فى شأن الأحوازيين، هو مجرد تغيير وجوه ولا اختلاف فى سياسة النظام الإيرانى، السياسة واحدة والنوايا واحدة والاحتلال واحد، لكن تغيير الوجوه مجرد ذر للرماد فى الأعين، من بداية سرقة ولاية الفقيه ثورة الشعوب إلى هذا اليوم وهم يتعاملون مع الشعوب الأحوازية والشعوب التى تقع ضمن جغرافية إيران تعاملاً كله ظلم وانتهاكات وقمع للحريات».